IMLebanon

اصلاحات بـ”التدريج”… وانقسام حاد حول الملف الانتخابي

رأى معنيون بالملف الإصلاحي، بأنّ الحكومة ترتكب خطأ قاتلاً إن سعت الى مقاربة عشوائية للملفات الإصلاحية، بل هي امام مسؤولية ان تقاربها بالتدريج، من الملف الأهم والأكثر ضرورة وإلحاحاً، إلى الملف المهمّ، بحيث تأتي العلاجات مدروسة وفي مكانها وزمانها الصحيحين.

وإذا كانت اولويات الناس محدّدة تلقائياً بمعالجة سريعة لملفات المحروقات والدواء وغلاء الاسعار، فإنّ اكثر الملفات الإصلاحية المطلوبة سريعاً، هو ملف الكهرباء، وتعيين الهيئة الناظمة لهذا القطاع ومجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان. وهنا يعتبر المعنيون بالملف الاصلاحي، أنّ الحكومة امام امتحان قدرتها على إصلاح جدّي لهذا القطاع، عبر تعيينات نزيهة تراعي الجدارة والكفاءة ومعادلة الشخص المناسب في المكان المناسب، او الخضوع للمداخلات السياسية والوقوع مجدداً في محاصصة في التعيينات. ومعنى ذلك سقوط الحكومة وفقدانها سبب بقائها، ومعنى ذلك ايضاً توجيه رسالة شديدة السلبية الى المجتمع الدولي، الذي يربط ثقته بالحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات كفوءة ونزيهة بعيداً من المحاصصة السياسية، وتراعي تطلّعات الشعب اللبناني.

وما يفرض التدرّج في الملفات الإصلاحية، هو الملف الضاغط والأكثر حساسية والمتمثل بالانتخابات النيابية التي تحدّد موعدها مطلع شهر أيار المقبل، أي بعد أقل من 8 أشهر. وهو ملف يُنتظر أن يُدرج على بساط المتابعة الداخلية في غضون فترة قصيرة، كبند يتصدّر كل الأولويات بحيث تتفرّغ له كل القوى السياسية والمدنية.

والمعلوم انّ ملف الانتخابات، هو ملف خلافي بين منطقين، يصرّ الأول على الإبقاء على القانون الانتخابي المعمول به حالياً. وينتصر لهذا القانون “التيار الوطني الحر” و”حزب القوات اللبنانية”، فيما يصرّ المنطق الثاني تعديل هذا القانون بوصفه الأسوأ في تاريخ لبنان، لارتكازه على مضمون يشوّه النسبية، وعلى صوت تفضيلي عمّق الطائفية والمذهبية، وينتصر لهذا التعديل جبهة سياسية واسعة يتقدّمها الرئيس نبيه بري.

وعلى ما تشير الوقائع المحيطة بالملف الانتخابي، فإنّ النقاش النيابي قد بدأ حول هذا القانون، بدءاً ببعض التعديلات الملحّة على القانون، مثل البطاقة الممغنطة التي ينص عليها القانون الحالي، ولحظ العمل بها في الانتخابات المقبلة، وهو امر لم يحصل، بالتالي يتوجب تعديل القانون من هذه الناحية، يُضاف اليها اقتراع المغتربين خارج لبنان، زيادة 6 نواب يمثلون الإغتراب، حيث انّ الظرف الاستثنائي الذي يعيشه لبنان يحول دون إجراء الانتخابات في الخارج لأسباب لوجستية ومالية، علماً انّ وزيرة الخارجية بالوكالة السابقة زينة عكر، كانت قد راسلت القنصليات والبعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج، لإبداء ملاحظاتهم على تجربة الانتخابات السابقة والمعوقات التي تعترض عملهم. يُضاف الى إعداد مراسلة ثانية لتسجيل الراغبين بالاقتراع في الخارج.

وكان الملف الانتخابي قد عُرض في جلسات للجان النيابية المشتركة، والنقاش العام حوله، أظهر انقساماً حاداً حوله، ما يعني انّ بلوغ صيغة جديدة للقانون الانتخابي يتطلب جلسات مكثفة للجان، الّا اذا اصطدم بصعوبات سياسية واخرى ميثاقية نسفت هذا النقاش، وجعلت القانون كما الانتخابات في مهبّ الاحتمالات السلبية.