IMLebanon

هل تُحَل الأزمة السورية في القمة الروسية- التركية؟

في منتجع فاخر يطل على البحر الأسود تعقد غداً قمة “سوتشي” بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان، وتكتسب هذه القمة أهمية كبرى في ظل الحديث عن متغيرات جديدة. ويرى فيها مراقبون أنها تدخل في طور مخاض عن اتفاق مصيري يضع البلاد على أول الطريق لحل أزمة سوريا، لا سيما ما يدور عن أنباء انضمام نظيرهما الإيراني، إبراهيم رئيسي.

في المقابل، تتخوف اوساط دبلوماسية غربية من “ان تتحوّل القمة الى مواجهة بين روسيا وتركيا في سوريا انطلاقاً من مباشرة روسيا دعم النظام في عملية تنظيف منطقة ادلب واخراج المسلحين المتطرفين الذين هم بنظر النظام ارهابيين، بعد القرار الذي اتخذه بوتين في اجتماعه مع الرئيس السوري بشار الاسد في موسكو مؤخراً”، مشيرة الى ان بوتين يود تنظيف سوريا من العناصر المتطرفة التي تعتبر روسيا ان تركيا راعيتها. فهل يدعم بوتين النظام ويعمل على تأمين الغطاء الجوي لعمليات التنظيف التي سيبدأ بها النظام قريبا، خاصة في ظل الحديث عن توقف التواصل العربي مع سوريا بعدما كان نشطا قبل الانتخابات الرئاسية بانتظار ان يحسم النظام أمره ويحدد خياراته ويبادر الى فرض سيطرته على كامل تراب الوطن وإنهاء الامارات القائمة والدويلة الموجودة، خاصة المناطق الواقعة تحت سيطرة تركيا او الاكراد او القوات الاميركية او الايرانية او حزب الله او بعض الفصائل؟ فهل سيحسم النظام خياره، ويباشر مدعوما من روسيا، بتنظيف منطقة ادلب من سيطرة المتطرفين برعاية تركية، انطلاقاً من قمة “سوتشي”؟

رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث العميد الركن الدكتور هشام جابر أكد لـ”المركزية” ان القمة مهمة جدا، خاصة وأنها تأتي في أعقاب تطورات دراماتيكية حصلت في المنطقة، أبرزها انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وتوتر العلاقة بين اميركا وفرنسا بعد إلغاء استراليا صفقة شراء غواصات من فرنسا بقيمة 40 مليار دولار، والتي دفعت بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى اتهام الرئيس الاميركي جو بايدن بالكذب وما تبعه من اتصال هاتفي بينهما. هذه التطورات انعكست على اوروبا وعلى كل حلفاء الولايات المتحدة، وأدت الى توسيع دور روسيا التي شعرت انها في موقف اقوى بكثير”.

ولفت الى ان “روسيا حليف مهم لتركيا، وقد تعهد اردوغان منذ يومين بإنجاز صفقة شراء دفعة ثانية من الصواريخ الروسية  “اس-400″، وهذا من الملفات الاساسية التي سيتم بحثها غدا، إضافة الى كل التغييرات ودور كل من روسيا وتركيا وامكانية التفاهم بينهما”، مشيرا الى “ان القمة لن تكون صدامية حتما لكنها ستتناول ملفات شائكة جدا، خاصة الملف السوري. نجحت روسيا في حل مشكلة درعا، وستسعى بالطبع الى حل مشكلة ادلب، والتي تعتبرها شوكة في جسم الدولة السورية، لكنها لن تبقى الى الابد”. وأكد جابر ان “تركيا تعهدت منذ ثلاث سنوات، بتفكيك هذه المجموعات المسلحة بأي طريقة لتجنب القيام بعمل عسكري تقوم به روسيا وسوريا معا وقد يكون داميا. وحجة تركيا الاساسية في ادلب وغرب الفرات هي ان هناك اكثر من ثلاثين الف مقاتل غير “جبهة النصرة” و”هيئة تحرير الشام”، هؤلاء ينتمون الى فصائل متعددة منهم “حزب الاسلام التركستاني” وفصائل مسلحة جاءت من جمهوريات روسية معادية لروسيا، ومنهم الايغور. المشكلة الاساسية في هذه المجموعات هي ان تركيا تتحجج بها، وقد تكون على حق، فهي تعتبر ان ليس هناك اي دولة مستعدة لاستقبالهم، ولا يوجد ادلب أخرى يذهبون اليها، كما ان تركيا غير مستعدة لاستقبالهم على اراضيها. لذلك، توجه دعوة لحل هذه المشكلة وإجبار الدول التي ينتمون اليها لاستعادتهم، وعندها تُحل نسبة كبيرة من المشكلة. وقد أعربت تركيا مراراً عن استعدادها، من دون عمل مسلح، لتفكيك هذه المجموعات المسلحة الموجودة بما فيها جبهة النصرة، التي تمون عليها تركيا بشكل او بآخر. وهناك مجموعات منهم لا تُرتهن لأوامر تركية رغم أن تركيا هي الشريان الوحيد والاوكسيجين لهم لوجيستيا، ولكن سياسيا جبهة النصرة تطيع تركيا إضافة الى عدة فصائل اخرى خاضعة للنفوذ التركي. هذه مشكلة ادلب التي سيبحثها الرئيس بوتين حتماً. هذا الملف ساخن جدا في حين ان بقية الملفات لن تكون صعبة إنما لمصلحة الطرفين، المشكلة الاساسية تقع في غرب الفرات، وعندما تقول روسيا انها لا تقبل بعناصر مسلحة وجيوش اجنبية فهي تقصد القوات الاميركية الموجودة شرق الفرات والقوات الموجودة في التنف الاجنبية والاميركية ومنها الانكليز والفرنسيون بشكل رمزي. مستقبل الوجود العسكري التركي في سوريا سيكون آخر ملف يتم بحثه، لكن ليس اليوم وليس في هذه القمة، وليس قبل انهاء موضوع المجموعات المسلحة الموجودة في غرب الفرات”.

وأشار جابر الى ان تركيا ستنسحب من غرب الفرات في يوم من الايام لكن انسحابها لن يكون مجانيا اطلاقا لأن هذا الامر يتطلب ثمناً سياسياً، ولكننا لم نصل إليه بعد. وتتم مقاربة الموضوع خطوة بخطوة، اليوم موضوع ادلب ساخن جدا سيبحثون في كيفية حله، واذا لم يُحل سلميا فإن تركيا مستعدة للقيام بعمل عسكري ضخم مع القوات السورية لتحرير غرب الفرات على طريقة القضم، اي خطوة خطوة حتى الوصول الى ادلب”.

وعن العلاقات السورية -العربية، قال: “هناك تحرك غير معلن واجتماعات تحصل وتقارب بين سوريا والدول العربية واكبر دليل الاجتماع مع الاردن وتحسن العلاقات بين البلدين إضافة الى الوفد الوزاري اللبناني الذي زار سوريا، كما ان قمة بغداد التي انعقدت كانت ايجابية بالنسبة لسوريا إضافة الى ذلك، فإن العلاقات السعودية السورية تجري على نار هادئة ولم تتوقف”.