IMLebanon

إجماع داخلي ودولي على البيطار.. فهل ينفجر البلد؟

كالرصاص الذي انهمر بغزارة على مدى ساعات في اشتباكات الطيونة يوم امس، انهمرت المواقف المحلية والخارجية المنددة بما جرى والداعية الى منع عودة عقارب الساعة الى زمن الحرب الاهلية بعدما بلغ التوتر حده الاقصى وتم شحن النفوس سياسيا وطائفيا في مؤشر بالغ الخطورة تزامن مع استحضار عدة الفتنة بكل مستلزماتها في بلد يقبع في قعر وادي الانهيار.

وبعيدا من الرسائل النارية والسياسية التي تطايرت في مختلف الاتجاهات بين القوى السياسية والحزبية التي فاجأت البعض، لا سيما تلك التي تلقاها الثنائي الشيعي للمرة الاولى لجهة عدم الرضوخ لسطوة سلاحه ووجود شارع مقابل شارعه، الى جانب رسائله من التحرك الاحتجاجي ضد المحقق العدلي طارق البيطار الموجهة الى العهد والحكومة بتغيير البيطار والا، وضد واشنطن اثناء وجود مساعدة وزير الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في بيروت تأكيدا على ان لبنان تحت نفوذ ايران لا الولايات المتحدة، بعيدا من كل ذلك، جاءت الردود الدولية قوية بقوة الحدث، داعمة للعدالة والقضاء وشاهرة سيف العقوبات مجددا على فريق المعرقلين المعروفة هويته، بحيث  علّق الاتحاد الاوروبي على حوادث الطيونة، بحسب ما نقلت عنه قناة “الحدث” بالتأكيد “اننا سنفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية في لبنان وسنبحث الأسماء، والشعب اللبناني يستحق إجابات شرعية حول تفجير المرفأ… وافقنا على إطار عام لفرض العقوبات على معرقلي العملية السياسية في لبنان ووزراء خارجية الاتحاد سيجتمعون الاثنين وقد يكون الملف اللبناني على جدول الاعمال، وتابع:” نوصل رسائل لسياسي لبنان بضرورة إجراء إصلاحات”.

فرنسا من جهتها، اعلنت “ان يجب أن يكون القضاء اللبناني قادرا على التحقيق في انفجار المرفأ بطريقة مستقلة ومحايدة ويجب على السلطات اللبنانية أن تدعم هذا التحقيق بالكامل. واضافت:  قلقون من تعطل التحقيق بانفجار مرفأ بيروت والعنف الحاصل الآن”.

اما وزارة الخارجية السعودية، وبعد صمت ثقيل، اوضحت وفق بيان “إن المملكة تتابع باهتمام الأحداث الجارية في لبنان، وتتطلع إلى أن “يعم لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين من دون استثناء”.

مجمل هذه المواقف، بحسب ما تنقل اوساط سياسية لبنانية عن مسؤول غربي لـ”المركزية” تصب في خانة واحدة فحواها ان ترهيب حزب الله مهما بلغ، لا يمكن ان يعرقل التحقيق في افظع جريمة على الاطلاق ولا ان يكون لمن يهدف الى العرقلة ما يريد. فالقاضي بيطار مشهود له بنزاهته وكل التهم الموجهة اليه بالتسييس في غير محلها. هذه الرسالة وصلت الى اكثر من مسؤول لبناني رسمي والى قوى سياسية عدة وعليها ان تفهمها جيدا، وتتصرف بهديها، والا فما لوّح به الاتحاد الاوروبي اليوم لن يكون نزهة لكثيرين.

ازاء هذا الواقع، يبدو الجميع محشورا، العهد والحكومة والتيار الوطني الحر وحزب الله، وهو على الارجح الاكثر تأذيا مما جرى بعدما تبين ان فائض قوته لم ينفع في هذه الجولة، فبات امام واحد من خيارين، التصعيد وصولا الى حرب اهلية قد لا يتحمل وزرها او الانصياع للرغبة المحلية التي تجتمع مختلف القوى السياسية باستثناء الثنائي وتيار المردة، الذي نأى بنفسه عن الشارع امس، حول استمرار البيطار لايصال التحقيق الى خواتيمه، ومعها الدول العربية والغربية، وهو ما لا يتحمله ايضا خصوصا اذا ما ثبتت بالقرائن والادلة الروايات المتداولة عمن ولمن تم استقدام نيترات الامونيوم الى مرفأ بيروت؟

تؤكد الاوساط ان “فائض القوة” اليوم في مأزق، يكاد يكون الاضخم منذ العام 2006 حينما ابرم تفاهمه مع التيار الوطني الحرالذي ولئن لم يكن طرفا مباشرا في الاشتباك الامني امس، الا انه كان الطرف في الاشتباك السياسي على الطاولة الحكومية، بدليل ما نقل على لسان مستشار الرئيس ميشال عون الوزير السابق سليم جريصاتي عن ان” واصلة معنا لراس مناخيرنا من حزب الله”، اضافة الى قول النائب جبران باسيل من بكركي”لا يمكن لاحد ان يفرض رأيه فرضا على الاخرين”، مشيرة الى ان معالجة اشكالية البيطار غير جائزة على الارجح على الطريقة اللبنانية هذه المرة، فهو لن يتنحى والضغط الدولي سيتعاظم وأولياء الدم لن يبرموا تسويات سياسية على ارواح ابنائهم، فإلى اين تتجه القضية والى اين يذهب لبنان؟