IMLebanon

“التيار” أمام امتحان: البيطار أو “الحزب”؟

جاء في الراي:

التحقيقاتُ الأمنية في أحداث عين الرمانة – الشياح، ستأخذ وقتاً كي تنجلي كل الحقائق المتعلقة بالوقائع الميدانية التي أدت إلى ما يشبه «بروفة» حربٍ جرت على مدى 4 ساعات. لكن التداعيات السياسية لـ«الخميس الأسود»، الذي هزّ لبنان وأثار ردود فعل إقليمية ودولية، سرعان ما بدأتْ تظهر منذ اللحظة الأولى لانكشاف عدد الضحايا وآثار المواجهات على الناس ومسؤولية الأفرقاء المنخرطين فيها.

لم يتوهّم أحد أن ردود الفعل المحلية ستنحصر بالاستنكارات أو حملات الدفاع. والحدَث السياسي الذي أسفرت عنه أحداث عين الرمانة – الشياح، لم يتعلق بما ارتدّ على فريقيْن خصميْن وأكثر أصلاً، بل بأنه ترك آثاراً مباشرة على فريق سياسي واحد هو 8 آذار، وإن كانت القوى المنضوية فيه لديها حساباتها الخاصة، وقد ظهرت في الأيام الأخيرة أكثر وضوحاً.

ومن المفيد التذكير أن أحداث الطيونة وقعت على «فالق» التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، و«هجمة» حزب الله و«حركة أمل»، لتنحية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار. وهذه القضية بدأت تُظْهِر خلافات داخل الصف الواحد ارتسمت قبل جلسة مجلس الوزراء «الساخنة» يوم الثلثاء وبعدها، حين اتخذ رئيس الجمهورية ميشال عون موقفاً واضحاً لجهة رفضه إقالة بيطار، بذريعة فصل السلطات.

في مجلس الوزراء كان الانقسام بين طرفين: عون ووزراؤه من جهة، و«حزب الله» و«حركة أمل» من جهة أخرى وانضمّ إليهما بوضوح لاحقاً «تيار المردة». وعكس هذا الاصطفاف وما أعقبه الاختلاف الحقيقي بين الحزب وعون حول إقالة بيطار، وأكثر.

فرئيس الجمهورية، يبرّر أن لا سلطة له على المحقق العدلي، لكن الحزب المتمسك بإقصاء بيطار رفع سقف المطالبة بحيث لم يعد ممكناً إيجاد مَخْرج مشرّف لكل الضالعين بالقضية سواء الذين مع الإقالة أو ضدّها.

ولم يعُد خافياً أن في الخلفية الرئيسية لما حصل في عين الرمانة الشياح وقبْلها قضية المرفأ، تَظْهر الانتخابات من دون أي التباس. وهو الأمر الذي لم يتأخر رئيس التيار جبران باسيل في إظهاره باحتفال ذكرى 13 تشرين 1990 التي أحياها السبت، إذ حوّل المناسبة إلى إطلاق ماكينته الانتخابية السياسية على خلفية أحداث عين الرمانة، بعد سكوت أكثر من يومين ونجاح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع في شدّ العَصَب المسيحي حوله. واستغلّ باسيل المناسبة ليوجه سهامه وجمهوره ضد خصومه المسيحيين، «القوات» بالدرجة الأولى و«المردة» بالدرجة الثانية.

لكن الرسائل الأخرى التي حاول باسيل إطلاقها كشفت عمق المأزق الذي يعيشه التيار مع «حزب الله» و«أمل» في قضية المرفأ، وخصوصاً أن باسيل يقارب ملف بيطار من زاوية تأثيراتها عليه في الشارع المسيحي كما من زاوية عدم قدرته على الخروج من عباءة الحزب لا سياسياً ولا انتخابياً.

ويبقى الاستحقاق الأبرز كيفية التعامل مع قضية بيطار كسقفٍ لم يتخلّ عنه «حزب الله»، ما يجعل التيار الحر أمام امتحانٍ حقيقي لجهة اتخاذ قرار واضح، سيكون عليه تبريره بقوةٍ أمام الحزب وجمهوره وأمام الناخبين المسيحيين، في موازاة طريقة تعاطيه مع الضغط السياسي والقضائي على «القوات» من جانب «حزب الله» و«أمل».

ولم يكن عابراً مأمس، وفيما كانت «انتفاضة 17 تشرين 2019» تحيي ذكرى «ثورتها» بتحركات شعبية في اتجاه ساحة الشهداء «عرّجت» على قصر العدل في بيروت لتأكيد دعم بيطار والتحقيق في انفجار المرفأ، أن «حزب الله» مضى في رفْع السقف لأعلى مستوى ضدّ «القوات» مصوّباً في الوقت نفسه على الجيش اللبناني في ما اعتبره خصومه محاولة لضرْب «عصفوريْن بحجر» واحد، وسط تطورين في هذا الإطار: الأول التداول بفيديو لعنصر في الجيش يطلق النار على المتظاهرين خلال أحداث الطيونة، قبل أن تعلن المؤسسة العسكرية أن الأمر قيد التحقيق.

والثاني: موقف لوزير الدفاع موريس سليم أعلن فيه «أن التدافع والاشتباك في الطيونة أدّيا لإطلاق نار من الطرفين، كما أكدت الإفاداتُ الميدانية دخول شبان إلى شوارع عين الرمانة».

وإذ كان القيادي في «حزب الله» غالب أبو زينب الأوضح في مهاجمة الجيش ووزير الدفاع معلناً أن الجيش «رضخ لضغوط الأميركي وصولاً إلى وزير الدفاع»، فإن رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد شنّ أعنف هجوم على «القوات اللبنانية»، وقال «لن نندفع إلى حرب أهلية ولكن لن نقبل بأن يذهب الدم هدراً، ومشكلتنا مع جماعة القناصين حسابه لوحده»، مضيفاً «هم مرتزقة الخارج، يتحدثون عن الاحتلال الإيراني وهم يقصدوننا، لأننا في مفهومهم نحن جالية إيرانية، أما هم ففينيقيون من صدف الأرجوان».