IMLebanon

“لا تراجع عن الثروة النفطية”.. عون: التهديدات الإسرائيلية هي الهمّ الشاغل للبنان

القى رئيس الجمهورية ميشال عون كلمة باسم لبنان امام الجمعية العامة للامم المتحدة، وهنأ “رئيس الجمعية العامة معالي السيد عبدالله شاهد على انتخابكم لرئاسة الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة وأتمنى لكم التوفيق في مهامكم خصوصاً في ظل السعي العالمي المتواصل للتعافي من تداعيات جائحة كورونا.”

وأضاف: “منذ عشرين عاماً، وقعت أكبر عملية إرهابية في قلب نيويورك سقط بنتيجتها آلاف الضحايا والجرحى وتركت آثاراً عميقة في الوجدان العالمي، وكان لها أيضاً تداعيات ضخمة على مستوى العالم، وحرب على الإرهاب أصابت أحياناً وخابت مرات أخرى.

دفعت شعوب عدة وخصوصاً في منطقتنا أثماناً غالية للحرب على الإرهاب؛ دفعت موتاً ودماراً وتهجيراً، وهي اليوم تلملم الجراح وتحاول النهوض كما سبق أن نهضت نيويورك، لأنّ إرادة الحياة تبقى أقوى من أي إرهاب، وهي لا شك تلاقي عنوان هذه الدورة “الصمود من خلال الأمل.”

وتابع عون: “مع تأليف الحكومة اللبنانية وفق الآلية الدستورية بعد أزمة سياسية طالت على مدى سنة ونيف، دخل لبنان مرحلة جديدة نسعى لتكون خطوة واعدة على طريق النهوض؛ والحكومة العتيدة تنتظرها لا شك تحديات كبرى داخلية ودولية لتنال ثقة الشعب وثقة المجتمع الدولي بعد أن نالت ثقة البرلمان اللبناني.

مر لبنان خلال السنتين الأخيرتين بأصعب أوقاته، بحيث انفجرت أزمات متلاحقة، منها الموروث والمتناسل، ومنها الطارئ، وقد طالت كل القطاعات.”

وأشار رئيس الجمهورية إلى أن “السياسات المالية والاقتصادية المعتمدة منذ عقود والقائمة على النمط الريعي، مضاف اليها الفساد والهدر المتأتي عن سوء الإدارة، وانعدام المحاسبة أوقعت لبنان في أزمة مالية ونقدية غير مسبوقة كان من نتائجها ضمور الاقتصاد وأزمة معيشية خانقة وارتفاع معدلات البطالة والهجرة والفقر”

التزمت الحكومة تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية الملحّة والمطلوبة، ومكافحة الفساد، ووضع خطة تعافٍ مالي في إطار استكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، تترافق مع خطة لتعميم شبكة الأمان الاجتماعي، وخطة إصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته حيث يلزم واستكمال تنفيذ خطة قطاع الكهرباء.”

وأردف: “بداية الإصلاحات كانت مع دخول التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان حيز التنفيذ بعد أن استكملت كل الإجراءات اللازمة، وسينسحب على كل الحسابات العامة. هذا التدقيق الذي التزمت أمام الشعب اللبناني والمجتمع الدولي بتنفيذه عملاً بمبادئ الشفافية والمحاسبة.

نحن، وإذ نعوّل على المجتمع الدولي لتمويل مشاريع حيوية في القطاعين العام والخاص من أجل إعادة إنعاش الدورة الاقتصادية وخلق فرص عمل، فإنّنا نعول عليه أيضاً في مساعدتنا على استعادة الأموال المهربة والمتأتية من جرائم فساد.”

ورأى عون أن “حروب المنطقة ساهمت في تفاقم أزماتنا، وخصوصا الحرب السورية، سواء من ناحية الحصار المفروض والذي حرم لبنان من مداه الحيوي أو من ناحية تمدد الإرهاب على أرضنا أو من ناحية تدفق الأعداد الضخمة للنازحين السوريين الى لبنان، وقد بلغت الأرقام حتى اليوم ما يتخطى المليون ونصف المليون نازح

لقد رفعت الصوت عاليا من على جميع المنابر وتحديدا منبر الأمم المتحدة بالذات عارضاً النتائج الكارثية المترتبة عن النزوح السوري على جميع النواحي اقتصادياً اجتماعياً صحياً وأمنياً، وناشدت المجتمع الدولي مساعدتنا على تأمين العودة الآمنة للنازحين وللأسف لم يستجب أحد لمناشداتنا، لقد استمر منح المساعدات للسوريين في أماكن إقامتهم في لبنان عوضاً عن إعطائهم إياها في وطنهم، مما يشجعهم على البقاء حيث هم.”

وناشد “المجتمع الدولي أن يساعد لبنان على تحمّل الأعباء المرهقة الناتجة عن أزمة النزوح ولكن عليه بالدرجة الأولى أن يعمل لعودة النازحين الآمنة الى بلادهم.

لبنان، الذي وضع خطة متكاملة لهذه العودة، يؤكّد موقفه الرافض لأي شكل من أشكال إدماج النازحين، كما يجدد موقفه الرافض لأي شكل من أشكال التوطين للاجئين الفلسطينيين انطلاقاً من ضرورة حل القضية الفلسطينية وفق القرارات الدولية ذات الصلة لا سيما تلك التي تضمن حق العودة.”

وعن التهديدات الإسرائيلية، أكد عون انها “الهمّ الشاغل للدولة اللبنانية، وآخر مظاهرها يتصل بالسعي الإسرائيلي للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها على الحدود البحرية، ولبنان يدين أي محاولة للاعتداء على حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة التي يتمسك بحقه في الثروة النفطية والغازية في جوفها، لا سيما وأن أعمال تلزيم التنقيب بدأت منذ أشهر ثم توقفت نتيجة ضغوط لم يعد مصدرها خافياً على أحد”.

وتابع الرئيس عون: “لبنان يطالب باستئناف المفاوضات غير المباشرة من أجل ترسيم الحدود المائية الجنوبية وفقاً للقوانين الدولية ويؤكد أنه لن يتراجع عنها ولن يقبل أي مساومة. ودور المجتمع الدولي أن يقف إلى جانبه، لقد ضرب وباء كوفيد-19 العالم بنتائجه الكارثية على الصحة والاقتصاد والتربية وسواها من القطاعات، أما في لبنان فكانت تداعياته أضعافاً مضاعفة لأنها زادت على أزماته أزمات ولمّا تزل.

السلطات اللبنانية المعنية والأجهزة الصحية تعاطت مع كوفيد-19 بحرفية وأبقت أرقام الإصابات ضمن الأطر المقبولة لكن التداعيات كانت صعبة على الاقتصاد والقطاع الصحي بظل نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات إضافة الى النزف البشري بميدان الطب والتمريض الناتج عن الهجرة لأسباب اقتصادية.

يُسجّل للبنان من ناحية التلقيح ضد كوفيد-19، أنه كان من الدول السباقة في هذا المضمار، وقد بلغت نسبة الملقحين حتى اليوم ثلاثين بالمئة، ونعمل لتتخطى الأربعين بالمئة في نهاية العام”.

وأضاف عون: “في خضم الأزمات المتراكمة في لبنان، جاءت كارثة انفجار مرفأ بيروت لتفاقم المعاناة، واليوم وبعد مضي أكثر من عام لا تزال عاصمتنا ساكنة معتمة ولا تزال مدينة منكوبة…

نريد لقلب وطننا أن يعود نابضاً، ونريد أيضاً أن يعود مرفأ بيروت مركز استقطاب”.

وشكر “كل المساعدات الإنسانية التي وصلت الى أهلنا، وتبقى الحاجة الملحّة اليوم الى مستلزمات إعادة الاعمار والانماء، ونرحب بأي جهد دولي لتأهيل وتطوير المرفأ وصولاً الى إعادة التشغيل الكامل له وفقاً للقوانين المرعية الإجراء”.

وشكر “التضامن الدولي مع عاصمتنا ومع شعبنا، الذي ساهم في بلسمة بعض الجراح، ولكن المساعدة التي تريدها بيروت أيضاً هي في ما قد يطلبه التحقيق لمعرفة الحقيقة إنفاذاً للعدالة. فعزاء أهالي الضحايا وبلسم آلام الجرحى لا يكتملان إلا بإحقاق العدالة

إن القضاء اللبناني يحقّق في مسبّبات انفجار المرفأ وظروفه، وفي المسؤوليات الإدارية، ولديه العديد من المدعى عليهم والموقوفين. ويبقى أن يظهر التحقيق، وهو لا يزال سرياً، من أين أتت المواد المتفجرة، ولماذا دخلت الى مرفئنا، ومن هي الجهة الحقيقية التي تقف وراءها”.

وسأل عون: “هل التقطت الأقمار الاصطناعية شيئاً لحظة تفجير انفجار مرفأ بيروت؟ “.

وتابع: “نحن نكرّر طلبنا من الدول التي تملك معلومات وبيانات تساعد التحقيق أن تمدّه بها عند الاقتضاء..

إنّ سير الأحداث واحتدام الصراعات في المحيط، يعيدان التأكيد على أهمية إنشاء “أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار”، وما نتوخاه منها على صعيد التواصل الانساني والحضاري

أزمات العامين المنصرمين في لبنان والعالم أدت الى تأخير استكمال الإجراءات المتعلقة بإنشاء “أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار” التي أطلقتها من على منبر الأمم المتحدة في العام ٢٠١٧، والتي حازت على دعم الجمعية العامة في العام ٢٠١٩ وبموجب القرار رقم ٣٤٤/٧٣

لقد تم تخصيص قطعة أرض واسعة قريبة من بيروت لاستقبال “أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار”، وبدأ إعداد الدراسات اللازمة لمباشرة أعمال البناء… وأدعو الدول الصديقة والشقيقة كافة للانضمام الى تلك التي أعربت عن رغبتها بتوقيع اتفاقية إنشاء الأكاديمية”.

وختم قائلا: “ان الصمود من خلال الأمل” الشعار الذي اخترتموه للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والسبعين، ليس عنواناً إنشائياً بالنسبة للشعب اللبناني بل هو حياة معاشة يومياً…

لم يحدث يوماً أن خبا أملنا كلبنانيين أو خفت نور رجائنا. وعلى الرغم من كل الصعاب والأزمات والمآسي التي تطوّقنا، فإن شعبنا يكافح من أجل غدٍ أفضل… ولبنان الذي يحاول بعناد أن يشق طريقه نحو التعافي يعوّل على التضامن الدولي معه لتحقيق أهدافه”.