IMLebanon

طريق سوريا إلى التطبيع… النهاية يكتبها الأقوى

جاء في المركزية: 

يومًا بعد يوم تتوسع مروحة الجدال حول دور التدخل الروسي العسكري في سوريا الذي بدأ في أيلول 2015 أي بعد أربعة أعوام على انطلاق الثورة السورية في آذار 2011. يومها كانت الأهداف إنقاذ سوريا من السقوط بيد المتمردين. لكن الثابت أن هذا التدخل أحدث تغييراً واضحاً في ميزان القوى على المستويين العسكري والسياسي والنفسي في سوريا. فالقوة العسكرية الروسية خصوصا “الجوية” أحدثت فارقا كبيرا في ميزان المعارك بين المعارضة المسلحة والنظام والميليشيات الإيرانية، فضلا عن دخول التقنيات العسكرية على أرض المعركة، حيث اختبرت روسيا أكثر من 200 نوع سلاح وفق تصريحات روسية رسمية. وعلى المستوى النفسي، انكسرت معنويات الثوار خصوصا بعد سقوط حلب الشرقية في نهاية العام 2016، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المدينة في إطار مهمة حفظ الأمن.

اليوم وبعد مرور 6 أعوام على التدخل الروسي العسكري في سوريا تبرز مؤشرات عدة  من شأنها إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط فهل تساهم المبادرة الروسية باتجاه المنطقة في احلال السلام والمحافظة على الاستقرار وانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي عبر حل الدولتين؟ وهل تتولى موسكو مهمة تحضير سوريا للدخول في مشروع السلام والسير بالتطبيع من خلال التنسيق القائم مع إسرائيل؟

العميد المتقاعد النائب وهبي قاطيشا يؤكد لـ”المركزية” أن هدف روسيا الأول من التدخل عسكريا في سوريا هو التوسع وتأمين رقعة نفوذ أكبر فيها بعدما كانت مهددة بالسقوط على أيدي المعارضة وإيران وحزب الله.

وينفي قاطيشا أن يكون هدف الدور الروسي اليوم مصوبا نحو القضية الفلسطينية “لأنه لا يمون لا على الفلسطينيين ولا حتى على إسرائيل. وعلى العكس هناك تنسيق تام مع إسرائيل في شأن العمليات الجوية التي تقوم داخل الأراضي السورية ضد مواقع حزب الله والحرس الثوري”.

خارج النظام السوري لا إمكانية لتوافر موطئ قدم لروسيا في المنطقة. ويرتكز قاطيشا في تحليله على مؤشرات أبرزها “أن روسيا لا تمون على إسرائيل ولا حتى على إيران، لذلك أستبعد أن يكون لديها موطئ  قدم خارج النظام السوري تحت غطاء حمايته بالإتفاق مع الولايات المتحدة وبمباركة عربية وهذا ما يعزز صمود النظام السوري اليوم”.

ويعتبر أن مسالة تعبيد روسيا الطريق أمام النظام السوري للذهاب إلى التطبيع مع إسرائيل ليست بالسهولة التي يراها البعض”فروسيا لا يمكنها أن تذهب بعيدا في مسألة التطبيع والسلام والمسألة تحتاج إلى الكثير من الوقت إن لم نقل إلى سنين. وقبل التطبيع علينا أن نرى أي نظام ستكون عليه سوريا”.

زيارة وزير خارجية قطر عبدالله بن زايد، رائد وراعي التطبيع، إلى سوريا ولقاؤه الأسد فتح الباب على عدة ترجيحات أولها التطبيع مع إسرائيل، “لكن من يقرأ في دفاتر العلاقة السورية القطرية يلاحظ أن الخطوط مفتوحة سراً لجر الأسد نحو الحضن العربي، ومن أبرز شروطه للتخلي عن إيران وحزب الله الحصول على المساعدات لإعادة إعمار سوريا. كل هذا يحصل سرا تحت الطاولة. وقد تكون لجس النبض ومعرفة مدى استعداد سوريا للعودة إلى الحضن العربي بحسب الشروط المفروضة. لكن الأميركيين لن يتقبلوا الأمر لأنهم ما زالوا ينظرون إلى الأسد كطاغية يرهب شعبه ولا يؤمن لهم أدنى مقومات العيش الهادئ والكريم”.

التنسيق الروسي -الإسرائيلي لضرب أهداف عسكرية إيرانية في سوريا أنقذ بشكل غير مباشر روح النظام السوري وأعطاه زخماً ضد إيران خصوصا أن روسيا على غرار الدول الكبرى لا تدخل في لعبة القتل والتدمير إنما تترك مسؤولية هذه الآلية لدول أخرى.

وفي هذا السياق يلفت قاطيشا “إلى أن روسيا تسعى إلى تحجيم الوجود الإيراني في سوريا وتقليص صلاحياته العسكرية عبر أذرعه المتمثلة بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله وهو قادر على إنهاء دور إيران بشكل كامل عندما يقرر ذلك لكنه يكتفي حاليا بهذا القدر من “الإزعاج” طالما أنه مرتاح بوجوده على الساحل، لكن ثمة من سيخرج من الحلبة في النهاية ويكون الفوز للأقوى والأقوى هنا هي روسيا حتما”. ويكشف أن “هناك نقمة كبيرة على إيران وحزب الله من النظام والشعب والجيش السوري بسبب التجاوزات المباشرة والشعور بالسيطرة والإحتلال”.

ويختم قاطيشا مؤكدا “أن إيران قدمت أكبر خدمة لإسرائيل التي باتت موجودة عند مضيق هرمز بعد الإتفاق مع البحرين وفي الخليج العربي مما يؤشر الى أن المنطقة ذاهبة حتما نحو السلام مع إسرائيل في مقابل تراجع الإمبراطورية الإيرانية لكن الأمر يحتاج إلى الكثير من الوقت  لكننا في النهاية سنصل إلى شرق أوسط متحرر من إيران وهذا يتطلب أيضا الوقت لتكريسه”.