IMLebanon

مرعش… مشروع لـUN Habitat بتمويل بولندي ياباني

كتبت شانتال عاصي في “الجمهورية”:

في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالبلاد، لم تتوان برامج الأمم المتحدة عن مساعدة لبنان وكل قاطنيه من مواطنين ولاجئين، وعلى رأسها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، الذي يعمل نحو مستقبلٍ حضري أفضل، وتتمثل رسالته في تعزيز التنمية المستدامة للمستوطنات البشرية في المجالات الإجتماعية والبيئية وتوفير المأوى المناسب للجميع.

أكدت تاينا كريستيانسن، مديرة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان أن الـUN Habitat تركّز على المدن والتحضر وتحسين نوعية الحياة للفئات الهشة، وأيضا تقريب المسافات في المدن من خلال جعلها شاملة وخضراء ومستدامة وعادلة ويمكن الوصول إليها بأسهل الطرق. يقع مقرّ الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في نيروبي، كينيا، ويعمل في حوالى 90 دولة في جميع أنحاء العالم. وبالتالي فإن تركيز البرنامج أو العمل الذي تقوم به الـUN Habitat في لبنان هو في إعادة تأهيل أو إصلاح الأضرار التّي خلّفتها الأزمات المتعاقبة. منذ عام 2006 أي منذ حرب تموز، ركزت الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية على إعادة بناء المنازل في جنوب بيروت وجنوب لبنان. ومنذ ذلك الحين، عملنا كثيرًا مع البلديات.

وأضافت كريستيانسن: «ينصبّ تركيزنا الأساسي على دعم البلديات لتحسين الحياة في المجتمعات وخاصة الهشّة منها لتحسين التعامل مع الأزمات المختلفة التي يواجها اللبنانيون. الى أن برزت أزمة اللاجئين السوريين، واتّسع نطاق عملنا. فركزنا أكثر على دعم هؤلاء وكذلك المجتمعات المضيفة أي اللبنانيين من خلال توفير الخدمات الأساسية، ومنها تأمين المياه، إعادة تأهيل المساكن، إعادة تأهيل البنى التحتية، وإنشاء الأماكن العامة. وذلك بهدف تحسين حياة الناس، وللتعامل بشكل أفضل مع المواقف الصعبة وتعزيز التماسك الاجتماعي بين المجتمعات المختلفة التي تواجه أحيانا صعوبة في العيش والعمل معا».

برنامج متعدّد القطاعات

إن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية متعدد القطاعات بحسب مديرة البرنامج، لذا فإنهم يتعاملون مع التحديات والمجتمعات من منظور متعدد القطاعات. لذلك، لا تركز الـUN Habitat فقط على مشكلة واحدة يواجهها مجتمع معين، بل يتم تناولها من خلال نهج متعدد الجوانب. يتولى البرنامج تحديد سِمات أحياء المدن لتأسيس قاعدة أدلة وفهما لماهية القضايا الحرجة المطروحة. بناءً على ذلك، وبالتشاور مع المجتمعات نفسها، المستفيدين، البلديات، ومنظمات المجتمع المدني، ثم بالطبع، عند الاقتضاء، الحكومة الوطنية. وأشارت كريستيانسن إلى أن الـUN Habitat تحدد النقاط الرئيسية حيث يمكنها إحداث فرق كبير لمن هم في أمس الحاجة إلى المساعدة، سواء أكانوا نساء وأطفالا، أو من الشباب أو اللاجئين.

وأضافت: «نقوم بتصميم المشاريع من البداية إلى النهاية، بحيث نتشاور مع الفئات المستهدفة حتى نعرف ما يريدون ونستطيع بعد ذلك تقديم ما يناسبهم وتحسين حياتهم. أود تقديم ملاحظة خاصة حول جهودنا بعد انفجار بيروت الضخم، نشر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فرقا على الفور في بلديات بيروت وبرج حمود، ودعمناهم ببناء القدرات والخبرة الفنية في تقييم الأضرار. وقمنا بتقييم المباني عبر البلديات التي تأثرت بالانفجار لفهم مدى الضرر الذي لحق بها. بالإضافة إلى ذلك ، قدمنا ​​أيضا دعماً مادياً للأشخاص الذين خسروا بيوتهم ولجأوا للإيجار، فقدمنا ​​لهم دعما لمدة أربعة أشهر تقريبا حتى يتمكنوا من الوقوف على أقدامهم مرة أخرى».

شركاء الـUN Habitat

واعتبرت كريستيانسن أن العمل في لبنان غير ممكن من دون الشراكة التي أقامتها الـUN Habitat على مدى السنوات الـ 15 الماضية في البلاد. لذلك ليس فقط من خلال البلديات، ولكن أيضا من خلال المنظمات غير الحكومية المحلية التي تمتلك المعرفة الفنية وتعرف المجتمعات التي تخدم فيهاالـUN Habitat ، وبالطبع أسرة الأمم المتحدة.

وقالت: «نحن نعمل في شراكة في جميع أنحاء البلاد، واستفدنا من الميزة لكل من وكالاتنا لتعظيم التأثير على المجتمعات التي نخدمها. وبالطبع، لن نتمكن من القيام بهذا العمل من دون التمويل الأساسي من العديد من المانحين من أوروبا وأميركا الشمالية وشرق آسيا».

إصلاحات رئيسية

كما قامت الـUN Habitat بإصلاحات أساسية، ومنها إعادة ترميم المدارس بالاشتراك مع اليونسكو، ودعمت أيضا إعادة تأهيل المراكز الصحية في الحجر الصحي من أجل إعادة الخدمات الأساسية أو الخدمات الصحية إلى مسارها الصحيح. والإجراء الرئيسي الأخير الذي قامت به هو إنشاء مبادرة تضم العديد من الجهات الفاعلة الرئيسية المختلفة الذين يقومون بشكل أساسي بجمع الأنقاض والتخلص منها أو إعادة استخدامها بطريقة صديقة للبيئة لتجنب تشبّع مكبات النفايات الممتلئة بالفعل في لبنان.

مشروع استثنائي

«مرعش» أحد أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في الشرق الأوسط، يبلغ عدد سكانها حوالى 6000 نسمة يتألفون من حوالى 60 % من اللبنانيين المعرضين للخطر و40 % من اللاجئين السوريين وجنسيات أخرى. يواجه السكان العديد من التحديات، بما في ذلك الفقر ومحدودية الوصول إلى المياه والكهرباء. أما بالنسبة للشبكات التي تربط الكهرباء بالمباني فكانت رديئة جداً، لذلك قامت الـUN Habitat بتأهيل الأسلاك الكهربائية وإعادة تأهيل المباني. والأزقة الخمسة هي قيد إعادة التأهيل حاليا وقد تم الانتهاء من العمل في البعض منها، فبات المقيمون يشعرون بالفخر في المكان الذي يقطنون فيه وباتت الحياة فيه أكثر أمانا.

يتضمن المشروع إعادة تأهيل واجهات المباني والأماكن العامة، وتحسين التنقل في الشوارع والسلامة، وإمكانية الوصول إلى الخدمات الحضرية الأساسية. وشمل تركيب نظام للطاقة الشمسية، والذي سيعيد الطاقة إلى الشبكة لتوفير كهرباء أكثر اخضرارا وأرخص للمجتمع وإضاءة الشوارع لتحسين السلامة.

وتابعت كريستيانسن: «عنصر كبير آخر في هذا المشروع كان أساسياً هو العامل البيئي، حيث لم نقدم على الزراعة على الأسطح فقط لجعل سبل عيش الناس أكثر استدامة، ولكن أيضا أكثر خضرة. وشمل المشروع تركيب نظام للطاقة الشمسية، والذي سيعيد الطاقة إلى الشبكة لتوفير كهرباء أكثر اخضرارا وأرخص للمجتمع وإضاءة الشوارع لتحسين السلامة».

يحتوي هذا المشروع على مكونات عديدة، أبرزها عنصر كسب العيش، من خلال توظيف الشباب والنساء، الذين شاركوا في إصلاحات الأعمال الكهربائية. كما تم إعادة تأهيل إشراك النساء في العمل، لا سيما في مركز الدفاع المدني اللبناني، ما يوفر ليس فقط دخلاً لهذه الفئات السكانية الفقيرة، ولكن أيضا يعزز قدرتهم على حماية أنفسهم.

وقد تم تزويد مركز الدفاع المدني أيضا بمركبة تدخل سريع، وهي فرقة الإطفاء المصغرة، والتي يمكنها الوصول إلى أزقّة وشوارع ضيقة للغاية وقد أنقذت حياة المواطنين مرارا وتكرارا.

في ظل غياب الدولة الدائم وعدم قدرتها على القيام بأدنى واجباتِها تجاه مواطني وساكني أراضيها، الحلّ الوحيد يبقى بالأيادي التي تمدّ يد المساعدة وقت حاجتها، وعلى رأسها الأمم المتحدة.