IMLebanon

إقالة قرداحي لا تكفي… هذا ما تريده المملكة!

لا تخفي السعودية حقيقة ان الازمة الدبلوماسية التي اندلعت اليوم بينها وبيروت لا تقف وراءها تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي، بل كلام الاخير كان السبب المباشر الذي أدى الى انفجارها، لا اكثر، وشكّل النقطة التي بها، فاضت كأس الرياض.

بكل وضوح، قالها وزير الخارجية السعودية امس، حين اشار الأمير فيصل بن فرحان في مقابلة مع “سي إن بي سي” إلى أن ما يحصل بين السعودية ولبنان ليس بأزمة دبلوماسية وإنّما ما يحصل هو “نتيجة توصلنا إليها في المملكة العربية السعودية مفادها بأن التعامل مع حكومة لبنان الحالية غير مثمر وغير مفيد في ظلّ إستمرار هيمنة حزب الله على المشهد السياسي”. وأكّد بن فرحان أن “ما يحصل حجمه أكبر من مجرد تعليق من وزير واحد، إنّما سببه واقع المشهد السياسي في لبنان الذي يهيمن عليه حزب الله وهو يمثّل جماعة إرهابية مسلّحة تزوّد ميليشيا الحوثيين بالسلاح وتقوم بتدريبهم”.

انطلاقا من هنا، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، إن من يظنّ ان حل الأزمة الراهنة قد يكون باستقالة الوزير قرداحي، يخطئ الحساب ويجري قراءة سطحية جدا للامور. فالعزلة الخليجية التي وقعنا فيها اليوم، والتي ستتوسع دائرتها إن لم يسرع اهل الحكم الى اتخاذ القرارات الكبيرة التي يتعيّن عليهم اتخاذها، ليس سببها تعاطف قرداحي مع الحوثيين ودعمه للفصيل الذي يضرب في شكل يومي اهدافا في المملكة عبر المسيرات، بل وقوع الحكومة لا بل “الحكم” ككل، في لبنان، في قبضة حزب الله. الاخير، يمسك بكل شيء في البلاد، ويضع المؤسسات الدستورية غير الخاضعة له بالمباشر، في عهدة حلفاء له، ينفذون فيها اجندته هو، ويتصدون فيها، لاي قرار قد يزعجه. والانكى ان مفاعيل هذه التركيبة او تداعياتها، لا تنحصر في الداخل اللبناني فحسب، بل وصلت وتصل نتائجها الوخيمة الى المملكة، تارة على شكل تصاريح تخوينية، واخرى على شكل خبراء عسكريين من حزب الله يدربون الحوثيين، وطورا على شكل رمّان محشو بالكبتاغون… كل ذلك وسط صمت اهل المنظومة كلهم، دعما او خوفا او تواطؤا او تخاذلا، وقد باتت الاصوات التي تتجرأ على الوقوف في وجه الحزب وعلى قول “لا” لمشاريعه، تُعدّ على اصابع اليد الواحدة.

الوضعية اللبنانية هذه، هي ما دفع الرياض الى اتخاذ موقفها التصعيدي الناري منذ ايام، اثر كلام قرداحي، وقد طفح كيلها من بلد يفترض ان يكون صديقا لها، سيما وانها ساعدته ودعمته على مر عقود، فإذ به يصدّر اليها يوميا الصفعة تلو الصفعة، على يد الحزب ومن يدورون في فلكه ومن يريدون مسايرته واسترضاءه.

علاج هذا المأزق الذي لن يدفع ثمنه الا لبنان واللبنانيون، يكون بإصلاح الوضعية الآنفة الذكر، لا باقالة وزير، ويكون بتحرّر المؤسسات من قبضة حزب الله وسيطرته ووهجه وفائض قوّته، وبتحلّي السياديين بجرأة التصدي للحزب وبعدم تراجعهم امام قمصانه السود و”7 اياراته”. الصمود امام الحزب وعدم ابرام التسويات معه خاصة الآن، مربح ايضا. فالاخير لا يمكنه تحمّل تبعات عزلة عربية للبنان لان شعبه وناسه سيكونون اكبر المتضررين منها. باريس وواشنطن تتوسطان الآن لحل الازمة، لكن جل ما قد تنتزعانه هو عدول الممكلة عن وقف التعامل التجاري مع لبنان اذا اقيل قرداحي.. لكن هل هذا هو هدف لبنان الذي يحتاج اليوم الى اشقائه العرب في الظروف القاسية التي يمر بها؟ قطعا لا. ولا حل جذريا الا بتطويق نفوذ حزب الله وبكف يده عن المؤسسات والحكم والقرار… تختم المصادر.