IMLebanon

نصرالله للبنانيين: عضّوا على الجراح!

جاء في نداء الوطن:

بالشكل والمضمون، بدا الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله في إطلالته المتلفزة مستشعراً هول القطيعة الخليجية للبنان وثقل تداعياتها على كاهل اللبنانيين في الداخل والخارج، فخفّض سقف خطابه إلى حدود “التظلّم” والتنصل من المسؤولية عما نتج وسينتج عما وصفها بـ”الأزمة القائمة والفعلية” من أهوال ومصائب على البلد وأبنائه، ليتراجع إلى خطوط الدفاع الورائية في مواجهة “معركة الرأي العام” التي صبّت بمجمل اتجاهاتها الوطنية والخارجية في خانة تحميل “حزب الله” مسؤولية مباشرة عما وصلت إليه البلاد، من تعطيل وتنكيل بالمؤسسات وقطع للأرزاق اللبنانية وللعلاقات العربية.

وتحت سقف “المظلومية” التي رفع لواءها الخميس، ذهب نصرالله إلى حدّ “تسخيف” فكرة هيمنة “حزب الله” على لبنان و”الأسخف منها فكرة الاحتلال الإيراني”، شاكياً عجز الحزب عن فرض “تنحية” المحقق العدلي في جريمة المرفأ، واستحضار المازوت الإيراني مباشرةً إلى الزهراني وطرابلس، وتطبيع العلاقات مع سوريا وإنشاء معامل كهرباء إيرانية في لبنان… وخلص بعد طول تقديم وشرح وسرد، إلى إعادة توكيد العداء للسعودية وتحميلها المسؤولية عن تفاقم الأزمة اللبنانية الناتجة عن تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي المؤيدة للحوثيين، مع تجديد موقف “حزب الله” الرافض لاستقالته أو إقالته… وما على اللبنانيين سوى أن يستعينوا بـ”الصبر” ويعضّوا على الجراح.

وإذ عاد بالزمن إلى استقالة وزير الخارجية شربل وهبه باعتبارها كانت خطأ لأنها أتت من دون مقابل سعودي، إنطلق نصرالله من هذه الاستقالة لتبرير رفضه استقالة قرداحي، معتبراً أن كل من يطالب بهذه الاستقالة “يخضع للإملاءات الخارجية”، وصوّب بشكل غير مباشر على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من دون أن يسميه من خلال تصويبه على “الذين طالبوا وزير الإعلام بأن يقدم المصلحة الوطنية”، متسائلاً: “هل المصلحة الوطنية في الإستجابة لكل ‏ما يطلبه الخارج؟ إذا كان يوجد إنتقاص من سيادة ‏لبنان وإذلال وإهانة كيف يصبح هذا مصلحة وطنية؟”.

وبينما كانت لافتة محاولة نصرالله الاستثمار في زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق عبر تصويرها على أنها “إعلان للهزيمة العربية” أمام انتصار النظام السوري، رأى في المقابل أنّ “القصّة هي قصّة مأرب” في اليمن وما الأزمة اللبنانية – الخليجية سوى “فشّة خلق بنا”…. غير أنّ أمين عام “حزب الله” عاد في الوقت نفسه ليناقض خلاصته هذه بنفسه، حين بادر إلى تكذيب المعلومات التي كان قد أشاعها الوزير السابق وئام وهاب، حول طلب السعودية من الإيرانيين حلّ الموضوع اليمني عبر التواصل مع “حزب الله” فقال: “هذا غير صحيح وخلال الجولات الـ4 من ‏المفاوضات (السعودية – الإيرانية في العراق) لم يؤتَ فيها على ذكر لبنان وعلى ذكر “حزب الله” على الاطلاق، لا في مسألة يمن ولا في غير ‏مسألة يمن”!

أما في سلسلة الأحداث والاشتباكات القضائية والأمنية التي يشكل “حزب الله” نقطة الارتكاز فيها، فسعى نصرالله إلى تبريد الأرضية والأجواء مع “عرب خلدة” معلناً الانفتاح على “المعالجة والمصالحة”، بينما في ملف أحداث الطيونة جدد اتهام “حزب القوات اللبنانية” بالوقوف وراءها “عامداً متعمّداً عن سبق إصرار وتصميم، وتخطيط وتدبير واستنفار وتجهيزٍ واستطلاعٍ ومجيءٍ ‏لعناصر من خارج عين الرمانة الى عين الرمانة”، نافياً وجود أي محاولة للمقايضة بين هذا الملف وبين ملف ‏مرفأ بيروت، الذي حرص في معرض مقاربته الموجزة له على تجاهل تغريدة رئيس الجمهورية ميشال عون الإيحائية أمس الأول بأنّ “الأبرياء لا يخافون القضاء”، بعدما عاد عون في الليلة نفسها تحت وطأة انزعاج الثنائي الشيعي إلى تصويب وتمويه المقصود منها، والتلميح إلى احتمال أن تكون متصلة بقضية عين الرمانة وليس جريمة المرفأ!

وعلى وقع تغريدة سعودية واضحة في كونها أتت رداً مباشراً على كلام نصراللّه باعتبار أنّ “الحقّ كُل لا يتجزَّأ فهناك فرق شاسع بين نفي الواقع وبين محاولة تبريره”، كما دوّن السفير وليد بخاري، يواصل رئيس الحكومة تسطير المزيد من مواقف النأي بالنفس عن تداعيات أداء “حزب الله” وتصريحات وزير الإعلام المسيئة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، فجدد خلال رعايته أمس احتفالاً بمناسبة مئوية نقابة المحامين في طرابلس التأكيد على أنّ تعاطيه “بإيجابية وانفتاح مع التحديات” لا يعني خروجه من تحت العباءة العربية، مشدداً بهذا المعنى على أنه يمنح “الحوار مداه الأقصى”، لكنه “لن يحيد أبداً عن قناعاته وصون انتماء لبنان العربي والحفاظ على علاقات الأخوة مع الأشقاء العرب وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية”.