IMLebanon

حكومة ميقاتي قد تُولدُ غداً… وقد لا تُولدُ أبداً

 

دَخَلَ لبنان مرةً جديدةً من «حبْس الأنفاس» محمَّلةً بالشيء وعكْسه في ما خصّ اتجاهات الريح في ملف تشكيل الحكومة والتي ستتكشّف بحلول يوم غد ليتبيّن إذا كان «الفول سيصير بالمكيول» أم أن البلاد ستنكشف على… المجهول المعلوم.

وعاشت بيروت أمس أجواءَ محاولةٍ متجددة لإحداث خرق في جدار التأليف عبر الوسيط المعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وبمواكبة في الكواليس من «حزب الله»، ومن الخارج وتحديداً باريس التي فعّلت قناة التواصل الرئاسي مع طهران، كما من واشنطن عن بُعْد أكثر.

وجعلتْ هذه الدينامية أوساطاً عدة تفرط في التفاؤل بأن الساعات المقبلة الفاصلة عن يوم غد ستحمل الانفراج المطلوب، مرتكزة على تسريباتٍ بأن حقيبة الاقتصاد بُتتْ لمصلحة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بما يمنحه «بطاقة» الجلوس على الطاولة مع صندوق النقد الدولي عبر واحدة من وزارات التماس الخمسة مع المفاوضات المرتقبة حول رزمة إنقاذٍ من ضمن مسارٍ للتعافي المالي، وصولاً للإيحاء بأن مراسيم ولادة الحكومة قد تصدر الاربعاء لأن اليوم تنهمك البلاد بمراسم تشييع رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان في ظل حداد رسمي.

على أن أوساطاً مطلعة و«مجرَّبة»، بدت حذرة في مقاربة هذه الأجواء، معتبرة أن من المبكر الجزم بمآل المسعى الجديد الذي إن صحّ تفكيك عقدة الاقتصاد فإنه يبقى في طريقه أكثر من «لغم» ينبغي التثبت من أنه جرى تفكيكها وأبرزها:

• الثلث المعطّل ومَن يسمّي الوزيريْن المسيحيين، أو أحدهما، المكمّليْن لهذه «الورقة الذهبية» التي يؤخذ على فريق رئيس الجمهورية ميشال عون أنه يتعاطى معها على أنها بمثابة «افتح يا سمسم» لاستحقاقاتٍ مفصلية ليس أقلّها الانتخابات الرئاسية (خريف 2022) وضرورة التحسب لتكرار الشغور في كرسي الرئاسة وتالياً لوضْع الحكومة العتيدة «قبعة رئاسية» (ترث صلاحيات رئيس الجمهورية) يريدها صهر عون رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بما يضمن أن «كل الطرق توصل الى بعبدا».

• موضوع الثقة بالحكومة وهل سيوافق «التيار الحر» وكتلته البرلمانية على منْحها، وهو ما يشكّل أحد مرتكزات التسليم بحصة من 8 وزراء لرئيس الجمهورية استناداً إلى «وحدة الحال» بينه وبين حزبه والتي كان كرّسها فريق عون نفسه في تبريره أن يُعطى الأخير ما رَفَض أن يأخذه سلفه الرئيس ميشال سليمان وتحديداً لجهة أنه يتكئ على كتلة هي الأكبر مسيحياً وعلى مستوى مجلس النواب، وهو ما يجعل خصومه يعتبرون أن رفْض إعطاء الثقة يشكّل ازدواجية يضع معها فريق ممثَّل في الحكومة رِجلاً في المعارضة وأخرى في الموالاة، ناهيك عن أنه يجعل التشكيلة تنطلق بلا «ثقة» مسيحية.

• صيغة الثلاث ثمانيات في حكومة الـ 24 التي يُبْدي «التيار الحر» تحفظاً كبيراً، قديماً – جديداً، عنها بوصْفها إشارة لمثالثة مقنّعة على قاعدة حصة وزارية يشكّل رافعتها السنّة وثانية الشيعة وثالثة مسيحيون، في حين أن الحكومة تتألف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وهو ما يطلّ تلقائياً على موضوع الثلث المعطّل الذي يصبح وفق هذه المعادلة «نتيجة» وليس «هدفاً» في ظلّ عدم مشاركة «القوات اللبنانية» في الحكومة.

ولاحظت هذه الأوساط أن الضخ الإيجابي الذي حصل أمس يبقى دونه بت هذه النقاط، متوقفة في الوقت نفسه عند حرْص قريبين من رئيس الجمهورية على تأكيد «هناك أجواء ولادة حكومة» بالتوازي مع الكلام عن أن عدم التأليف يعني أن ثمة مَن لا يريد حكومة وعندها «لدينا خيارات عدة بينها الاستقالة من مجلس النواب»، في موازاة إبقاء ميقاتي ورقة حكومة الـ 14 وغالبيتها من الأقطاب مصلتةً بحال أُجهضت «الخرطوشة الأخيرة» التي تمثّلها وساطة اللواء ابرهيم، لا سيما أن موضوع الاعتذار وإن كان مطروحاً بالتأكيد إلا أنه يُقاس في توقيته على سلّم ما قد يحدثه من اهتزازاتٍ كبرى سياسية ووطنية.

وبحسب هذه الأوساط فإن «حزب الله» الذي يعلم أن إيران تحبّذ تشكيل حكومة في لبنان، إلا أن حدود ضغطه في هذا الملف تبقى محكومةً بعدم رغبته في خسارة الحليف والغطاء المسيحي، متوقفة في هذا الإطار عند الإشارات الإيجابية التي أطلقتْها طهران تجاه باريس التي ما زالت تواكب عن كثب الملف اللبناني، وذلك خلال الاتصال الذي جرى الأحد بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره الإيراني إبرهيم رئيسي.

وبمعزل عن الإشارات «النافرة» التي حَمَلها ما نقله بيان الرئاسة الإيرانية عن مضمون الاتصال لجهة أن ماكرون نوّه الى «ضرورة التعاون بين باريس وطهران الى جانب حزب الله، من أجل بناء حكومة قوية وفاعلة في لبنان» وذلك بعدما كان رئيسي اعتبر «أن تشكيل حكومة قوية في لبنان ممكن عبر دعم إيراني وفرنسي ودعم حزب الله اللبناني»، فإن الأوساط توقفت عند ترحيب الرئيس الايراني «بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إيران وباريس» وإبداء «استعداد بلاده لبدء علاقات شاملة مع أوروبا انطلاقاً من فرنسا»، مع تأكيد «ان الشعب اللبناني يعاني اليوم من الحصار الاقتصادي المفروض عليه، وان فرنسا قادرة على ان تلعب دوراً لرفع هذا الحصار».

ووفق الأوساط عيْنها، فإن طهران تحاول «تسليف» باريس إيجابيات و«إغراءات» في محاولة مزدوجة لإبعادها عن الولايات المتحدة مستفيدة من «الأضرار الجانبية» للانسحاب من أفغانستان، وفي الوقت نفسه لـ «الوصول» إلى واشنطن وتالياً إلى تفاهم حول «النووي» الإيراني، ملاحِظة أن باريس ثبّتت حضوراً في العراق مدّججاً بالمعاني السياسية عبر عودة شركة «توتال – إينيرجيز» الفرنسية «من الباب العريض» إلى العراق باستثمارات تقدر بنحو عشرة مليارات دولار بفعل توقيع عقد قدرت الحكومة العراقية قيمته بـ27 مليار دولار
https://www.alraimedia.com/article/1552818/خارجيات/حكومة-ميقاتي-قد-تولد-غدا-وقد-لا-تولد-أبدا