IMLebanon

أزمات الوطن وراء زنزانات السجون… تحقيق الوعود وإلا!

جاء في المركزية:

ليست المرة الأولى التي تنهال فيها الوعود الرسمية لتحسين أوضاع الموقوفين في السجون اللبنانية. وما سمعوه من خلال اهاليهم والمحامين عن النتائج التي خلص إليها المجتمعون في اللقاء الذي عقد نهاية الأسبوع الفائت في وزارة الداخلية بين وزير الداخلية بسام مولوي ولجنة أهالي الموقوفين الاسلاميين، والذي جاء استكمالا للقاء الأول للجنة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حضور وزيري الداخلية والعدل وعضو اللجنة الشيخ نبيل رحيم، وعمر الرفاعي لم يحمل إليهم إلا وعودا على رغم الإنطباع الذي خرج به المجتمعون ووصفوه ب”الممتاز”.

ومما جاء في “الوعود”،  تأمين العلاج للسجناء على حساب الدولة بنسبة 100 في المئة وتشمل العمليات الجراحية والإستشفاء، على أن يبدأ تنفيذ ذلك بعد عشرة أيام. كما أُعلن عن توقيع اتفاق تعاون بين وزارتي الداخليّة والصحة لاعتماد السجن المركزي في رومية كمركز رعاية اولية صحية ليستفيد السجناء من التقديمات. وفي حال حصول نقص في أيّ دواء يصار إلى تأمينه من كمية الادوية المخصصة لعناصر قوى الامن الداخلي.

وبالنسبة إلى نوعية الطعام وكميته فأشار رحيم إلى أنها ستزداد وتتحسن مع الإبقاء على قرار منع ادخال الطعام من الدكان الواقع عند مدخل السجن، ساري المفعول لأسباب أمنية، وخوفاً من تهريب المخدرات الى داخل السجن.

مدير مركز حقوق السجين في نقابة المحامين في طرابلس المحامي محمد صبلوح تمنى أن تكون الوعود التي قطعها وزير الداخلية بسام مولوي جدية ولن نحكم على النوايا. واعتبر “ان الواقع المأساوي الذي يعيشه السجناء اليوم انتقل من مرحلة السيء إلى الأسوأ.هذا الواقع غير محصور في سجن رومية حيث يوجد حوالى 4000 سجين في حين أن قدرة الإستيعاب لا تتجاوز ال1500 سجين، إنما ينسحب على كل السجون اللبنانية ومنها التابعة لوزارة الدفاع”.

وتأكيدا على الواقع المأساوي يستعيد صبلوح حادثة التمرد داخل ثكنة فخر الدين بتاريخ 14 آب 2021 حيث نقل أهالي الموقوفين ما حصل مع أبنائهم حيث تعرضوا للضرب والإهانة بسبب المطالبة بالطعام. وفي حين أكد مصدر عسكري آنذاك أن تمرّد السجناء في ثكنة فخر الدين جاء على خلفية انقطاع الخبز عنهم ما اضطر عناصر الجيش للتصدّي لهم لمنعهم من الخروج من الثكنة، فحصل تضارب وأعيد السجناء إلى داخل السجن، ينقل صبلوح عن والدة أحد الموقوفين أنه”عند زيارتها له أبلغها  أنّهم كانوا جائعين، وقاموا بالدق على حديد السجن بالملاعق، بعدها اندفع نحوهم عناصر الامن، ورموا لهم الصعتر على الأرض، وضربوهم”.  ويضيف أنه “تم منع الموقوفين من الاتّصال بأهاليهم لمدة 3أيام متواصلة، وبعد ذلك اتّصل بها وقال إنّ “كتفه تؤلمه من دون ذكر السبب”.

مأساة السجون ليست إلا نسخة عن واقع المآسي التي يعيشها اللبنانيون في ظل تصاعد وتيرة الأزمات الإقتصادية والمعيشية يقول صبلوح مضيفا: “بعد الحادثة زرت ثكنة فخر الدين وكانت الصدمة عندما علمت أنه لا توجد مصابيح إنارة في الداخل فعرضت على إدارة السجن إحضار كمية منها بواسطة جمعيات إنسانية إضافة إلى مواد غذائية. حصل ذلك في آب الماضي، وحتى اللحظة لم أتلق جوابا مما يؤكد أن لا نية ولا قرارا بإيجاد حل أو معالجة جدية لأزمة السجون”. لكن هذا الأمر لا ينطبق على إدارة سجن روميه حيث يؤكد أنه يلمس تجاوبا لجهة إدخال مواد غذائية وأدوية “لأنهم ببساطة يقرون بوجود أزمة”.

جردة الأزمات في السجون اللبنانية التي بدأت تتفاقم مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية لا تتوقف على الخبز والمواد الغذائية “حتى الدواء والإستشفاء غير متوافرين”. ويسأل صبلوح: “هل يجوز أن يموت سجين بسبب عدم وجود مستشفى ميداني في سجن يضم 4000 سجين كما حصل مع السجين سنجقدار الذي توفي بسبب إصابته بنوبة قلبية في السجن حيث كان يمضي فترة 15 عاما من حكمه وكان يفترض أن يخرج بعد شهر على وفاته؟”.

بعدما سقط اقتراح قانون العفو أكثر من مرة في الجلسات التشريعية التي انعقدت في قصر الأونسكو طُرحت خلال اللقاء مع رئيس الحكومة مسألة السنة السجنية وأحكام الاعدام والمؤبد. وجاء الوعد بإعداد مشروع قانون في هذا الخصوص يحال الى المجلس النيابي وينص على تحديد عقوبة الإعدام ب25 سنة سجن، والمؤبد بـ 20 سنة، وتخفيض السنة السجنية لستة اشهر لمرة واحدة فقط في ضوء الاكتظاظ الحاصل في السجون، وتلقى اجماعاً لدى عددٍ من الكتل النيابية”. هذه الوعود إذا ما تحققت من شأنها أن تخفف من أزمة الإكتظاظ في السجون لكن تجربتي مع السياسيين تدفعني إلى عدم التفاؤل”. ويختم: “كلها وعود على الورق  وأتمنى أن أكون على خطأ هذه المرة لأن اشتداد الأزمات في الخارج سينعكس على الموقوفين في السجون كافة، عند ذلك قد لا ينفع الندم”.