IMLebanon

“الترسيم” مُفرمل… صمت حكومي ومزايدات سياسية

جاء في المركزية:

منذ أربعة أشهر تقريباً، عُلِّقت المفاوضات غير الرسمية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، في حين سعت الأخيرة إلى حفر خمس آبار في حقل كاريش رغم وقوعه في المنطقة المتنازع عليها بين الطرفين. وبالتوازي، انتشر خبر قرار البيت الأبيض استبدال وسيطه في مفاوضات الناقورة السفير جون ديروشيه بالمستشار السابق للرئيس الأميركي جو بايدن في مجال الطاقة الدولية آموس هوكشتاين وهو  في صدد زيارة بيروت وإسرائيل منتصف الشهر الجاري. ما يدفع إلى طرح تساؤلات حول احتمال استئناف المفاوضات قريباً.

ازاء هذه التطورات تشير أوساط دبلوماسية الى ضرورة حسم الخلاف الحدودي بين كل من لبنان وإسرائيل ولبنان وسوريا، ليتم بعدها ترسيم الحدود جنوباً وشرقاً، مع توسيع مهام اليونيفيل لمساعدة الجيش في ضبط ومراقبة الحدود، وصولاً إلى إنهاء وظيفة أي سلاح خارج عن الشرعية بما في ذلك سلاح المخيمات ووضعها تحت سلطة الدولة، إضافةً إلى تطبيق القرار الدولي 1559 وسقوط كل المربعات الأمنية في البلد. فما مدى دقة هذه المعلومات؟

الخبير في الشؤون الحدودية العميد المتقاعد أنطوان مراد يوضح لـ “المركزية” أن “هذا ليس المطلوب راهناً. في المدى المنظور، لإسرائيل مصلحة بالترسيم كونها تريد التنقيب والشركات المختصة بهذه المهام تحتاج إلى العمل في جوّ مستقر. وللأميركي مصلحة أيضاً في الترسيم لأن شركة هاليبرتون أميركية وسيكون لها استثمار في المنطقة. أما لبنان فطبعاً لديه مصلحة بدوره، إذ عليه أن يبدأ بالاستفادة من الثروة النفطية لأن العالم تقدم عنه بأشواط. إذاً، التقاء المصالح بين الأطراف الثلاثة يتطلب البدء بالترسيم، ولهذا السبب شمل البيان الوزاري للحكومة الجديدة الملف، حيث تطرّق إلى ضرورة استئناف المفاوضات وتحصيل الحقوق اللبنانية”.

وبعد الأخطاء المتتالية التي ارتكبها لبنان في حقه، بدءاً من المفاوضات الناقصة مع قبرص عام 2006، مروراً بإصدار المرسوم 6433 واعتماد خط 23 وإيداعه للأمم المتحدة رغم وجود دراسات تثبت حقه في الحصول على مساحات إضافية حتى خط 29… لا تزال الخطط غائبة والرؤية غير موحدة لدى الدولة اللبنانية لاستئناف المفاوضات المتعثرة بسبب أكثر من عقبة.

“ومع استمرار النمط الذي يسير فيه البلد لن يكون هناك من مفاوضات” وفق ما يرى مراد، شارحاً أن “المشكلة في لبنان أن العمل على ملف الترسيم يتم خارج إطار المؤسسات، ويشهد الموضوع انقسامات دائمة بين فريقين. الإشكالية تكمن في التزام الفريق الرسمي أي الحكومة اللبنانية الصمت، ربما خوفاً أو مسايرةً، مقابل فريق يزايد ويتهم الوسيط ويشن حرباً على المؤسسات الدولية… نرى حربا إعلامية خفية، إذ حين أعلنت الحكومة أن يمكنها الاستعانة بشركة أجنبية للتنقيب رفعت الأصوات ضدها بحجة أن الشركة التي ستكلف ستخدم الجانب الإسرائيلي، مع العلم أن رئيس الجمهورية ميشال عون هو من اقترح الاستعانة بخبراء أجانب في لقائه الأخير مع وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل، والمقصود حينها كان احتمال أن يكونوا أميركيين. هذه الحرب الأولى التي فتحت ضد الشركة. أما المؤشر السلبي الثاني، فيتجسد بمهاجمة الوسيط الأميركي هوكشتاين عبر اتهامه بأنه من أصل إسرائيلي وبأنه خدم في جيش بلده، ما يدل على أن نية التفاوض لا يمكن أن ترفق بتوجيه السهام ضد الوسيط. لهذا السبب لبنان في مأزق ولا أعرف كيف سيخرجه المسؤولون منه”.

وختم: “الحكومة غائبة ومتنازلة عن دورها ولم نعرف بعد لماذا أدرجت الملف في بيانها الوزاري؟ ولماذا لا تتمتع بالوعي؟ فإما فوجئت بالهجوم الذي تقف خلفه أحزاب سياسية، وربما هي محرجة أو ضعيفة وعاجزة عن اتّخاذ قرار حتى هذه اللحظة، لعل الظروف تتبدل قريباً وتتمكن من اتخاذ قرار يتناسب مع مواقف الفريق المعارض”.