IMLebanon

“إنفراج حكومي” بعد زيارتين الى الخارج؟

كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:

لم يُسفر الاجتماع الرئاسي الثلاثي في القصر الجمهوري، بعد احتفال الاستقلال، أمس الأول، عن أي نتيجة عملية فورية لجهة استئناف جلسات مجلس الوزراء، انطلاقاً من حسم مسألة الاعتراض على عمل المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، أو لجهة إيجاد مخرج للأزمة مع السعودية وبعض دول الخليج، أو مدخلاً للتحاور معها، وهذا المدخل بات معروفاً ومؤكّداً، وهو استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي. قد يكون الاجتماع أذاب بعضاً من الجليد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لكنّه لم يُرخِ إيجابيات ملموسة على أيّ من الأزمات.

في لقاء الاستقلال الثلاثي، بحث عون وبري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في موضوعين أساسيين، الأوّل هو الذي يعطّل اجتماع مجلس الوزراء ويتعلّق بإصرار «الثنائي الشيعي» على إيجاد حلّ لطريقة عمل بيطار، والثاني درس طريقة معالجة أزمة استقالة قرداحي.

في الموضوع الأول، طُرحت خيارات عدة، أبرزها: أن يجد المحقق العدلي نفسه حلاً بالتفاهم مع مجلس القضاء الأعلى بخصوص الوزراء السابقين المدّعى عليهم، أن تتخذ محكمة التمييز قراراً بهذا الموضوع. والحلّ الثالث، أن يبادر مجلس النواب الى إحالة النواب والوزراء السابقين المدّعى عليهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

لكن مثُلت أمام كلّ من هذه الخيارات عقدة، واستُبعد خياران، إذ إنّ بيطار متمسّك بطريقة عمله وادعاءاته واستجواباته، وبري يفضّل ألّا يبادر مجلس النواب في هذا الموضوع، تحسباً لخطر حصول انقسام عامودي داخل المجلس، وأن تعارض الكتل المسيحية إحالة المدّعى عليهم على المجلس الأعلى أو أن تقاطع الجلسة فتصبح غير ميثاقية، وبالتالي يبقى الخيار الثالث الذي يقضي بأن يبادر مجلس القضاء الاعلى، وتحديداً محكمة التمييز، الى معالجة هذا الموضوع. وهذا الأمر يتطلب اتصالات، لذلك لم يُحسم في اجتماع أمس الأول. وعمّا إذا كانت هذه الاتصالات تعني التدخّل في عمل القضاء، في حين أنّ عون وميقاتي يؤكّدان أنّ المؤسسة القضائية الدستورية هي المعنية بالأمر ولا تدخُّل معها أبداً، تقول مصادر مطلعة: «لا تدخُّل، بل هذا عمل المؤسسات القضائية، ولن يُحكى مع أي جهة قضائية، بل أن تجري متابعة من خلال وزير العدل. لكن هناك مشكلاً في البلد، وعلينا البحث عن طريقة للخروج منه، وهذه الحلول الممكنة. أمّا أي حلّ سيُعتمد فمن غير المعروف بعد، وصيغته غير واضحة أو مكتملة».

أمّا بالنسبة الى استقالة قرداحي، وبعد أن طُرح أن تجتمع الحكومة وأن ينوجد مخرج عن طريق مجلس الوزراء، جرى خلال الاجتماع التأكيد، على أنّ الحكومة لا علاقة بها بهذه الأزمة، بمعنى أنّ الخلاف مع السعودية لم ينتج من الحكومة أو من عمل حكومي، بل من تعليق شخصي صدر عن قرداحي قبل أن يُعيَّن وزيراً، فالحكومة لم تخطئ وبالتالي مجلس الوزراء لا يجب أن يتحمّل مسؤولية ذلك، ويجب أن يكون المخرج بمبادرة من الوزير المعني. وفي هذا الإطار، لا تقدُّم قيد أنملة في معالجة الأزمة مع السعودية، وهناك قلق من بعض الدول، تبلّغه مسؤولون، لجهة أنّ لبنان لا يُقدم على أي خطوة، ولم تصل بعد أي إشارة خارجية إيجابية في هذا الشأن، ولم تفلح أي من المبادرات أو الاتصالات، إن من الجامعة العربية أو الأميركيين أو الفرنسيين، وذلك بحسب مصادر مسؤولة، لأنّ السعوديين والخليجيين يصرّون على أنّ لبنان يجب أن يبادر بخطوة لكي يدخلوا في نقاش وبحث في هذه الأزمة والعلاقات الثنائية، والمقصود بهذه الخطوة استقالة قرداحي.

كذلك أبلغ ميقاتي الى عون وبري خلال الاجتماع الثلاثي، أنّه يميل الى دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد بعد عودته من الفاتيكان حيث سيلتقي البابا فرنسيس غداً الخميس. وصارح عون وبري بأنّ هناك قضايا لم تعد تحتمّل الانتظار، وأنّ هناك قرارات يجب أن تُتخذ، فالعمل الحكومي مشلول، وصحيح أنّ اللجان الوزارية تجتمع وتحضّر الملفات، لكن هذه الملفات يجب أن تقترن بقرار مجلس الوزراء، وبالتالي هو مضطر الى أن يدعو الى اجتماع. وفي حين أنّ عون يؤيّد دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، يعتبر بري أنّ هذا شأن السلطة التنفيذية، الّا أنّ ردة فعل «الثنائي الشيعي» على هذه الدعوة غير معروفة بعد، وإذا حُلّت مسألة الاعتراض على بيطار الى حينها سيحضر الوزراء الشيعة الجلسة، امّا إذا لم تُحلّ، فليس معلوماً ماذا سيكون قرار «الثنائي الشيعي»، وماذا سيكون بعده قرار ميقاتي، وإذا كان مجلس الوزراء سينعقد في غياب المكوّن الشيعي، ما يؤدّي الى خلل ميثاقي بالنسبة الى بعض الأفرقاء.

في المحصّلة، هناك مداخل لحلّ الأزمات، لكن لم تتوافر لها بعد عوامل النضوج والعمل جارٍ لإنضاجها، بحسب مصادر معنية، وهذه المداخل والمخارج يحتاج انضاجها الى فترة زمنية من المُرجح أن تكون بين زيارة ميقاتي للفاتيكان وزيارة عون لقطر الأسبوع المقبل في نهاية تشرين الثاني الجاري، تلبيةً لدعوة تلقّاها سابقاً للمشاركة في حدث افتتاح كأس العالم، حيث على جدول أعماله لقاء مع أمير قطر إضافةً الى لقاءات أخرى، سيتخلّلها بالتأكيد بحث في الأزمة مع السعودية وبعض دول الخليج، ويؤمل في أن تفسح زيارتا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى الخارج، المجال أمام اتصالات لتسهيل الحلول.