IMLebanon

مآزق “الحزب” بلغت إيران

في الشكل يمكن اعتبار زيارة  قائد فيلق القدس اللواء اسماعيل قاآني المتوقعة خلال هذا الاسبوع لبيروت عادية كونها تندرج في إطار تفقد إحدى أذرع إيران الرئيسية في المنطقة أي حزب الله. إلا أن التوقيت استوقف أوساطا ديبلوماسية بحيث ربطها مراقبون بالتطورات الاخيرة في لبنان لناحية مسار التحقيقات في جريمة مرفأ بيروت وموقف حزب الله منها المطالب بـ”قبع” المحقق العدلي فيها طارق البيطار وصولا إلى حادثة الطيونة عين الرمانة وتورط الحزب فيها، لا بل افتعاله الامر الذي انعكس على واقعه في لبنان، عدا عن التداعيات السياسية والأمنية والقضائية وآخرها استدعاء القاضي فادي عقيقي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى التحقيق معه كمستمع له، فكان رد الفعل الشعبي والسياسي اعتراضا على تطبيق سياسة الصيف والشتاء تحت قوس العدالة وتحول الضحية إلى متهم ومجرم.

الكاتب والباحث السياسي الياس الزغبي يرى أن “خلافا للسائد بأن إيران تزيد من رقعة نفوذها في المنطقة العربية، إلا أن الواقع يؤشر إلى أن هذا النفوذ في طريق التراجع والتقلّص، ليس فقط على المستوى الإيراني العام بل أيضاً على مستوى مراكز نفوذها وأذرعها في المنطقة العربية. فإيران من جهة تعاني مشاكل وتعقيدات جديدة مع أذربيجان وأفغانستان وتركيا، ومن الوجهة العربية كانت الإنتخابات في العراق بمثابة درس واضح لرفض الوطنية العراقية للهيمنة الإيرانية. وفي سوريا تواجه إيران مشكلة في تصادم نفوذها مع شريكتها اللدودة روسيا”.

في لبنان ليس وضع إيران بأفضل حال بحسب الزغبي “فذراعها الأقوى في لبنان أي حزب الله يعاني حالة انسداد سياسي وأمني. في الشق السياسي، هناك انحسار لدى سرايا الحزب السياسية في البيئات الطائفية من خارج بيئته وتحديداً لدى المسيحيين وكذلك لدى السنة والدروز. ويتمثل الإنسداد الأمني في فشل غزوته المخطط لها لعين الرمانة والطيونة – بدارو. وهذا الفشل المزدوج استوجب تحرك المرجعية الإيرانية من خلال زيارة قاآني المتوقعة لبيروت والتي ستشمل أيضا العواصم الأخرى خصوصا دمشق وبغداد”.

مآزق وتراكمات ترتبت على الحزب بحسب الزغبي في الأسابيع الأخيرة “فهو  فشل في ترويض مجلس الوزراء كي يكف يد المحقق العدلي، وكذلك في تنفيذ تهديده المباشر له فلجأ إلى التحرك الميداني لكنه فوجئ بصمود المنطقة التي تقصّد أن يُشعل فيها فتنة أهلية. فكانت صدمته الكبرى في تحوّل مسار خطته من إثارة فتنة شيعية مسيحية إلى حالة صمود وطني عابر للمناطق والطوائف، وهذا ما ظهر في مواقف مرجعيات سياسية كانت تنتمي عمليا إلى فريق 14 آذار إضافة إلى مجموعات سيادية نشأت من ثورة 17 تشرين. وليس الحراك الشعبي الذي شهدناه اليوم في اتجاه معراب إلا نموذجا حيا للحالة الوطنية التي تتصدى لمشروع حزب الله”.

إنطلاقا من حالة الإنقباض التي تعانيها إيران على مستوى المنطقة وعلى خلفية الأزمات والمآزق التي تعانيها إحدى أبرز أذرعه في لبنان، يرى الزغبي أن هناك اتجاهين لزيارة قائد فيلق القدس إلى بيروت في هذا التوقيت: “إما أن تكون محاولة لاحتواء الخسارات أو التراجعات التي عاناها حزب الله في الأسابيع الأخيرة من خلال تهدئة الأمور ومحاولة الإلتفاف سياسيا حول الحكومة وإعادة إحياء “السرايا السياسية” التي نشرها في المناطق الأخرى، وإما تكون محاولة للهروب إلى الأمام من المآزق بمعنى أن يتم تكليف حزب الله شرعياً بإثارة مشاكل وأحداث أمنية في اكثر من منطقة وهذا ما تتنبّه له المناطق والأحزاب والقوى السياسية والجيش اللبناني الذي بات على خطوط حساسة جدا ولا يستطيع بعد اليوم أن يقف على الحياد عند حصول أي اعتداء غير مبرر كما حصل في الطيونة وسيعمل على الحؤول دونه قبل حصوله،  أويتصدى له في حال تنفيذه”.

أما الإحتمال الأقرب إلى الواقعية وفقا للظروف بحسب الزغبي فهو “الإحتواء وإعادة الإلتفاف. وهذا ما يفسر على الأقل استدارة الرئيس نبيه بري على المستوى السياسي تجاه قضية التحقيق في المرفأ واحتواء نتائج الغزوة”.

ويختم : “كل هذا المشهد السياسي يؤكد أن الحزب ليس في مكان مريح أقله ضمن بيئته وقد نجحت القوات اللبنانية في استقطاب عطف لبناني واسع ليس فقط على المستوى المسيحي إنما أيضا على مستوى وطني عام وشامل وهذه الحالة خلقت أزمة لدى حزب الله مما دفع إيران للتدخل واحتواء الأمور”… والآتي لناظره قريب.