IMLebanon

“القوات”: “الحزب” أضعف ممّا تتصوّرون

كتبت راكيل عتيق في “الجمهورية”:

خرج رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من «تركيبة» ملف الطيونة ـ عين الرمانة مُنتصراً وبلا أي أضرار جانبية، بل بدلاً من تطويقه حظي بالتفافٍ شعبيّ وسياسيّ. كذلك يتجرّع «الحكيم» كؤوس الفوز بالانتخابات الطالبية في عدد من الجامعات ويعوّل على تتويج هذا الفوز بالانتخابات النيابية، ويعتبر أنّ الأحداث والازمات المتوالية تثبت صحة وجهة نظره، خصوصاً لجهة أن «لا نوى مع هذا الفريق الحاكم» وأن «لا حلّ أو تغيير الّا من خلال الانتخابات وبعدها وليس قبلها». كذلك يستقبل رئيس «القوات» في معراب الداعمين والمتضامنين، ويحظى بدعم و»امتيازات» من خارج الحدود، أو على الأقلّ ليس وحزبه بالنسبة الى الدول الغربية ضمن خانة «الفاسدين» ومن المشمولين بالعقوبات. وفي يوم قَطْع الرياض علاقتها بلبنان عبر سحب سفيرها من بيروت، لم يجِد السفير السعودي داعياً لتوديع أي مسؤول أو شخصية في لبنان الّا جعجع.

من مقرّ «القوات» في معراب يتابع جعجع الأوضاع والملف الانتخابي. وفي حين بدأت استطلاعات الرأي والـ»بوانتاج» والحسابات والمشاورات، يُتداول شعبياً وبين «قواتيين» أسماء نواب لن يحظوا بشرف الترشُح على لوائح «القوات» في الانتخابات النيابية المقبلة، ويُحكى عن تحالف مع فاعليات مناطقية، أو تبادل أصوات مع أحزاب أو مرشَّحين، إنّ هذا كلّه لا يزال في إطار «الحكي»، ولا شيء محسوماً بعد في معراب. فكلّ ما يتعلّق بالانتخابات يُعلن في وقته، وهو الآن مُلك رئيس الحزب وعندما ينضج يُصبح ملك الهيئة التنفيذية في «القوات»، ويُبلّغ به من يجب أن يُبلّغ ويخرج الى الإعلام، بحسب مصادر «القوات». وهذا كلّه أيضاً مرهون بموعد الانتخابات وإذا كانت ستُجرى في آذار أم في أيار 2022، ولن يُعلن جعجع أي ترشيحات أو قرارات مرتبطة بالاستحقاق الانتخابي قبل تبلور مصير الطعن بالتعديلات التي أدخلت الى قانون الانتخابات الذي تقدّم به «التيار الوطني الحر» أمام المجلس الدستوري.

في غضون ذلك، يُواجه لبنان أزمة مستجدة ناشئة مع السعودية وبعض دول الخليج على خلفية تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي والنابعة من أسبابٍ أخرى منطلقة تحديداً مما يُشكّله «حزب الله» من تهديد لهذه البلدان فيما أنّه يسيطر على القرار في لبنان، بحسب هذه الدول. ويبدو أنّه لم يعد هناك من حليف أو صديق للسعودية في لبنان الّا جعجع، وفق ما أوحت زيارة السفير السعودي وليد بخاري لمعراب قبيل مغادرته بيروت الى أجَل غير معروف.

ويسأل البعض عن دور جعجع في الأزمة مع السعودية، وعن عدم استثماره علاقاته الجيدة بالمملكة للحؤول دون هذه العزلة السعودية للبنان والتخفيف من حدة الإجراءات الخليجية، التي يظهر أنّها لم تتوقف عند حدٍ بعد. الردّ «القواتي» على هذا الطرح: «أنّ جعجع لم يتبنَّ أو يقل يوماً إنّ العلاقة مع السعودية تمرّ عبر هذا الباب السياسي أو ذاك، بل إنّ السعودية تدخل الى لبنان من البوابة اللبنانية الرسمية».

وتقول مصادر «القوات»: «صحيح أنّ السعودية لديها صداقات وعلاقات، في طليعتها «القوات» انطلاقاً من صدقيتها وسياستها ووضوحها، لكنّنا نعتبر أنّ حلّ الأزمة مع السعودية ودول الخليج وأي دولة أخرى في العالم لا يكون عن طريق مسألة فرعية بل من خلال البوابة اللبنانية، فمشكلة السعودية مع لبنان ليست مع هذا الفريق أو ذاك بل أنّ هناك غياباً للدولة، وعندما تنوجد الدولة في لبنان تصطلح العلاقة مع السعودية.

وبالتالي من الخطأ طرح مقاربة: ماذا تستطيع أن تقدّم «القوات» أو تيار «المستقبل» أو أي فريق سياسي؟ وعلى رغم ذلك، إنّ «القوات» تستطيع أن تقدّم بالدفع في اتجاه مشروع الدولة، وبمقدار ما يجري هذا الاتجاه يتمّ تعزيز العلاقات اللبنانية – السعودية والخليجية». وبالتالي، بالنسبة الى «القوات»، تتعلّق المسألة بمشروع الدولة في لبنان ومفهومها». وتعتبر مصادرها أنّ «الاشكالية أكبر من وساطات ومحاولات وصداقات، بل تتعلّق بجوهر الأزمة اللبنانية وهي أنّ «حزب الله» يخطف القرار السياسي والدولة في لبنان، وطالما أنّه يخطف هذا القرار والدولة لا إمكانية لإصلاح هذه العلاقات، فإصلاحها يبدأ من لحظة تَعي القوى السياسية مجتمعةً أنّ على الدولة أن تحزم أمرها وتفصل بينها وبين «حزب الله» وأن تكون حامية لسيادتها وقرارها وأن لا يتحوّل لبنان منصةً لاستهداف السعودية، فهي وأي دولة أخرى غير مضطرة الى أن تتعاطى مع لبنان على أنّ هناك أمرا واقعا.

وصحيح أنّهم تعاطوا مع هذا الواقع لفترة من الزمن، لكنّهم وصلوا الى مكان لم يعد في إمكانهم التعامل معه والتمييز بين الدولة والدويلة، إذ عندما أصبحت هذه الدويلة التي اسمها «حزب الله» تهدّد دول الخليج بالأمن والمخدرات والسياسة، وصلت هذه الدول الى قرار بأنّها غير مضطرة لأن تساعد الدولة في لبنان لكي تستفيد الدويلة». وتعتبر «القوات» أنّها تساعد كثيراً على هذا المستوى، بل أنّها أكثر من يساعد، وذلك «من خلال مبدئيتها السياسية وموقفها الواضح لجهة العبور الى الدولة ومشروعها الواضح بقيام دولة حقيقية سيدة على أرضها تلتزم نهائية كيانها وعلاقاتها الخارجية في طليعتها الدول الخليجية».

أمّا عن طريقة مواجهة «حزب الله»، فيما أنّه يعطّل مجلس الوزراء ولم يتأثر بالأزمات بل يستفيد من ارتباطه بإيران، ولم تجعله الأزمة مع السعودية يتراجع حتى الآن، في حين لم تتكوّن جبهة معارضة متراصة ضده، بل يكتفي المعارضون له، ومن ضمنهم «القوات»، بإطلاق المواقف والبيانات، فتعتبر مصادر «القوات» أنّ «الحزب أضعف ممّا يعتقد البعض، لكن ماذا المطلوب؟ هل أن نواجه السلاح بالسلاح؟». وتقول: «إنّ سلاحنا هو الموقف والإقناع، والسلاح الأمضى والأقوى لمواجهة «حزب الله» هو الناس والرأي العام اللبناني الذي وصل الى اقتناع أنّ مشروع «حزب الله» تدميري للبنان».

وترى «القوات» أنّ «سلاح الموقف أقوى سلاح يُمكِن مواجهة «حزب الله» ومحاربته من خلاله، وهذا ما رأيناه في عين الرمانة وشويا وخلدة، فكلّ البيئات اللبنانية أصبحت تنتفض في وجه «حزب الله»، وبالتالي إنّ مشكلة «حزب الله» مع جميع اللبنانيين، وهذه المسألة الأساسية». وتعتبر «القوات» أنّ «حزب الله» قوي في التعطيل، فيعطّل الحكومة ومسار الدولة، وإذا لم يفلح بالتعطيل السياسي يذهب الى التعطيل على أرض الواقع، لكن غير ذلك لا قوة له وقوته السياسية وهْم، وهو أضعف ممّا يتصوّر أيّ كان، وتبقى الانتخابات طريق التغيير وقلب المعادلة».