IMLebanon

“الجبهة السيادية”… نقطة مضيئة في “الزمن الإيراني”

منذ انفراط عقد فريق 14 اذار برصاص التسويات السياسية والرئاسية التي ابرمت بين بعض اركانه واطراف تدور خارج فلكه الاستراتيجي، غابت عن واجهة المشهد اللبناني اي تكتلات او جبهات سياسية سيادية تواجه مشروع حزب الله وهيمنة ايران على لبنان التي ادت الى ما ادت اليه من تدهور وانهيار لم يسلم احد من اللبنانيين من تداعياتهما الكارثية بعدما التحقت السلطة الحاكمة بالمركب الفارسي وسمحت باعلان ايران عن وضع لبنان تحت نفوذها من ضمن اربع عواصم عربية.

صحيح ان ثورة 17 تشرين التي رفعت لها شعارا “كلن يعني كلن” طالت حزب الله الذي مارس مناصروه ابشع انواع المواجهات وشتى انواع الاعتداءات على الثوار، غير ان الثغرة الاساس ونقطة الضعف المركزية تمثلت في عدم انبثاق جبهة سياسية منها تقدم مشروعا موحدا على غرار باقي الثورات في العالم، فبقيت حالة شعبية لم تجد لها ترجمة فعلية، فيما مواجهة هيمنة طهران غير ممكنة من خارج مربع جبهة موحدة، وبقاء القوى والاحزاب السياسية المناهضة لهذا المشروع مشتته “وكل يغني على ليلاه” يستحيل ان يحقق الهدف.

من هذه النقطة بالذات، وانطلاقا من موقعه الحيادي البعيد من اشكاليات الداخل ومناكفات السياسة اليومية وحساباتها الضيقة التي شكلت حجر عثرة في طريق التوحد ضمن بوتقة سياسية واحدة، بادر حزب الوطنيين الاحرار ببركة بطريركية الى توجيه الدعوة لمختلف القوى المناهضة لمشروع ايران والمتمسكة بوثيقة الوفاق الوطني من كل المشارب والاتجاهات الطائفية. وكان اطلاق الجبهة السيادية امس في مشهدية جامعة وحاضنة لتيارات متنوعة وضعت الحجر الاساس لبناء يتوقع ان يرتفع بانضمام قوى اخرى اليه، واستقطاب المزيد من مناصري مشروع اعادة لبنان الى لبنانيته، مع اضافة دينامية معينة وورش عمل للانطلاق من نص البيان الختامي نحو الاجراءات الميدانية.

ومن دون الاغراق في التشاؤم او الافراط في التفاؤل لجهة الغرض المنشود، تؤكد مصادر سياسية شاركت في اطلاق الجبهة لـ”المركزية”، ان يوم امس سجل خطوة ممتازة منتظرة منذ زمن في اتجاه توحيد الموقف السياسي للانطلاق في مسيرة تحقيق الهدف الذي تتطلع اليه شريحة واسعة من اللبنانيين ووضع الخلافات الصغيرة جانباً، معتبرة ان من رفض الانضمام، ومع احترام حرية الرأي والقرار، انما لديه حساباته واجنداته الخاصة، وهو يستعيد مشهدية الحالة العونية في لقاء قرنة شهوان بحثا عن موقع متفرّد وعدم الذوبان في وحدة الموقف، سائلة هؤلاء عما اذا كان لديهم خيار بديل في مواجهة مشروع تعرية لبنان من عروبته ودوره التاريخي في المنطقة، من خارج اطار البيانات السياسية الممجوجة التي اثبتت عقمها.

ودعت الى الاقلاع عن المزايدات، خصوصا لجهة فرض الشروط والمطالب اذ ان مجرد ذكر اتفاق الهدنة والقرارات الدولية في البيان الختامي انما يصبح معه موضوع وثيقة الوفاق الوطني من البديهيات، ولا داعي تاليا لحفلات السجال التي لا طائل منها، فالخارج ليس معنيا بتطبيق الوثيقة التي تظلل كل مشارك في الجبهة يعمل تحت سقفها.

وعن شرط استقالة رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة الذي طرحه “لقاء سيدة الجبل” وتحفظ على عدم ذكره في البيان الختامي، اعتبرت المصادر ان اي خطوة من هذا النوع قبل الانتخابات النيابية من شأنها ان تعيد انتاج الطاقم الرئاسي ذاته، ما دام الفريق المتحكم بالعملية الانتخابية نفسه، فالاجدى اليوم التركيز على الانتخابات لتغيير المعادلة المتحكمة بالبرلمان وبعدها تصبح المطالبة مشروعة ومحقة.