IMLebanon

النفط الإيراني… والتآمر على سيادة لبنان! (بقلم رولا حداد)

ليس مهماً محاولة توضيح طهران بعد كلام الخارجية الإيرانية عن أن النفط أُرسل إلى لبنان بطلب من السلطات الإيرانية. ليست مهمة محاولة ترقيع هذا الكلام بالقول إن النفط أُرسل إلى تجار لبنانيين، فلا يوجد عاقل في لبنان أو حول العالم يظن أن نظام الملالي يقيم اعتباراً للدولة اللبنانية وللمؤسسات الدستورية وللسلطات الشرعية ولوجود رئيس جمهورية ورئيس حكومة وحكومة ووزير طاقة أو أي مسؤول.

من يرسل السلاح والصواريخ من دون حسيب أو رقيب، ومن يقيم معسكرات تدريب بإشراف ضباط من الحرس الثوري، ومن يأمر “حزب الله” بالقتال في سوريا والعراق واليمن وتنفيذ عمليات حول العالم، لن يأبه بطبيعة الحال بوجود هيكل دولة في لبنان وخصوصا بعدما أمعن في هدمه ليصبح مطواعاً بالكامل.

يستطيع الرئيس نجيب ميقاتي أن “يحزن” أو ان تنفي مصادره أن تكون حكومته طلبت نفطاً إيرانياً، ومفيد في الشكل أن يصدر مثل هذا النفي. ولكن ماذا ينفع كل النفي إزاء وقوف الحكومة والسلطة والجيش والأجهزة في موقف المتفرّج حيال الانتهاك الفاضح للسيادة اللبنانية ولحدود الدولة المستباحة عبر الصهاريج الإيرانية- السورية من سوريا إلى لبنان، تماماً كما كانت تذهب من لبنان إلى سوريا؟!

ماذا ينفع عجز كل السلطات أمام مشاهد إطلاق النار والقذائف الصاروخية “احتفالا” بوصول النفط الإيراني، في حين كان مثل هذا السلاح يحمي تهريب المحروقات اللبنانية إلى سوريا من أموال اللبنانيين؟

ولكن بعيداً عن تفصيل قضية النفط الإيراني التي تبقى عابرة رغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات، لأن الأميركيين ليسوا جادين في هذه المرحلة من التطورات في المنطقة بفرض عقوبات على الدولة اللبنانية بل يحاولون تقديم المساعدات لها، فإن الأساس يبقى في إحكام نظام الملالي سيطرته على لبنان ومؤسساته الدستورية، بدءًا من إيصال حليفه العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية في العام 2016 مروراً بالانتخابات النيابية الأخيرة التي فاخر بعدها قادة الحرس الثوري الإيراني بأنهم حصلوا على الأكثرية النيابية، وليس انتهاء بتضعضع خصوم إيران في لبنان وتشتتهم ما أدى إلى غياب أي جبهة موحدة تحمل مشروعاً حقيقياً لمواجهة الهيمنة الإيرانية.

بات لبنان يقبع تحت وطأة تواطؤ “غليظ” على سيادته، بين إيران القابضة على أنفاسه وفرنسا “التاجرة” التي قبضت عقوداً في العراق مقابل المساومة على سيادته، وبين تخاذل أبنائه كما في ابتعاد الإدارة الأميركية عن خوض مواجهة فعلية مع إيران…

هل يكون لبنان أمام مرحلة من التسليم الدولي لإيران بتولي شؤونه؟ الثابت والأكيد أن ليس فرنسا من تستطيع إعطاء مثل هذا التفويض، وأن الولايات المتحدة ليست حتى اللحظة بوارد منحه في انتظار اتضاح مسار ومصير المفاوضات النووية، وحتى لو قررت واشنطن التغاضي عما فعلته باريس فإن ولاية الرئيس جو بايدن تنتهي بعد 3 سنوات وهو حتما سيكون عاجزاً عن التمديد ما يجعل كل السيناريوهات ممكنة وعمر “الوصاية الإيرانية” إن وقعت سيكون قصيراً جداً. يبقى على اللبنانيين أن يعملوا لاستعادة سيادتهم الكاملة ليستحقوها!