IMLebanon

لبنان وصندوق النقد… التفاوض قبل الانتخابات والاتفاق بعدها

جاء في الراي الكويتية:

لا صوت يعلو فوق «صوت» صندوق النقد الدولي في لبنان، وسط اقتناع بأن المفاوضات التي تعتزم الحكومة أن تبدأها مع المؤسسة المالية الدولية تُشكّل الممرّ الإجباري والوحيد، أقله لوقف الانهيار المتمادي كخطوة أولى في مسيرة الألف ميل لمعاودة تعافي الواقع المالي – النقدي المتهاوي في بيروت.

وبحسب أوساط عليمة فإن ضخ الأجواء الإيجابية حول التفاوض مع الصندوق وآفاقه، بعد تشكيل الحكومة وفدها إلى الورشة الشاقة، وبدء تحرك شركة «لازارد» مجدداً بطلب من رئيس الجمهورية ميشال عون «حصراً»، لمعاودة دورها الاستشاري مع «النقد الدولي»، ليس مبنياً على وقائع فعلية، خصوصاً أن القطبة المخفية هي أن التفاوض شيء والاتفاق شيء آخَر، وهذا ما حصل تماماً مع حكومة الرئيس حسان دياب السابقة، رغم أن الأمور اليوم مختلفة تماماً لأسباب مغايرة جداً.

فمن المسلَّم به، وفق المعلومات التي وصلت إلى مسؤولين في لبنان، أن لا اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل الانتخابات النيابية. والمعطيات المتداولة في أوساط سياسية، أن هذه الانتخابات تُشكل بالنسبة إلى المجتمع الدولي أولوية الأولويات حالياً في مقاربة الوضع اللبناني الداخلي، لأن هذا الاستحقاق سيرسم معالم المرحلة السياسية المقبلة قبل الانتخابات الرئاسية.

وتتحدث المعلومات عن أن تعويل المجتمع الدولي على نتائج الانتخابات النيابية بات كبيراً جداً، ويترافق مع حملات ضغط لبنانية داخلية من أجل العمل على إحداث تغيير حقيقي في خريطة المجلس النيابي. ولأن صندوق النقد هو واحد من أدوات المجتمع الدولي السياسية والاقتصادية، فإن من المنطقي ألا يستعجل الصندوق في مفاوضاته، لأنه يرى أن من العبث إجراء اتفاق مع حكومة زائلة ومع سلطة قد تتغيّر معالمها جذرياً بعد الانتخابات.

وهذا لا يعني مطلقاً أن لا تَفاوُض يجريه الصندوق مع لبنان، بل على العكس تماماً فإنه سيضع آلية العمل والتفاوض على النار وسيطلقها قريباً كي يضع الحكومة ومعها السلطة الحالية أمام مسؤولياتها، الأمر الذي يترجم عملياً بأن المفاوضات ستنطلق لكن من دون أن يُرسم أفق ومواعيد نهائية لأيّ اتفاق.

ولن تجد الحكومة ضيراً في ذلك، على عكس ما يُروج من أنها مستعجلة لإتمام التفاوض والخروج بخطة مرحلية. فحكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي عملياً ممثلة للقوى السياسية الموجودة في السلطة التي يتحكّم بها الخلاف حول التعامل مع الصندوق، وسبق للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أن وضع شروطاً للسير بهذا التفاوض. في حين أن الحكومة، تروّج إعلامياً لمجموعة إصلاحات، وميقاتي نفسه واظب في الأيام الأخيرة على الحديث عبر وسائل إعلام محلية وخارجية، عن تطمينات ووعود بتحسين وضع الناس المعيشي.

من هنا فإن الحكومة ستكون مستفيدة للغاية من إطلاق عجلة التفاوض مع الصندوق، وهو العنوان الأبرز في محادثات الموفد الفرنسي السفير بيار دوكان، الذي بدأ أمس، زيارة لبيروت، وذلك لتوجيه رسائل إيجابية للمواطنين اللبنانيين بأنها تعمل مع الـ«IMF» من أجل اتخاذ إجراءات جذرية لمعالجة الأزمات الحالية.

إلا أنها تعرف جيداً أن شروط الصندوق ومتطلباته ستكون قاسية، وتعرف كذلك حجم الأضرار التي سيخلفها، قبل الانتخابات، أي اتفاق قاسٍ على غرار كل اتفاقات صندوق النقد وتجاربه في الدول التي استعانت به. فردّ الفعل على اتفاق من هذا النوع سيرتد قاسياً ومباشرةً على الحكومة وعلى رئيسها المرشح للانتخابات، كما على جميع القوى السياسية المُشارِكة في الحكومة.

ومن هنا لا تجد الحكومة أفضل من ملاقاةِ صندوق النقد في منتصف الطريق، فتطلق معه عجلة المفاوضات من دون أن تضع لها مواعيد ختامية لتوقيع الاتفاق. علماً أن قاعدة التفاوض مع «النقد الدولي» جاهزة منذ حكومة دياب ولدى الطرفين المعنيين، أي القوى السياسية نفسها والصندوق. ولعل هذا ما جعل التوافق السياسي قائماً وسريعاً، متخطياً كل المواعيد القانونية التي باتت تحتاج إلى تعديلات، على غرار تقريب موعد الانتخابات النيابية، إلى مارس، أي بعد ستة أشهر فقط.

وتعزو الأوساط السياسية ذلك لسببين. الأول أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل كثيراً من الانتظار للدخول في المفاوضات مع الصندوق، ومجرد إعطاء إشارة «إيجابية» بانطلاق التفاوض قد يعطي مفعولاً مطمئناً للناخبين، لاسيما انه يترافق مع وعود بتحسين التغذية الكهربائية وتنفيس أزمة المحروقات.

والسبب الثاني، أن انطباعات القوى السياسية في الحكومة هي أن استعجال موعد الانتخابات، رغم انه كان مطلب القوى المعارضة، من دون جدوى، قد يساهم أكثر في تخفيف فرص الاستفادة من الهجمات على قوى السلطة، ما يُعزّز فرص فوزها في الانتخابات ومن ثم الدخول في المراحل النهائية من الاتفاق مع صندوق النقد، الذي سيكون من مسؤولية الحكومة الأخيرة في عهد الرئيس ميشال عون.

وقد يكون ميقاتي رئيسها مجدداً بفعل التوازنات التي بدأت ترتسم، ودخوله ضمن مشروع العهد وتسوياته. وبذلك يضمن في الطريق إلى حكومته الثانية بعد الانتخابات، «إنجازاً» أول، ولو أنه سيتم على حساب الناس مرة أخرى.

ويُذكر أن وزارة المال اللبنانية أعلنت أمس أنها استأنفت تواصلها ومناقشاتها مع صندوق النقد الدولي، مبدية «استعدادها التقدّم نحو الوصول إلى اتفاق في شأن برنامج مناسب للتعافي الاقتصادي يدعمه الصندوق ويُسخّر الدعم الواسع للبنان من المجتمع المالي الدولي».

وأشارت الوزارة في بيان لها إلى أن الحكومة اللبنانية «تدرك تماماً التحديات والواقع الاقتصادي»، موضحة أن «الحكومة كرّرت التزامَها باستئناف المناقشات والمباحثات مع صندوق النقد الدولي في أقرب وقتٍ وشكّلت الفريق المسؤول عن التفاوض مع الصندوق الذي يضمّ نائب رئيس مجلس الوزراء الشامي، وزيريْ المال الدكتور يوسف الخليل، والاقتصاد والتجارة أمين سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة».

وذكر البيان أنه عقب تعيينه أكد خليل أن «وجود برنامج يدعمه صندوق النقد الدولي ضروري لوضع البلاد على طريق التعافي، وسيضمن اتفاق التمويل أن يكون التعافي مرتبطاً بتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي طال انتظارها، وسيساعد على استعادة الثقة في اقتصادنا».

وأوضح أنه «بالتوازي مع التعامل مع صندوق النقد الدولي، تظل الحكومة ملتزمة تماماً بالمشاركة في عملية بناءة وشفافة وعادلة لإعادة هيكلة منصفة للديون مع جميع الأطراف المعنية، كما أنها ترحب باهتمام حملة السندات بما في ذلك«Ad Hoc Lebanon Bondholder Group»، للمشاركة في تلكَ العملية».

وختم:«في ضوء ما سبق، تؤكد الحكومة من جديد التزامها بإيجاد حل عادل وشامل لجميع الدائنين، وستجري مناقشات بحسن نية مع جميع دائنيها في أقرب وقت».

وكان الرئيس ميقاتي أبلغ صحيفة«النهار»أن اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ‏الاتصالات والمفاوضات مع صندوق النقد بدأت اجتماعاتها في الأيام الأخيرة مع المؤسسة ‏الدولية عبر تقنية «زوم» برئاسة الشامي، وعضوية وزيري المال والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مؤكداً أنه لا يعارض الاستعانة«عندما تدعو الحاجة بأي عضو في الحكومة أو أي مستشار ‏من أجل توضيح موقف القطاع المعني».

وجاء كلام ميقاتي على خلفية الضوضاء السياسية التي رافقت المعلومات عن إدخال مستشاريْن لرئيس الجمهورية ميشال عون إلى ‏عضوية لجنة التفاوض مع الـ IMF وعن صراع خفي حول«الأمر لمَن» في اللجنة.

محادثات مصرية – لبنانية لتسريع وصول الغاز لبيروت

قال وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، أمس، إنه بحث مع وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض والوفد المرافق في القاهرة الإجراءات الخاصة لسرعة وصول الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسورية، في إطار ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الذي عقد في سبتمبر الماضي في الأردن.

وصرح بأن «التعاون بين البلدين ومد لبنان بالوقود استراتيجي، أكثر منه تجاري، في إطار دعم مصر للبنان، وإسهاماً في حل مشكلة الطاقة لديه ودعم استقرار الدولة اللبنانية».

من جهته، أعرب فياض عن امتنانه وتقديره للدور المصري لمساعدة ودعم لبنان، مؤكداً «أن إمداد الغاز الطبيعي المصري، يمثل علاقة استراتيجية بين البلدين في مجال الطاقة، باعتباره حجر الأساس في المساهمة بحل مشكلة الطاقة في لبنان».

وذكرت وزارة البترول المصرية، أنه سيتم عقد اجتماع موسع بين وفدي البلدين للتوصل إلى«صيغة نهائية للتعاقد».