IMLebanon

هل تسلّم البابا دعوة رسمية لزيارة لبنان؟

جاء في المركزية:

منذ اندلاع ثورة 17 تشرين وما تلاها من انفجار مرفأ بيروت والانهيارات الاقتصادية المتتالية ولبنان محط اهتمام دولي وزيارات “دعم” بدءًا بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مرورًا بأمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين وصولاً الى أمين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريش وعدد من وزراء الخارجية من دول عديدة. ولكن كيف بدت في المقابل ردود الفعل المحلية؟

رغم ان غوتيريش يتبوأ أرفع موقع في السياسة الدولية، لاحظ المراقبون ان المسؤولين انهمكوا خلال تواجده في لبنان، بالصفقة التي كانت تُحضّر للإطاحة بتحقيقات المرفأ والقضاء، عوضاً عن الاستماع الى كلامه الواضح والصريح. فالرجل لم يحضر، بحسب المراقبين، الى لبنان لاحتساء القهوة والشاي، متسائلين عن علاقة الامم المتحدة بالصفقات التي تعقد بين الافرقاء في السلطة. فلو نجحت الصفقة ام لم تنجح كما حصل، فغوتيريش غير معني بها.

وقبله الرئيس ماكرون الذي زار لبنان مرتين عقب انفجار المرفأ وسمع من المسؤولين كلاما اعتقد  أن الإنقاذ آت عبره لا محالة، إلا أنه ما إن قفل عائداً الى فرنسا حتى انهارت خلفه كل الخطط وتلاشى كل الكلام وتبعثرت الأحلام بإمكان إصلاح ما أفسده الحكام.

واليوم يتحضر لبنان لاستقبال وزير خارجية الفاتيكان المطران بول ريتشارد غالاغير، الذي يزوره مطلع الشهر المقبل وللمشاركة في مؤتمر، وتتحدث المعلومات انها قد تكون تحضيراً لزيارة البابا الى لبنان. رغم ان المراقبين يؤكدون ان دوائر الفاتيكان تراقب ما يجري في لبنان من لااستقرار سياسي وأمني واقتصادي عن كثب، خاصة وان البابا يتحاشى عادة زيارة دولا غير مستقرة، رغم حرصه على الزيارة. كما ان السنة الحالية ستشهد استحقاقات دستورية اساسية وما قد يرافقها من تطورات وتداعيات واحتمالات امنية تتخوف منها الاجهزة الامنية. كل هذه الاعتبارات قد تجعل الزيارة مؤجلة، رغم رغبة الرئيس عون في حصولها في عهده. تقول اوساط مطلعة ان ظروف الزيارة غير مؤاتية ومحفوفة بالمخاطر في ظل وضع غيرمستقر وازاء انتخابات حامية وحادة لانها خطوة تغييرية كما يريدها الثوار. فهل تسلمت دوائر الفاتيكان من السفير اللبناني لدى الكرسي الرسولي دعوة رسمية لزيارة البابا لبنان تنفيذاً لوعد أطلقه أثناء زيارته العراق؟

سفير لبنان في الفاتيكان فريد الخازن يؤكد لـ”المركزية” ان “البابا تسلّم دعوات عدة لزيارة لبنان، منها دعوة قدمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عام 2017 لدى زيارته الفاتيكان، ومؤخرا جدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في زيارته اليها هذه الدعوة، كما هناك دعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. فقد تسلم البابا أكثر من دعوة إلا انني شخصياً لم أسلّم الدوائر المعنية في الفاتيكان أي دعوة رسمية”.

وعن زيارة البابا الى لبنان، يقول الخازن: “مطروحة جدياً، ولدى البابا رغبة كبيرة بزيارة لبنان، والاهتمام الفاتيكاني به لم يتوقف إطلاقا منذ سنتين حتى الآن. ولا أعتقد ان الكرسي الرسولي أهتم ببلد معين وتابع مشاكله وتفاصيله اليومية وأزماته أكثر من لبنان، وبمتابعة من البابا شخصياً، وقد تجلى ذلك من خلال ايفاده الكاردينال بارولين مندوبا عنه بعد انفجار المرفأ، ومن ثم اللقاء الذي عقده مع رؤساء الكنائس في لبنان وكان البابا حاضرا معهم وبمشاركة كبار المسؤولين في الفاتيكان، خلال يوم كامل من الثامنة والنصف صباحا حتى السادسة والنصف مساء، وكان لقاء غير مسبوق لا مثيل له في الفاتيكان. إضافة الى كل الكلام الذي ورد في معظم خطابات ومواقف البابا عن لبنان، الى زيارة سيقوم بها وزير خارجية الفاتيكان قريبا ، وزيارة البابا تأتي في الوقت المناسب”.

ويرى الخازن ان “الفاتيكان يلعب دوراً كبيراً وهناك متابعة دبلوماسية مع كل الدول المعنية بلبنان من فرنسا الى دول اوروبية الى الولايات المتحدة وغيرها، إضافة الى المساعدات الانسانية في شتى المجالات. وبعد الزيارة الاخيرة للرئيس ميقاتي الى الفاتيكان، اتصل البابا بشيخ الازهر احمد الطيب في مصر لدعم لبنان والمساعدة بكل الوسائل”.

ويلفت الخازن الى ان موضوع زيارة البابا غير مرتبط حصراً بالاجندة اللبنانية الداخلية بل بأجندة الكرسي الرسولي وتحكمه اعتبارات عديدة، منها الزيارات الاخرى التي كان ينوي القيام بها وأرجئت بسبب كورونا كزيارة العراق الاخيرة مثلاً. كما ان هناك برنامجا واولويات معينة. لكن هذا لا يعني ان لا اهتمام بلبنان. ولم يكن لبنان مرة متروكاً لمصيره، لكن هناك مسائل تخصنا ونحن معنيون بها والعالم الخارجي لا يمكنه ان يحل مكاننا. الازمات التي يمر بها لبنان للاسف متغيرة، كل يوم تطل أزمة جديدة وليس لكل الازمات حلول سحرية من الخارج. محور الاهتمام الدولي لفترة كان الحاجة الى تشكيل حكومة. اليوم الحكومة تشكلت إلا أنها تجتمع لأسباب غير مرتبطة بالسياسة الدولية. كما ان الدول المعنية بالشأن اللبناني تواجه هي أيضاً مشاكلها الخاصة ولها أولويات. على اللبنانيين ان يعوا ان مفاتيح حلول بعض المسائل ليست كلها بيد الخارج”.