IMLebanon

تريث دولي وإقليمي: فضائح في لبنان!

منذ ان انتهت اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على هامش قمة المناخ في مدينة غلاسكو الاسكتلندية مع مجموعة الرؤساء والأمراء ونظرائه الغربيين والعرب يبحث المراقبون عن المبادرات الدولية والاقليمية التي جرى الحديث عنها فلم يجدوا لها اي أثر حتى اليوم. وهو ما دفع بالبعض منهم الى اعادة البحث عن مدى جديتها في مقاربة الازمة التي اندلعت بين لبنان والمملكة العربية السعودية قبل ان تتوسع الى مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي.

عند هذه المعادلة توقفت مراجع ديبلوماسية لتؤكد عبر “المركزية”، انه ليس في ما نشر من محاضر لقاءات ميقاتي والشخصيات العربية والغربية ما يمكن اعتباره معلومات خاطئة، او مفبركة او مزورة، او إمعانا في الحديث عن تعهدات غامضة قطعها العديد من أصدقاء لبنان من اجل مساعدته للخروج من مسلسل المآزق التي وقع فيها. ولكن ما كان لافتا ان مجمل ما نشر بقي في إطار طمأنة اللبنانيين بان لبنان ليس متروكا من قبل اصدقائه ولم ينغص عليهم ضرورة التمسك بالأمل بانه لا بد من الخروج من جحيم ما يعيشونه. ولكن في المقابل فقد تجاهل الناشرون والمسربون الإشارة إلى الشروط التي وضعها هؤلاء جميعا، والتي وان تناولت العديد من القرارات المطلوبة فلم تخرج عن لائحة الخطوات التي تعهدت بها الحكومة أمام المراجع الديبلوماسية العربية والدولية والاممية، من دون تنفيذ اي منها ولا سيما تلك المتصلة بالاصلاحات الفورية التي يجب ان تواكب انطلاق العمل الحكومي بالرغم من حجم العقبات التي فرملت الاندفاعة التي جاءت بها.

ومهما اختلفت الملاحظات التي تلقاها رئيس الحكومة فإنها التقت على عدد قليل من الخطوات والمطالب التي لا بد منها من اجل الاقلاع بمشاريع المبادرات التي تعهدت بها دول وحكومات ولا سيما تلك التي تعهدت بها فرنسا والولايات المتحدة الاميركية ودولة قطر عدا عن تلك المحصورة بخطوات محدودة وفي قطاعات محددة التي تعهد بها مسؤولو الجهات المانحة.

وعند الدخول في التفاصيل توقفت المراجع الديبلوماسية والسياسية عند بعض الملاحظات التي اجمع عليها أصحاب المبادرات واشارت الى اثنتين رئيسيتين:

-اولاها تناولت خروج اللبنانيين عند تشكيل الحكومة الجديدة عن المواصفات التي تحدثت عنها المبادرة الفرنسية والتي لقيت دعما اميركيا وأوروبيا وعربيا غير مسبوق رغم حجم الخلافات التي نشأت بين فرنسا وعدد من الدول الاوروبية والعربية والولايات المتحدة وخصوصا تلك المتصلة بصفقة الغواصات النووية الأميركية لصالح استراليا بدلا من الغواصات الفرنسية التقليدية، وتلك الناجمة عن الانسحاب الاميركي من افغانستان ووضع جميع الحلفاء امام امر واقع لم يكن محسوبا من قبل مع ما رافق العملية من مظاهر الفوضى وعدم التنسيق والتنظيم الذي كان يفرض وضع خطط مبكرة متفق عليها بين مختلف الدول التي شكلت التحالف الذي تحكم بأفغانستان على مدى أكثر من عقدين من الزمن.

– وثاني الملاحظات ان على الحكومة اللبنانية القيام باولى الخطوات المطلوبة منها من اجل فتح بوابة الحوار مع المملكة العربية السعودية وهي الخطوة المتمثلة باستقالة او اقالة وزير الاعلام جورج قرداحي. فايا كانت الكلفة المقدرة لهذه الخطوة فهي ستبقى اقل بكثير من ان يدفع رئيس الحكومة مجبرا على تقديم استقالة الحكومة ان استفحلت الأمور على الساحة الداخلية رافعا التحدي بوجه معرقلي الحل في الداخل للحفاظ على الحد الادنى من التضامن الحكومي المطلوب، كما بوجه الخارج الداعي الى الإحتفاظ بها وحماية الانجاز الذي تحقق بعد ثلاثة عشر شهرا على مهمة التكليف للتأليف واستهلاك رئيسين مكلفين قبل ان ينجح الثالث بتشكيلها. وكل ذلك بهدف وقف الانزلاق الى المزيد من الإنهيارات على كل المستويات وعدم القدرة على تشكيل حكومة بديلة قبيل الاستحقاقات الكبرى المقبلة واهمها التحضيرات لاطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي واجراء الانتخابات النيابية المقبلة.

وبانتظار ان تحقق الحكومة ايا من الخطوات المطلوبة بقيت المبادرات المنتظرة محصورة بسلسلة من البيانات التي عبرت عنها وزارات الخارجية في الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وعواصم عربية وغربية والتي عبرت عن حرصها على عدم قفل الأبواب في العلاقات بين المملكة ودول الخليج من جهة ولبنان من جهة أخرى وهو ما ظهر بارزا في بيانات الخارجيتين الفرنسية والأميركية وقد التقيتا على العناوين عينها.

وما كان لافتا ان انضمت موسكو الى لائحة الدول التي علقت على ما سمتها “الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية” بلسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، التي قالت إن “روسيا تعول على أقرب وقت ممكن لحل الصراع الدبلوماسي الدائر بين لبنان ودول الخليج العربية”، وبعد اشارتها الدالة الى موقف يرفض الاجراءآت السعودية عندما قالت ان تصريحات قرداحي سبقت توليه مهامه الحكومية فقد جددت دعوتها الاطراف إلى “حل الخلاف في أقرب وقت ممكن”. وانتهت الى “أنه لم يطلب أحد من الجانب الروسي التوسط لحل هذه الأزمة”.

على هذه الخلفيات، بنت المراجع الديبلوماسية فهمها لعدم اقدام اي من الدول التي عبرت عن النية بالمبادرة الى عدم القيام بأي خطوة عملية بانتظار ما هو مطلوب من اللبنانيين فيما هم غارقون في مشاكلهم المتعددة بتصرفات غريبة وعجيبة رفعت من نسبة الفضائح المرتكبة أمنيا وقضائيا ولعل ما شهده قصر العدل من تجاوز احد القضاة لما هو مطلوب منه خير دليل على عشوائية التعاطي مع قضايا حساسة وخطيرة وهو ما ترصده العيون الأجنبية لتفرمل من اندفاعها باتجاه مساعدة اللبنانيين وهو مؤشر على عدم استعداد احد على المبادرة ما لم يلاقيه اللبنانيون في منتصف الطريق على الاقل وهو امر لم يتحقق حتى اللحظة.