IMLebanon

التسوية واردة لكنّ اتفاق الطائف باقٍ

جاء في “المركزية”:

ما كُتِب قد كُتِب إلاَ في اتفاق الطائف. فعند كل مفصل وطني ينادون به. وأمام كل استحقاق يعودون إليه ويستشهدون به في الكلام فقط. لكن العبرة تبقى في التنفيذ. فمنذ توقيعه عام 1990 وتحوله إلى دستور لبنان لا يزال اتفاق الطائف حبرا على ورق ليس سهوا إنما بقرار وإرادة أمراء الطوائف الذين أسقطوا البنود التي تجعل من لبنان سيدا حرا مستقلا حيث سلطة الدولة لا الدويلة والقرار بيد الشرعية اللبنانية لا بيد حزب السلاح. واليوم ثمة من يحوك في أقبية الدوائر السياسية الموبوءة خيوط اتفاق جديد، أو بمعنى أصح نظاما جديدا يُسقط اتفاق الطائف الذي ألغى اتفاق الدوحة مفاعيله، إلا أنه لا يزال دستور لبنان.

المدير التنفيذي لـ”ملتقى التأثير المدني” زياد الصائغ  نفى عبر “المركزية” ما يتم التداول به نقلا عن أوساط غربية  تتحدث عن مسعى تقوم به دول غربية وعربية لاسيما خليجية لانجاز تسوية حل للازمة في لبنان ومنعه من الانهيار وحل ازمته السياسية. وتقول هذه الأوساط ان السعودية التي كانت وراء انجاز وثيقة الوفاق الوطني في الطائف التي تحولت الى دستور جديد تسعى الان الى عقد مؤتمر دولي جديد(في القاهرة او باريس) لتطوير الطائف وتنفيذه بالكامل بعد مواءمته مع اعلان جدة بين السعودية وفرنسا الذي بات وثيقة دولية من الوثائق التي تحفظ في اروقة الامم المتحدة كما هي الحال في اعلان بعبدا”.

الصائغ الذي يصف ما ورد بـ”التسريبات” يوضح أن “اتفاق الطائف لم يطبّق أساسا. قد تكون فيه ثغرات، وقد جرى العمل على وضع إصلاحات حولها في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان انطلاقاً من قاعدة تطوير الطائف وتخصيبه لا سيما في أبرز نقاطه وهي ثلاث: المادة 95 التي نصت على الإنتقال إلى دولة مدنية ودولة مواطنة وتم إجهاضها من قبل أمراء الطوائف، والنقطة الثانية المتعلقة باللامركزية الإدارية الموسعة وقد تم إجهاضها أيضا من قبل أمراء الطوائف. أما النقطة الثالثة والمتعلقة بنزع السلاح فقد أجهضها أمراء الطوائف بغطاء وفرض أمر واقع من حزب الله”.

أنطلاقا مما تقدم يعتبر الصائغ أن “أصحاب التسريبات التي تناولت السعي الى اتفاق جديد أغفلوا بخبث حقيقة اتفاق الدوحة الذي ألغى مفاعيل اتفاق الطائف ويريدون اليوم إلغاء مفاعيل اتفاق الدوحة غير الشرعي كونه أتى في لحظة فرض قوة وتحت التهويل والتهديد”. مضيفاً: “بعيدا من الطائف الذي تحول إلى دستور الدولة اللبنانية فإن مفاعيل الديمقراطية مدمّرة والدليل أن هناك أكثرية نيابية في العام 2005 وأكثرية نيابية في العام 2009 وتم منعها من العمل بموجب ما ورد في الدستور وتم إلباس الديمقراطية زياً مشوهاً لا علاقة لها به”.

ينقل سياسي مخضرم عن الرئيس الراحل كميل شمعون قوله في سبعينيات القرن الماضي “ان لبنان يقع على فيلق سياسي وهو معرض لهزة سياسية كل 15 عاما”.  ويضيف نقلا عن كلام الرئيس شمعون، “من العام 1943 الى العام 1958 مرحلة الاستقلال (الثورة الشعبية والناصرية.عهد المارونية السياسية).من العام 1985 الى  العام 1973 الوطن البديل. (العهد الفلسطيني) من 1975 الى 1990(الاحتلال الاسرائيلي العهد الاسرائيلي) من 1990 الى 2005 (اتفاق الطائف.العهد السوري) من 2005 الى 2020(تفاهم مار مخايل العهد الايراني)”.  والسؤال الذي يطرح، اي عهد واي اتفاق من العام 2020 وما بعد بعده؟

أوساط ديبلوماسية تعتبر أن القوى السياسية والخارجين العربي والغربي يتمسكون باتفاق الطائف لانه الاتفاق الوحيد بين اللبنانيين الموجود على الطاولة. لكن إذا كان لا بد من تعديله بحسب أوساط سعودية فهي مستعدة لعقد مؤتمر دولي من اجل تعديله واكمال تنفيذ بنوده وصولا الى الدولة المدنية.

استطرادا يقول الصائغ: “هناك أحلام وأوهام لدى أفرقاء لبنانيين لا يريدون اتفاق الطائف منذ توقيعه، لكن مشكلتهم ليست مع اتفاق الطائف إنما مع مشروع الدولة لأنهم يسعون لتكريس مشروع الدويلات”. ويتابع: “هناك محاولات حثيثة يقوم بها أفرقاء لبنانيون لتغيير هوية لبنان الحضارية وليس لتغيير صيغة النظام وبهذا المعنى نحن نخوض معركة أبعد من الطائف والنظام. إنها معركة الكيان اللبناني وسيادة لبنان واستقلاله وصون الهوية اللبنانية وهي الأساس في المواطنة “.

ويختم الصائغ: “ثمة عمل إقليمي خبيث تنفذ أجندته مجموعات لبنانية مرتبطة بكواليس موبوءة من بعض الدول الاجنبية لمحاولة القول أن مشكلة لبنان في العقد الإجتماعي المكرس من الدستور فيما الحقيقة أن المسألة الكبرى تتعلق بالإنقلاب الحاصل بقوة السلاح وأمراض السلطة ورسوخ الفساد في هذا العقد وليس في ما ورد في اتفاق الطائف. في النهاية لا اتفاق جديدا على حساب الدستور. قد تحصل تسوية إنما الدستور باقٍ”.