IMLebanon

باسيل ينسف وساطة اللواء إبراهيم بتوقيع من عون

 كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط”:

كشفت مصادر سياسية مواكبة لمشاورات تشكيل الحكومة، عن أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل نسف الوساطة التي تولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لإخراج عملية تشكيلها من التأزم بتكليف من رئيس الجمهورية ميشال عون وبتزكية من «حزب الله» الذي ارتأى عدم التدخل مباشرة متعهداً في نفس الوقت بأن يشكل رافعة سياسية لإنقاذ وساطته.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اللواء إبراهيم كان قطع شوطاً كبيراً على طريق تذليل العقبات التي لم يبق منها سوى التفاهم على الاسم الذي ستوكل إليه حقيبة الاقتصاد، وأكدت أن عون أبدى مرونة لجهة إسنادها إلى شخصية من الطائفة السنية قبل أن يتراجع تحت ضغط باسيل ما أدى إلى الإطاحة بالفرصة التي كانت مواتية للإعلان عن التشكيلة الوزارية مساء الاثنين الماضي.

ولفتت إلى أن المعطيات السياسية كانت ترجح توجه ميقاتي إلى بعبدا للقاء عون تمهيداً لإعلان أسماء الوزراء والحقائب التي ستسلم إليهم، لكن تدخل باسيل أدى إلى تراجع الآمال المعقودة على ولادة الحكومة ولقي تجاوباً من عون الذي عاد وأصر على أن تكون وزارة الاقتصاد من حصته.

وذكرت أن عون رفض أن تتولى السيدة حنين السيد وزارة الاقتصاد، وقالت إن رفضه الاسم لا يعود إلى الاعتراض عليها وإنما لإصراره على هذه الحقيبة بخلاف موافقته عليها ما استدعى ميقاتي إلى طرح اسمها، وأكدت أن اعتراض عون جاء بطلب من باسيل لقطع الطريق على إحراجه بإظهاره على أنه من يعطل تشكيل الحكومة، ولتمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن وساطة اللواء إبراهيم وصلت إلى طريق مسدود ولم يعد هناك مبرر لتمديدها.

واعتبرت أن استجابة عون لطلب باسيل بنسف وساطة اللواء إبراهيم تدعم الاعتقاد السائد أن باسيل هو من يتولى المفاوضات، فيما قرر اللواء إبراهيم بملء إرادته الانسحاب من المشهد السياسي الذي يتحكم به رئيس الظل – أي باسيل – بتفويض من عون الذي لم يتردد في توفير الغطاء السياسي لوريثه لنسف هذه الوساطة بعد أن تمكن صاحبها من تحقيق إنجاز كان يُفترض بعون أن يتبناه بدلاً من أن يعيد مشاورات تأليف الحكومة إلى المربع الأول.

وتوقفت المصادر نفسها أمام قول عون أن اللواء إبراهيم تطوع مشكوراً في محاولة منه لتقريب وجهات النظر، وقالت إنها تستغرب أن يصدر مثل هذا الكلام عن عون الذي التقى مراراً اللواء إبراهيم في سياق تنقله بين بعبدا ومقر إقامة الرئيس المكلف، وسألت عون بأي صفة كان يستقبل إبراهيم ويعرض معه التشكيلة الوزارية التي سلمها إليه ميقاتي في اجتماعهما الثالث عشر في القصر الجمهوري ولا يزال ينتظر منه الجواب ليبني ميقاتي على الشيء مقتضاه؟

كما توقفت أمام قول عون أن باسيل لا يتدخل في التشكيلة الوزارية، وأن هناك من يلح عليه بالتدخل لتذليل العقبات، وسألت ماذا يقول للأطراف المعنية بتسريع ولادتها؟ وهل يصدق هؤلاء أن باسيل لا يتدخل بخلاف اعتقادهم المدعوم بالأدلة بأنه يقود المفاوضات بالنيابة عن رئيس الجمهورية الذي فوضه وأسند إليه هذه المهمة التي يفترض أن يتولاها عون شخصياً؟

وتابعت: هل إن كل هذه اللقاءات تعفي باسيل من تهمة تعطيل الحكومة كما يدعي عون بعدم مشاركته في مفاوضات تأليفها؟ لذلك لم ينجح عون في تبييض صفحة باسيل وتقديمه للرأي العام بأنه لا يتدخل في تشكيل الحكومة طالما أن المجتمع الدولي يحمله مسؤولية التعطيل مستفيداً من تفويضه له، تاركاً له القرار الحاسم في كل شاردة وواردة تمت بصلة إلى مشاورات التأليف، فيما سارع إلى نزع مهمة الوساطة عن إبراهيم بعد أن كاد ينجح في تذليل العقبات قبل أن يفتعل باسيل عقدة وزارة الاقتصاد وسارع عون إلى توفير الغطاء السياسي له؟

لذلك فإن ميقاتي لم يترك باباً إلا وطرقه لإخراج تشكيل الحكومة من التأزم وكان تعاطى بإيجابية مع وساطة اللواء إبراهيم التي قوبلت باستعصاء من عون بضغط من باسيل الذي يدعي أنه لا يتدخل في عملية تشكيلها.

ويراهن ميقاتي على أنه أكمل كل ما يتطلب منه ويترك للرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي إصدار أحكامه النهائية لتحديد الجهة التي تعطل تشكيل الحكومة بعد أن أحرق عون وبتحريض من باسيل كل الوساطات وكانت آخرها وساطة اللواء إبراهيم.

فهل يعيد عون النظر في حساباته أم أنه سيكرر مع ميقاتي نفس السيناريو الذي اتبعه مع سلفه الرئيس سعد الحريري ما اضطره للاعتذار عن تشكيل الحكومة مع فارق أساسي يعود إلى أن ميقاتي ليس في وارد الاعتذار، وهذا ما يحتم على عون وباسيل مراجعة مواقفهما بتسهيل مهمته، وإلا فإنه وإن كان يعطي الفرصة الأخيرة لعلها تنقذ تشكيلها، فإن ميقاتي لن يتردد بأن يتقدم من عون بتشكيلة وزارية قبل أن يقرر ملازمة منزله في حال أن باسيل وبالنيابة عن عون الذي يراقب ما يجري من دون أن يتدخل لتذليل العقبات قرر أن يوصد الأبواب نهائياً لتعطيل الجهود الرامية للإفادة من فرصة اللحظة الأخيرة أمام صدور التشكيلة الوزارية.

ويبقى السؤال: أين يقف «حزب الله» من تعطيل باسيل للحكومة، وهو من أوعز إلى اللواء إبراهيم بالتحرك في وساطته التي تلازمت مع تحرك مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا باتجاه عون – باسيل لحثهما على سحب الشروط التي يضعها الأخير، لكنه اصطدم بحائط مسدود لإصرار باسيل على أن تأتي الحكومة على قياسه؟ وماذا سيقول في رده على عدم تجاوبهما؟ وهل يكتفي بتوجيه اللوم، فيما ينأى بنفسه عن الضغط على باسيل كونه يشكل العقبة الأخيرة التي تؤخر ولادتها وبتوقيع من عون.