IMLebanon

واشنطن مستاءة… وماكرون قد يعود الى بيروت!

الى ابعادها التجارية والمصالح والصفقات الدولية، تشبه علاقة واشنطن- باريس في شقها اللبناني راهنا ما جرى بين الرئيس سعد الحريري والمملكة العربية السعودية حينما ابرم مع الرئيس ميشال عون التسوية الرئاسية عام 2016. آنذاك وعد الحريري انه من خلال التسوية هذه سيليّن مواقف حزب الله ويعيده الى لبنانيته عن طريق حليفه التيار الوطني الحر، فكان ان تلقى الصدمة تلو الاخرى ولم يجنِ من التسوية سوى الخسائر التي عكّرت علاقته مع السند العربي القوي الى درجة القطيعة وأكثر… فخرج خالي الوفاض فيما كدّس الحزب الانتصارات مع وصول الرئيس عون الى قصر بعبدا وتحكمه بقيادة البلاد وصولا الى حيث هي اليوم، وبدل الحضن العربي، ارتمت السلطة السياسية بفعل التسوية تلك في حضن ايران ومازوتها المستبيح سيادة الوطن.

في سيناريو مشابه، تقمّصت باريس دور الحريري. مع اندلاع الازمة في لبنان في اعقاب ثورة 17 تشرين وانتفاضة الشعب ضد منظومة الفساد الحاكمة، ولا سيما في اعقاب انفجار 4 آب المشؤوم، تبرّع الرئيس ايمانويل ماكرون في بادرة حسن نية، وقلبه على لبنان الصديق والابن المدلل تاريخيا، بالدخول على خط الازمة لمحاولة انتشاله من الهاوية، وبعد تشاور مع واشنطن واقناعها بوجوب تفويضها المهمة على قاعدة “تدجين “حزب الله ولبننته مستفيدة من الظرف الشعبي الناقم على السلطة السياسية برمتها وحزب الله في الطليعة. لكن فرنسا، وبحسب ما تكشف اوساط دبلوماسية لـ”المركزية” في معرض قراءتها لما يجري بين باريس وواشنطن من توتر في العلاقات بعد تشكيل الحكومة في لبنان، لم تفهم ابعاد الرسالة الاميركية بدعم المبادرة الفرنسية وتفويض الرئيس ماكرون مساعدة اللبنانيين على تشكيل حكومة، وبدل التصرف وفق ما وعدت، قدمت تنازلات لايران وحزب الله لم تكن مضطرة لها، واستدرجت اليها على الارجح، الامر الذي خلف انزعاجا عارما ورد فعل اميركيا تجلى في الغاء صفقة غواصات عادية فرنسية بـ65 مليار دولار مع استراليا واستبدالها بغواصات نووية اميركية، واخرى لطائرات رافال كانت باريس عقدتها مع سويسرا.

وفي حين ادرجت واشنطن التعاطي الفرنسي مع لبنان في اطار الدعسة الناقصة، اذ عوض ان تطبق المبادرة بحذافيرها وتمنع تشكيل حكومة سياسية، لحزب الله الكلمة الفصل فيها، بدليل تعامي السلطة عن دخول الوقود الايراني الى لبنان بطرق غير شرعية، خضعت لقوى الامر الواقع وارتضت بحكومة لا تلبي اي من مطالب وشروط المبادرة، واكثر ذهبت الى ابرام صفقات مع الحزب وايران.

واذ تلمّح الاوساط الى زيارة للرئيس ماكرون الى لبنان بعد نيل الحكومة الثقة من دون تحديد موعدها بعد، للاعلان عن مشاريع تنوي فرنسا تنفيذها في قطاع الكهرباء والمرفأ وغيرها. والاعداد لمؤتمر دولي يعقد في بيروت تكملة لـ”سيدر” لتنفيذ المشاريع، واجراء اتصالات مع عدد من الدول التي شاركت في سيدر ومنها السعودية لمعرفة مدى استعدادها للمشاركة، تُدرج زيارة السفير السعودي وليد البخاري الى بلاده في سياق التشاور والعودة بجواب سعودي من المشاركة والموقف من الحكومة، بحيث، وفيما لو نجحت في ذلك، فإنها ترمم ما انكسر في العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية، وتثبت صوابية مواقفها وممارساتها ازاء ازمة لبنان.

ومع ان كثيرين باتوا يقرأون في تصرفات ادارة الرئيس جو بايدن انكفاءً وتراجعا عن قضايا منطقة الشرق الاوسط بدليل الانسحاب المفاجئ والخطير من افغانستان، فإن الاوساط تسخر من اعتقاد هؤلاء وتعميم نظرية ان اميركا كما انسحبت من افغانستان لصالح طالبان، فانها ستنسحب من المنطقة ومن لبنان تحديدا لصالح ايران وحزب الله. وتوضح ان لبنان ليس افغانستان، والنظرة الاميركية اليه تختلف بكل المقاييس عن تعاطي واشنطن مع افغانستان نظرا لموقعه الاستراتيجي على حدود اسرائيل. وللغاية فإن واشنطن لن تتركه ولا يمكن ان تتخلى عنه لا بل هي ماضية في دعم القوى الشرعية فيه وتحديدا الجيش اللبناني، وتقديماتها اليه ابلغ دليل، متحدثة عن خطوات عملية في مجال هذا الدعم سيتم الاعلان عنها قريبا، وربما زار بيروت مسؤول امني اميركي قريبا تثبيتا لهذا الموقف.

وتضيف ان واشنطن تستثمر في المؤسسات الامنية اللبنانية لاقتناع المسؤولين في البيت الابيض وسائر المقار الرسمية ان جيش لبنان قوي جدا ولديه عقيدة قتالية، لذا لا داعي للخوف من التحاقه بالمحور الايراني ففي لبنان شعب وجيش وارادة وطنية صافية وصامدة..