IMLebanon

هل يجرؤ القضاء على رفض دعوى “الحزب”؟

جاء في “المركزية”:

على غرار الطريقة العسكرية التي يطبقها في أدائه على باقي أنشطته، بدأ حزب الله اللعب المكشوف مع خصومه ومعارضيه السياسيين في لبنان من خلال اللجوء، وعلى غير عادة، إلى القضاء اللبناني والإدعاء بصفة شخصية في ما يعد سابقة منذ الإعلان عن تأسيسه عام 1983. الهدف واضح:  ممنوع ربط اسم الحزب بأي شكل من الأشكال بانفجار مرفأ بيروت، لا على الساحة الإعلامية ولا بإطار أي تجاذب سياسي، وهذا خلاصة ما أعلنه على لسان نائبه ابراهيم الموسوي الذي وقف أمام قصر العدل في بيروت، يشرح مميزات وأهداف الخطوة الجديدة التي قررها الحزب. بيد أن حزب الله لا يخفي في أدبياته التزامه نظرية ولاية الفقيه التي وضع اساسها آية الله الخميني بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

وبين ضربة عسكرية وأخرى قضائية حدث ما كان متوقعا إذ تقدّم “حزب الله” بدعوى حملت الرقم 434/2020، ضدّ النائب السابق فارس سعيد، وتم تحديد موعد لحضور الأخير أمام دائرة التحقيق في جبل لبنان بتاريخ 13-12-2021. وفي حال تخلّف سعيد عن الحضور في الموعد المذكور أعلاه أمام دائرة التحقيق، فستصدر بحقه مذكرة إحضار. فهل يوجد في لبنان قاضٍ يتجرأ على الاعتراف بأن حزب الله ،غير شرعي غير مسجل لدى وزارة الداخلية اللبنانية وبالتالي لا يحق له أن يتقدم أساساً بالدعوى؟ وهل هناك قاضٍ يتجرأ على حفظ دعوى مقدمة من حزب الله، أو تبرئة المدعى عليه من قبل الحزب ؟

المحامي سعيد مالك يشرح عبر “المركزية” مدى قانونية الدعاوى الصادرة عن جهة لا تحمل صفة رسمية ويقول: “هذا السؤال برسم قضاة التحقيق والنيابة العامة التي تقبل بدعاوى مماثلة إذ يجب أن تكون للشخص المدعي أو الفرقاء صفة أو مصلحة. أما بالنسبة إلى حزب الله فهو حزب سياسي لكنه لا يملك صفة رسمية كونه لا يملك العلم والخبر وغير مسجل في وزارة الداخلية، وبالتالي لا كيان معنويا وقانونيا يجيز له حق التقاضي أو حق الإدعاء”. المرة الأولى التي لجأ فيها حزب الله إلى رفع دعوى قضائية، بشخص نائب أمينه العام، نعيم قاسم، وليس بشخصه كحزب، كانت ضد الإعلامية ديما صادق عام 2005 وكرت السبحة. اللواء أشرف ريفي، بهاء الحريري، حزب القوات اللبنانية، النائب السابق فارس سعيد… من مميزات هذا السلاح الجديد أن أهدافه قابلة للتعديل، بحيث يطال كل من يوجه اتهاما للحزب سواء بالتسبب في انفجار مرفأ بيروت أو بأحداث الطيونة. فعلى أي أساس وافق القضاء المختص على الدعوى التي تقدم بها الحزب ضد سعيد وتم تحديد موعد لحضور الأخير أمام دائرة التحقيق في جبل لبنان بتاريخ 13-12-2021 . وفي حال تخلّف سعيد عن الحضور أمام دائرة التحقيق، يصار إلى إصدار مذكرة إحضار بحقه؟

“هذا السؤال يُطرح على قضاة التحقيق والنيابات العامة التي تقبل دعاوى من جهات  أو حزب غير مسجل أساسا، علما أنها لا تملك أي مجرى قانوني. لكن بما أن الإدعاء سياسي ويهدف إلى ترهيب سعيد بهدف التوقف عن إطلاق المواقف المناهضة للإحتلال الإيراني وضد حزب الله، كما يُخفي في طياته خلفيات سياسية وأهدافا أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها مريبة، فالخيار اليوم يتوقف على سعيد إما الحضور والمثول أمام دائرة التحقيق أو عدمه. وكل قرار يتخذه ستترتب عليه نتائج علما أن الهدف من دعاوى مماثلة هو كبت حرية التعبير”.

قد يكون شعور حزب الله أنه مأزوم بالخيارات السياسية التي اعتمدها، من هنا جاء الخيار باللجوء إلى القضاء ليدفع بكل من يتهمه أو يتوجه إليه بالمساءلة والمحاسبة الى أن يعيد حساباته، وهذا ما لم يعتمده الحزب في مراحل سابقة بدليل أنه لم يتأثر بأكبر الاتهامات بالاغتيالات والتفجيرات. أما اليوم فبات يتأثر نتيجة الأزمة والحصار الذي يعيشه بحيث لم يعد يستطيع أن يرد الهجمة التي أثرت على شعبيته داخل بيئته، ما أدى به إلى اللجوء للقضاء من أجل فرملتها. لكن ماذا عن القضاء؟

بحسب مالك “تستوجب الآلية القانونية أن يذهب القضاء إلى إصدار مذكرات وباستطاعة النائب السابق سعيد أن يرسل محاميه ويدلي بدفوع شكلية أهمها عدم صفة الجهة المدعية كونها ليست حزبا له صفة وليس مسجلا في وزارة الداخلية وليس له علم وخبر في سجلات الوزارة تجيز له حق التقاضي”. فهل يفعلها القضاء ويصدر مذكرة جلب في حال تخلف سعيد عن الحضور أو يجرؤ على التغاضي عن الدعوى؟ “الجواب في جعبة قضاة التحقيق والنيابات العامة” يختم مالك.