IMLebanon

خياران أمام لبنان “تنقيبيا”

الثروة اللبنانية النفطية التي يحتاج اليها لبنان لا للخروج من ورطته الاقتصادية والمالية، فحسب، بل لضمان مستقبل مريح لابنائه، او مَن بقي منهم في وطنه وصمد في ارضه، رغم الازمة المعيشية الخانقة، التي تعصف بالبلاد وقد نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية مقالاً بعنوان “لبنانيون يضطرون إلى بيع كلياتهم تحت وطأة تفاقم الأزمة الاقتصادية”.. هذه الثروة مهدّدة جديا بالضياع اذا ما بقيت السلطات اللبنانية تتفرّج، لان التطورات “الميدانية” ستسبقها.

ففي تل ابيب، التنقيب في البحر بدأ او يكاد، في بقع متنازع عليها يعتبرها الجانب اللبناني، لبنانية. في الساعات الماضية، وبعدما أعلنت شركة “هاليبرتون” الأميركية، منتصف أيلول الماضي، فوزها بمناقصة التنقيب عن الغاز والنفط في حقل “كاريش” الذي يقع جزء منه في منطقة الخط الحدودي اللبناني الجديد، المعلن عنه قبل وقف جولات التفاوض البحري، كشفت اسرائيل عبر اعلامها، عن تفاصيل في المناقصة ترتبط بعمليات التنقيب والحفر التي قالت إنها ستبدأ قريباً، بمعزل عن الموقف اللبناني.

وذكر موقع “إسرائيل ديفنس”، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت لا ينتظر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ليبدأ التنقيب عن الغاز في حقل “كاريش”، لافتا إلى أن عمليات الحفر ستبدأ في الجزء الشمالي من الحقل، حيث الحدود البحرية مع لبنان، وتحديداً البلوك ٩ (وفقاً للخط القديم). وأضاف الموقع ان الاتفاق مع الشركة الأميركية ينصّ على حفر بين ثلاثة وخمسة آبار شمال الحقل، أي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وفقاً للتحديد اللبناني.

السلوك العبري هذا، يفترض ان يقابل باستنفار لبناني سريع وفعال للتصدي لاي مسّ بالحقوق البحرية النفطية والغازية للبنان. لكن حتى الساعة، لا اتصالات جدية بين الرئاسات الثلاث للخروج بموقف موحّد لمنع اسرائيل من نقل مخططاتها من “النظري” الى “العملي”.

بحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، يجب ان تسرع الحكومة الى خطوة من اثنتين: اما توقّع مرسومَ توسيع الحدود البحرية التي سيفاوض الوفد اللبناني على اساسها في الناقورة، او تتراجع، تحت وطأة الضغط الاسرائيلي، عن موقفها التصعيدي، وتعود الى التفاوض وفق شروط “الاتفاق – الاطار”، الذي لم يلحظ مساحة الـ860 كلم2 الذي عاد الوفد اللبناني ليطالب بها لاحقا، وذلك مخافة ان يفقد لبنان كلّ الثروة الموعودة، في حال بقيت اسرائيل، المدعومة اميركيا، على توجّهاتها “التنقيبية”.

حَسمُ الخيار اللبناني يجب ان يتمّ في اقرب وقت، بعيدا من التلهي الحاصل اليوم بهوية رئيس الوفد المفاوض وبما اذا كان يجب تعديل شكل هذا الوفد، ليصبح دبلوماسيا – عسكريا لا عسكريا فقط، وهي مواضيع ستفتح ابواب خلاف داخلي جديد، نحن بغنى عنه. وبعد توحيد المقاربة والقرار، سيتمكن لبنان من المطالبة جديا باحياء مفاوضات الناقورة عبر الوسيط الاميركي. فهل تدرك المنظومة دقة الوضع وتداعياته على لبنان ومستقبله، وتتصرّف قبل فوات الاوان؟