IMLebanon

موفد فرنسي في بيروت… فهل يتغير شيء؟

جاء في “المركزية”:

كشفت مصادر ديبلوماسية وسياسية ان الحراك الفرنسي بشأن لبنان لن يتوقف، فالى النشاط الذي تقوم به السفيرة الفرنسية في بيروت آن غرييو ، أحيت خلية الأزمة التي شكلها الرئيس الفرنسي عند إطلاق مبادرته في ايلول من العام 2020 نشاطها وعاد بعض اعضائها الى العمل ولو بشكل جزئي بعد ان تقلص الفريق الخاص بلبنان من أجل مواكبة النتائج التي افضت اليها زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون الى دول الخليج العربي في مرحلة تستعد فيها هذه الدول لعقد قمة  منتصف الأسبوع المقبل.

على هذه الخلفيات، اوضحت المصادر لـ “المركزية” ان سياسة الرسائل الفرنسية والإتصالات الهاتفية انتهت الى تكليف السفير بيار دوكان المسؤول عن متابعة قرارات مؤتمر “سيدر واحد” الذي عقد في نيسان 2018 بزيارة عمل الى بيروت للوقوف على الاستعدادات اللبنانية الجارية من أجل مواجهة الوضع الناشىء عن الازمة الإقتصادية والنقدية ليس من اجل البحث بمصير مليارات سيدر المجمدة الى اجل غير محدد، بل للبحث في بعض الخطوات العملية التي تسمح بالإقلاع من مكان ما لملاقاة الجهود الدولية لمساعدة اللبنانيين على الخروج من الأزمة.

ومن اجل هذه الخطوات، يبدو ان الفرنسيين انتهوا الى اقتراح خطوة اولى لا بد منها وهي إحياء العمل الحكومي اولا. فمجموعة القرارات والمشاريع التي وصلت إليها فرق العمل الوزارية تدفع باتجاه عقد جلسة للحكومة للبت ببعضها من اجل تخفيف انعكاسات الوضع على حياة اللبنانيين اليومية والانسانية بالدرجة الاولى في وقت تستعد فرنسا وبعض الدول المانحة الى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية بعد فشل المشاريع التي كانت قد أعدت لمساعدات فورية من بعض دول مجلس التعاون الخليجي ولا سيما قطر والتي تم تأجيل البحث بها في أعقاب الجولة التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى دول المنطقة، مشددا على اهمية عدم التفرد بأي خطوة قبل ان يلتزم اللبنانيون ولا سيما من يمثلون فريق الممانعة وحزب الله  بما يقتضيه الوضع من إجراءات توحي بأن مشاريع التدخل في دولهم قد توقفت بالإضافة الى وقف  الحملات الاعلامية التي شكلت سببا معلنا للخطوات التصعيدية الأخيرة.

وان كانت فرنسا قد اطمأنت الى تجميد بعض العقوبات الخليجية الجديدة تجاه لبنان فإن احياء المساعدات الإنسانية امر مطروح من بوابة التعاون الخليجي وليس من باب تفرد بعض دولها بأي خطوة يمكن ان تشكل انعكاسا للخلافات في ما بينها بسبب المواقف المتناقضة من ملفات ساخنة عدة ولا سيما تلك المتصلة بحرب اليمن ومشاريع إحياء العلاقات الديبلوماسية مع النظام السوري فالخطوات الإماراتية الاخيرة بقيت يتيمة الى حين البت بما يمكن القيام به. ولذلك، بات عليها حماية التفاهمات التي تحققت بشأن الوضع في لبنان من خلال مجموعة البيانات المشتركة التي صدرت في أعقاب جولة ولي العهد السعودي الشاملة عليها.

ومن هذه الزاوية بالذات ،تقر المصادر ،ان الاولوية الفرنسية الآن تركز على إحياء المؤسسات فجهودها التي بذلت لإعادة اجتماعات مجلس الوزراء لم تقف عند حدود التواصل الهاتفي مع رئيسها نجيب ميقاتي وبعض القوى التي فتحت الخطوط الهاتفية معها إبان مرحلة تشكيل الحكومة، ولا مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أشارت الرسالة الرئاسية الفرنسية التي تسلمها الى ضرورة الاسراع ببعض الخطوات الاصلاحية الممكنة قبل ولوج المشاريع الكبرى المتصلة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتلك التي تعني القطاعات الكبرى كالكهرباء مثلا وهم يدركون ان لهم مشاريعهم الخاصة بشان اعادة بناء مؤسسة كهرباء لبنان ومعامل انتاج  الطاقة ويتابعون ما يقوم به الأميركيون من اجل استجرار الغاز المصري والكهرباء الاردنية الى لبنان من اجل زيادة ساعات التغذية اليومية.

والى جانب هذا الإهتمام المشكوك بنتائجه لفقدان الحد الأدنى من التضامن اللبناني وتوسع الخلافات التي تعيق التوصل الى قرارات اقتصادية وادارية، يخشى الفرنسيون ان تذهب جهود رئيسهم سدى فما سعى اليه ماكرون في الخليج لم يكن مسعى محصورا بترميم العلاقات مع المملكة العربية السعودية فحسب، انما مع مجموعة الدول المتضامنة معها ولو بشكل متفاوت ولكنها قالت كلمة واحدة بما هو مطلوب من لبنان وهو ما القى المزيد من المسؤوليات على اللبنانيين الذين اعاقوا الى اليوم اي خطوة جامعة كان قد ادى تشكيل الحكومة الجديدة الى امكان القيام بها.

وعليه، فان الرهان على الحراك الفرنسي والخليجي لن تكون له نتائج مباشرة وفورية في ظل فقدان الظروف المؤدية الى الخطوات اللبنانية المطلوبة في وقت قريب. مع العلم ان هناك مشروع جولة خليجية جديدة لوزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان مطلع العام الجديد لاستكمال ما بدأه ماكرون. والى تلك المرحلة وما يمكن ان تشهده من أحداث ستبقى الأمور مجمدة ومعها المخاوف على الغد قبل اليوم.