IMLebanon

حذار تطيير الانتخابات! (بقلم رولا حداد)

ليس قانون الانتخابات الحالي الأمثل من أجل تأمين صحّة التمثيل الشعبي في لبنان المركّب والمتنوّع. وربما يصحّ القول إنه من المعقّد الاتفاق على قانون انتخابي يكون مثالياً في بلد تتداخل فيه العوامل الطائفية والمذهبية والحزبية والعائلية.

لكن الثابت وقبل كل شيء أن قدسية احترام المواعيد الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية تفوق بأهميتها بأشواط كل تنظير الدعاة لتعديل قانون الانتخابات، وخصوصاً أن هدفهم غير بريء ويكمن في محاولة تطيير الانتخابات من بوابة الدعوة إلى الاتفاق حول قانون جديد لإجراء الانتخابات على أساسه.

يذكر اللبنانيون جيداً أن قانون الانتخابات الحالي الذي أجريت على أساسه الانتخابات الأخيرة في العام 2018 استغرق التوافق عليه حوالى 8 سنوات من النقاشات المستفيضة وشد الحبال والتي أدت إلى تأجيل الانتخابات 3 مرات متتالية تحت حجج واهية، وبالتالي فإن أي دعوة اليوم للنظر في قانون الانتخابات قبل 7 أشهر من موعد الاستحقاق الدستوري إنما تحمل في طياتها رغبة دفينة بتأجيل الانتخابات حتى إشعار آخر، وتحديداً إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية يفضّل البعض إبقاء توازنات انتخابه في يد المجلس الحالي وتفادي أي تغيير في التوازنات داخل المجلس ما ينعكس حتماً على الانتخابات الرئاسية.

وإزاء ما يشبه استحالة تعديل القانون الانتخابي الحالي بسبب ضيق الوقت كما بسبب الضغط الدولي الهائل والصارم لإجراء الانتخابات في موعدها، يسعى البعض إلى محاولة إفراغ الانتخابات من هدفها الأساسي لناحية احترام إرادة الناخبين، وذلك من خلال السعي بوقاحة لمنع تصويت المغتربين اللبنانيين في بلدان انتشارهم كما حصل في الانتخابات الأخيرة، وخصوصاً أن الصوت الاغترابي أظهر أنه لا يصب في أكثريته الساحقة لمصلحة المنظومة الحاكمة، وذلك لأنه محرّر من عوامل عدة أبرزها الحاجة المادية إضافة إلى انعدام إمكانية الضغط عليه عليه عبر ممارسات السلطة التقليدية في الداخل، وهذا ما يجعل أصوات المغتربين الأكثر تعبيراً عن الإرادة الحرة، في حين يعاني المقيمون من الضغوطات الهائلة سواء نتيجة الانهيار المالي والأزمة الاقتصادية من جهة، وسواء نتيجة تعرّض قسم منهم لضغط ماكينات السلطة والأجهزة في الداخل.

رُبّ قائل إن القانون الحالي أعطى أكثرية نيابية مؤيدة لـ”حزب الله”، ولكن هذا الواقع لم ينتج عن القانون بحد ذاته بل عن تفكك معارضي الحزب بشكل مخزي وتفرّقهم في تحالفات هجينة. ولمن تخونه الذاكرة فإن انتخابات الـ2005 التي فازت فيها قوى 14 آذار بالأكثرية النيابية إنما تمت على أساس ما كان يُعرف بـ”قانون غازي كنعان” الذي ركّبه الاحتلال السوري في العام 2000 لتحقيق أهداف معروفة، ومنها كسر الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وبالتالي فإن نتائج أي انتخابات لا يحددها قانون الانتخابات مهما كان سيئاً، باستثناء القانون الأسوأ الذي يعتمد على لبنان كدائرة انتخابية واحدة ولو بنظام نسبي لأن نتيجته تكون مبنية على العددية الصرف، إنما النتائج تحددها عناوين المعركة والتحالفات السيادية إذا ائتلفت بغض النظر عن تفاصيل الدوائر والحواصل والأصوات التفضيلية.

ويبقى السؤال هل من يتّعظ قبل الدخول في المعارك الانتخابية والتحالفات الهجينة من خلال تنسيق المعركة الانتخابية بعناوين محددة تؤمن وصول أكثرية نيابية سيادية وإصلاحية بوجه المحور الإيراني في لبنان، أم يتم التلهي بالمناكفات الصغرى التي تؤمن للحرس الثوري الإيراني التباهي للمرة الثانية على التوالي بحصد الأكثرية النيابية في مجلس النواب اللبناني؟

أما الأهم فيبقى في الإصرار على إجراء الانتخابات وعدم السماح بالعبث لإرجائها أيا تكن الأسباب، فالانتخابات ولو في ظل الاحتلال تبقى أفضل من إلغائها على أن تشكل إحدى ساحات مواجهة عنجهية السلاح لا الخضوع له…