IMLebanon

بعد استقالة قرداحي.. الإفراج عن الحكومة قريباً

كتب عمر حبنجر

وأخيرا فعلها وزير الاعلام جورج قرداحي، وقدم استقالته من حكومة «معا للإنقاذ» بعد طول لأي وممانعة، تكفيرا عن اساءات الحقتها تصريحات له، بعلاقات لبنان مع أشقائه الخليجيين وبالذات المملكة العربية السعودية.

ووسط حشد اعلامي محلي وعربي، أعلن قرداحي استقالته من وزارة الاعلام، بعد عرض لظروفها، دون اعتذار عما بدر منه، مكررا توضيحاته من أن تصريحاته سابقة لتعيينه وزيرا للاعلام.

وأعلن: «قررت أن أتخلى عن منصبي الوزاري لأن لبنان أهم مني».

وقال: «أبلغني رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ذاهب إلى السعودية وفهمت منه أن فرنسا ترغب في استقالتي قبل زيارة ماكرون إلى السعودية، حرصا مني على استغلال هذه الفرصة الواعدة مع الرئيس ماكرون».

وختم: «قررت التخلي عن موقعي وأتمنى للحكومة النجاح وأفضل العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي وخاصة الخليج».

ووقع قرداحي كتاب استقالته، وستسلم نسختان منه الى قصر بعبدا والسرايا بعد إعلان الاستقالة في المؤتمر الصحافي.

وردا على الصحافيين حين سئل: لماذا لم تتجاوب مع دعوة البطريرك بشارة الراعي لكي تستقيل؟ فأجاب البطريرك صفير رأس كنيستنا، ثم استدرك مصححا: البطريرك الراعي، وقد طالبني بالاستقالة وسألته عن الضمان، ولم تكن من ضمانات، والآن أعدت تقييم الموقف بعدما كلمني الرئيس ميقاتي وقلت له يجب ان اعطي فرصة، خاصة ان بقائي في الحكومة اصبح عبثيا، حتى بدا ان هناك تضامنا حكوميا حول استقالتي.

عمليا بيعت ورقة استقالة قرداحي الى الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي كان اشترط على الرئيس ميقاتي إعلانها قبل اقلاع طائرته باتجاه الرياض، والا فستكون الأزمة اللبنانية ـ الخليجية خارج جدول اعمال جولته. وهكذا كان.

ونقلت رويترز عن ماكرون قوله إنه يأمل حدوث تقدم في الملف اللبناني خلال الساعات القادمة. ومعلوم ان ماكرون يضع في لبنان في رأس أولوياته، وهو حريص على تحقيق خرق ما في الوضع اللبناني بعدما بات على أبواب استحقاق الرئاسة الفرنسية وسط ضمور مبادرته بخصوص لبنان، مقرونة بقلق شديد عبر عنه البابا فرنسيس خلال لقائه الأخير مع ماكرون في روما.

والراهن ان استقالة قرداحي شكلت خطوة ناجحة، في جولة ماكرون الخليجية، وليس في هذا التزامن مصادفة، بل نتيجة مساع مقصودة، لرئيس الحكومة ميقاتي، على اكثر من خط، تمثلت بالضغط الفرنسي لوضع استقالة قرداحي في جيب ماكرون، من اجل فتح باب الحوار مع السعودية.

مصادر حكومية اشارت الى انه تم التوافق على ان يختار المردة الوزير البديل، وحتى تعيين شخصية أخرى يتولى وزير التربية عباس الحلبي وزارة الاعلام بالوكالة.

لكن الحالة اللبنانية الراهنة، هناك ما يعرف بنظام المقايضات، بين اركان المنظومة السياسية القائمة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما المقابل الذي يطمح اليه تيار المردة وثنائي أمل وحزب الله لقاء غض النظر عن استقالة قرداحي؟ من حيث المبدأ، هناك مطلب الإطاحة بقاضي التحقيق العدلي طارق البيطار، الذي ذهب بعيدا في تحقيقاته بجريمة تفجير مرفأ بيروت، لكن الثمن المرصود لهذا يتمثل بعودة مجلس الوزراء الى الاجتماع.

وتتشابك المقايضات على هذا النحو، وخصوصا لجهة موعد الانتخابات بوجهيها النيابي والرئاسي وترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والنفط والغاز. فالرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي يرفضان التورط في الملف القضائي، بما يتعلق بالقاضي البيطار، لكن ثمة مخاوف من ان تكون استقالة قرداحي نتيجة صفقة، بين الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الحر جبران باسيل على أساس كف يد القاضي البيطار عن ملاحقة الرؤساء والوزراء، وتكريس ذلك في عهدة المجلس الأعلى لمحاكمتهم عبر مجلس النواب، يؤمن فيها نواب التيار الحر الحضور والنصاب، فيما لاتزال مسألة تصويتهم لصالح القرار المطلوب، محور نقاش نظرا لحراجة الموقف بالنسبة إلى باسيل، حيث يتعين عليه مواجهة غضب أهالي ضحايا الانفجار في المرفأ.

وفي هذا السياق، طالبت كتلة الوفاء للمقاومة بتعديل دستوري لا يكون فيه من صلاحيات المحقق العدلي مقاضاة رؤساء الحكومات والوزراء تحت ضغط قوى خارجية.

ويبدو ان هذه المقايضة بين استقالة قرداحي، وبين ابعاد المحقق العدلي عن التحقيق مع الرؤساء والوزراء، قد أنجزت، بدليل دعوة الرئيس نبيه بري مجلس النواب الى جلسة عامة قبل ظهر يوم الثلاثاء في 7 ديسمبر لدرس واقتراح مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال.

وضمنها ما يخدم المقايضة المطلوبة، من خلال تفعيل قانون محاكمة الرؤساء والوزراء امام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وفق ما اشارت اليه كتلة الوفاء للمقاومة.

مصادر متابعة، أبلغت «الأنباء» بأن المرحلة التالية تبدأ بانعقاد مجلس الوزراء بحضور وزراء حزب الله وأمل ويعتقد انها ستكون يوم الجمعة المقبل، بعدئذ تبدأ الانفراجات في علاقات لبنان، وفق رؤية الرئيس ماكرون.

وتعليقا على استقالة قرداحي غرد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي عبر تويتر قائلا: قد تكون الاستقالة خطوة، فلنبدأ، بحس وطني جامع بناء، بتطبيق الإجراءات العملية «فعلا» حماية لمجتمعنا اللبناني ومجتمعات أشقائنا في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. إن الأمن والأمان والمصلحة العربية المشتركة هي أهدافنا دائما تحت مظلة الشرعية العربية.

وطبعا كل هذه المستجدات اللبنانية، لا يمكن عزلها عن أجواء مفاوضات ڤيينا بين إيران والمجتمع الدولي والتي لم تحقق اي تقدم ملحوظ.