IMLebanon

دعاوى الرد في حق البيطار لن تتوقف؟!

لم يعد خافياً على أحد أن طريق التحقيق بانفجار مرفأ بيروت الذي يتولاه قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار مزروعة بألغام سياسية وطائفية تحت عباءة القانون. وفي كل مرة يرد فيها القضاء طلب رد من قبل المدعى عليهم يكون التالي في المرصاد… آخر لغم حاول “المدعى عليهم” زرعه بهدف تعطيل عمل البيطار والتهرب من التحقيق معهم كان دعوى مخاصمة (مقاضاة) الدولة التي قدمها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، والدعويان المقدمتان من رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنائب نهاد المشنوق، لمخاصمة الدولة عن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها القاضي طارق البيطار بحقهما. إلا أن قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز برد الدعاوى أمس شكل تطورا قضائيا ورداً مباشراً على موقف الثنائي وكل من يسعى لتعطيل التحقيقات وقبع البيطار .

قرار الهيئة كان واضحاً إذ اعتبرت أن قاضي التحقيق لم يرتكب أي خطأ يستوجب مقاضاة الدولة، وألزمت كلا من دياب والمشنوق دفع مليون ليرة (661 دولارا) للدولة تعويضا عن التعطيل والضرر، كما ردّت الهيئة دعوى النائبين خليل وزعيتر، وألزمت كلا منهما دفع المبلغ نفسه. ورفضت محكمة التمييز الجزائية دعوى تقدم بها الوزير السابق يوسف فنيانوس الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف، طلب فيها نقل ملف انفجار مرفأ بيروت من عهدة البيطار بسبب ما وصفه بـ “الارتياب المشروع”.

مجرد تبليغ البيطار قرارات رد الدعاوى ضده، لن يسمح له باستئناف التحقيق المعلق منذ الرابع من الشهر الجاري جراء التجاذبات السياسية داخل الحكومة وتوالي الدعاوى القضائية ضده في انتظار صدور حكم قضائي منفصل بحسب مصادر قانونية.  فكيف سيرد الثنائي الشيعي على القرار الذي يستهدفهم بعدما عطل عمل الحكومة في انتظار البت بطلبه “قبع” البيطار، وهل يجوز قضائيا تقدم محامي المدعى عليهم طلبات كان سبق وردها القضاء؟

المحامي الدكتور أنطوان سعد شبه  في بداية حديثه ل”المركزية” محاولات حزب الله وفريق الممانعة في تعطيل عمل الحكومة بما حصل في العام 2006 لجهة تعطيل عمل المحكمة الخاصة بلبنان وقال: “أهداف حزب الله لـ “قبع البيطار” باتت مكشوفة. فهناك حقائق تظهرت في التحقيقات التي يجريها البيطار وهي تكشف أن حزب الله يمتلك ترسانة من الأسلحة الممنوعة دوليا وكان يخزنها في العنبر 12 في مرفأ بيروت. وهذا النوع من الأسلحة ممنوع اقتناؤها وتطويرها وتخزينها دوليا، مما سيضعه تحت مجهر المجتمع الدولي كما حصل سابقا مع بشار الأسد. وهذا أكثر ما يخشاه حزب الله”.

ويلفت إلى أن “محاولات التعطيل والتهديد ستستمر لأنها الوسيلة الوحيدة لكف يد القاضي البيطار، وسنشهد بالتالي على المزيد من الدعاوى في حق البيطار. وفي حال صدور مذكرات بتوقيف نواب ووزراء محسوبين على الحزب ستكون الرسالة هذه المرة في الشارع ومفادها ممنوع أن يطال القضاء أي أحد من فريق حزب الله. وهذا ما يفسر مثلا دفاع الحزب المستميت عن الوزير يوسف فنيانوس عندما ادعى عليه البيطار فكان أمينه العام حسن نصرالله أول من وقف ورفع إصبعه مهددا بالويل والثبور وتبعه رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية”.

كل هذا يثبت أن حزب الله لن يسمح لأي كان بتجاوز الخطوط الحمراء مهما كان الثمن “وفي حال تقدم الملف قضائيا سوف نشهد على مزيد من جولات العنف في الشارع أو بالوسائل القمعية والترهيبية التي تعود عليها حزب الله وهذا يذكرنا باغتيالات أقطاب 14 آذارالأمنيين الذين كانوا يملكون وثائق وملفات تتضمن حقائق تثبت ضلوع الحزب في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وملف جريمة مرفأ بيروت لا يقل خطورة”.

المواجهة باتت على المكشوف والرد يجب أن يكون بالقانون. كيف؟ يقول سعد: “يجب على القضاء أن يفرض غرامات مالية عالية لا تقل عن 100 مليون ليرة عن كل مقدم لطلب رد القاضي البيطار أو تنحيته بصورة تعسفية مع التسريع في بت الطلبات بحيث لا تتعدى المهلة الساعات لتأمين استمرارية عمل البيطار والحؤول دون تحقيق الهدف المنشود بإحقاق الحق والتغطية على المتسببين في جريمة المرفأ. وإذا سلمنا جدلا بأن حزب الله قادر على دفع الغرامة مهما ارتفعت قيمتها إلا أن هذا القرار في حد ذاته يعزز من ثقة الرأي العام بالقضاء.”

دعاوى رد ودعاوى مضادة فهل يمكن الوصول إلى خواتيم الحقيقة من داخل أروقة العدل اللبنانية أم يتحول الملف إلى محكمة دولية؟ “من يرفض القاضي البيطار اليوم لن يوافق على تحقيق دولي، مما يعني التوجه إلى مجلس الأمن. لكن الحال اليوم تختلف عما كانت عليه عند إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. فهناك  ثنائية دولية ولا أعتقد أن روسيا والصين ستتخليان عن حليفيهما إيران وحزب الله إلا إذا انتفت المصلحة معهما. وهذا مستبعد أقله في المدى المنظور” يختم سعد.