IMLebanon

الاستفزاز الإيراني! (بقلم رولا حداد)

يمكن وصف زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت بأنها زيارة إعلامية- استعراضية- استفزازية ليس أكثر، لأن الزيارات الإيرانية الخطرة تتم دائماً بعيداً من الأضواء كمثل زيارات اللواء الراحل قاسم سليماني والتي تسببت بكوارث للبنان من خلال بناء ميليشيا إيرانية باسم “حزب الله”، وتحويل لبنان إلى ساحة للمشاريع الإيرانية.

وفي الإطار الاستعراضي أعلن عبد اللهيان استعداد إيران لمساعدة لبنان كما عرض إنشاء معملي كهرباء إضافة إلى عرض إعادة بناء مرفا بيروت.

ومن سمع كلام وزير الخارجية الإيراني أدرك فوراً أن هذه العروض تشبه فقاعات الصابون التي لا قيمة فعلية لها، باستثناء محاولة توريط لبنان نحو المزيد من الرضوخ واحتمال تعرّضه لعقوبات في حال تجاوب ولو بالشكل مع إيران.

في الشكل قد ترغب إيران باستعمال لبنان كسوق إضافية لإخراج الاقتصاد الإيراني من عزلته والحصار المفروض عليه دولياً، كما قد تكون تسعى إلى استنزاف الاقتصاد اللبناني حتى آخر ورقة من العملات الأجنبية الموجود فيه. فإيران التي باعت بواخر مازوت إلى لبنان، وقبضت ثمنها كما أكدت في كل تصريحاتها الرسمية، ليست بوارد تقديم أي مساعدة مجانية للدولة والشعب في لبنان. وفي هذا الإطار يكفي استعراض ما قدمته إيران من مساعدات للبنان منذ الثورة الخمينية وحتى اليوم لندرك أن قيمة كل هذه المساعدات لا توازي السلفة الأخيرة التي أقرتها الحكومة لمؤسسة كهرباء لبنان بـ100 مليون دولار، في حين أن بناء معامل الكهرباء يتطلب مئات ملايين الدولارات، وإعادة بناء المرفأ تحتاج إلى مليارات الدولارات التي لا تملكها إيران كما أن ما تبقّى من الدولارات في لبنان لا يكفي لسداد حاجاته من الأساسيات كاستيراد القمح والدواء والمحروقات.

من جهة أخرى يدرك العارفون أن إيران تسعى إلى تثبيت موقع لها على ضفاف السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط التي تبيّن انها تحتوي على كميات ضخمة من الغاز والنفط، وتتسابق الدول والشركات الكبرى على محاولة الاستفادة منها، وهل لإيران أفضل من بيروت التي تفاخر باحتلالها لفرض نفوذها وسيطرتها على مرفئها؟

وإذا كان يمكن فهم التصرّف الإيراني على أنه سباق على التنافس لنيل مشاريع أساسية في لبنان، تماماً كما تسعى فرنسا وألمانيا وغيرها من الدول، فإن ما هو غير مفهوم هو كيف يمكن لإيران ان تنافس على نيل هذه المشاريع في حين أنها تستميت لرفع العقوبات الأميركية عنها لفتح الأبواب أمام الشركات الغربية لتنفيذ مشاريع داخل إيران لأن الشركات الإيرانية لا تملك لا التقنيات المطلوبة ولا الإمكانات لتنفيذ المشاريع؟!

بناء عليه يمكن القول إن استعراض عبد اللهيان في بيروت والعروض المفخخة التي قدمها لا يمكن اعتبارها أكثر من عملية استفزاز مجانية أولاً للبنانيين وللدولة اللبنانية التي أصاب مسؤوليها الارتباك بسبب عدم قدرتهم على الرفض العلني للطروحات الإيرانية خوفاً من رد فعل “حزب الله”، وثانياً للمجتمع الدولي الذي يرغب بصدق في مساعدة لبنان إن عرف كيف يساعد نفسه وطبعا لن يساعد نفسه بمزيد من الانفتاح على إيران.

في اختصار لن تنجح إيران عبر 3 أو 4 بواخر مازوت في الدخول إلى الأسواق اللبنانية، كما أنها لن تنجح في استمالة دولة وشعب تفاخر باحتلالهما. أقسى ما يمكن أن تفعله إيران هو إلحاق وطن الأرز الذي كان يوماً لؤلؤة المتوسط بمحور جهنم الذي يمتدّ من بيروت إلى صنعاء ليس أكثر ما لم يتحرك اللبنانيون ليحرروا وطنهم قبل فوات الأوان!