IMLebanon

حكومة ميقاتي محاصرة بالخلافات بين مكوناتها

كتب نذير رضا في صحيفة الشرق الأوسط:

باتت الحكومة اللبنانية محاصرة بالخلافات بين مكوناتها التي أضيف عليها السجال بين «حزب الله» ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما يهدد استئناف جلسات مجلس الوزراء المعلقة أساساً على الانقسام بين «حزب الله» و«حركة أمل» من جهة، و«التيار الوطني الحر» من جهة ثانية.

وانفجر الخلاف بين ميقاتي و«حزب الله» أمس على خلفية رفض رئيس الحكومة لتصريحات أمين عام الحزب حسن نصر الله المسيئة للمملكة العربية السعودية، وضاعف الخلاف التباينات والسجالات بين المكونات التي تتشكل منها الحكومة التي تقول المعارضة إنها باتت «أشبه بحكومة تصريف أعمال»، في حين تتجه الأنظار إلى افتتاح عقد تشريعي استثنائي لمجلس النواب بين العقدين العاديين، «لتفادي الشغور في مؤسسات الدولة وتأمين استمرارية المرفق العام في ظل تعطل جلسات الحكومة»، حسب ما قالت مصادر نيابية مواكبة لهيئة مكتب مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط».

ولا يبدو أن هناك أي أفق لاستئناف جلسات الحكومة، في ظل غياب اتصالات فاعلة لتذليل العقد التي تحول دون اجتماعها، وأبرزها الخلافات على إجراءات المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. وقالت المصادر النيابية إن الاتصالات لم تنشط بعد عطلة رأس السنة، «ولم يحدث أي خرق لإزالة الحواجز التي تحول دون اجتماعها».

غير أن التطورات التي سُجلت خلال اليومين الماضيين، وتحديداً التصعيد بين الفرقاء، لم تقفل الباب نهائياً على إمكانية اجتماع الحكومة التي وصل رئيسها مساء أول من أمس إلى العاصمة اللبنانية، ويتوقع أن يقوم بجولة اتصالات خلال اليومين الماضيين على الفرقاء لمحاولة تذليل العقبات.

وقال عضو كتلة «الوسط المستقل» التي يرأسها ميقاتي، النائب علي درويش لـ«الشرق الأوسط» إن باب اجتماع الحكومة «يجب أن يبقى مفتوحاً على الدوام لأنه مدخل للاستقرار الداخلي، وضرورة لإعادة طرح الملفات المعيشية»، مشيراً إلى أنه «علينا أن ننتظر أياماً قليلة ريثما تهدأ موجة التصعيد والتصريحات المرتفعة السقوف بين القوى السياسية»، من غير أن ينفي أن هذا التصعيد وتر العلاقات على المستوى الداخلي.

وقال درويش إن تصريح ميقاتي كان حاسماً لجهة تجديد الدعوة لإبعاد البلاد عن السجالات والمهاترات التي لا طائل منها، ودعوته للتعاون لإخراج اللبنانيين من الأزمات والانطلاق في ورشة الإنقاذ، وذلك لوضع حد للمشاكل والوجع والطوابير التي يشهدها لبنان يومياً. وقال: «يجب أن تشهد الساحة هدوءاً خلال الأيام القليلة المقبلة لإعادة تحريك المشاورات لتفضي إلى استئناف جلسات مجلس الوزراء وطرح القضايا المعيشية التي تتصدر كل الأولويات الآن».

ويرفض درويش التقديرات التي تتحدث عن أن الحكومة باتت أشبه بحكومة تصريف أعمال، مشيراً إلى أن «صيغة ميقاتي التاريخية هي صيغة تقارب وجمع ووسطية، ويُعول على هذه الصيغة في التعاطي مع كل الفرقاء لاستيعاب الأزمات والتعاطي بموضوعية وحكمة مع القضايا والملفات والتصعيد الأخير»، موضحاً أن هناك اتجاهاً لاستيعاب التأزم والتأكيد على ضرورة جمع الفرقاء وتحديد الأولويات والتعاطي معها، وهي أولوية حاجات الناس، و«لا يمكن معالجة هذا التأزم من غير اجتماع الحكومة».

ورغم مساعي ميقاتي، فإن أفق حل أزمة التحقيق في ملف المرفأ، يبدو أكثر تعقيداً، ويرفض ميقاتي اجتماع الحكومة من غير توافق على حل الخلافات بين مكوناتها، علماً بأن اجتماع الحكومة وسط مقاطعة المكون الشيعي، سيعرض كل قراراتها المالية إلى التجميد، بالنظر إلى أنها تتطلب توقيع وزير المال، وهو وزير شيعي في الحكومة.

وفي ظل هذا الانغلاق، يسعى نواب في البرلمان إلى المطالبة بافتتاح عقد تشريعي استثنائي «لتأمين استمرار المرفق العام»، بعد نهاية العقد التشريعي العادي الذي يبدأ في أول ثلاثاء بعد 15 أكتوبر (تشرين الأول)، وينتهي في نهاية ديسمبر (كانون الأول)، بينما يبدأ الثاني في أول ثلاثاء بعد 15 مارس (آذار)، وينتهي في نهاية مايو (أيار) بحسب المادة 32 من الدستور.

وتنص المادة 33 من الدستور، على أن «لرئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو مجلس النواب إلى عقود استثنائية بمرسوم يحدد افتتاحها واختتامها وبرنامجها». كما تنص على أنه «على رئيس الجمهورية، دعوة المجلس إلى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك الأكثرية المطلقة من مجموع أعضائه»، أي نصف المجلس وزيادة واحد، عبر التوقيع على عريضة نيابية تدعو لافتتاح عقد تشريعي استثنائي.

وتحتاج العريضة إلى توقيع 65 نائباً يشكلون نصف عدد نواب المجلس النيابي، لفتح دورة استثنائية للمجلس. وقالت مصادر نيابية إن نواب «المستقبل» و«الاشتراكي» و«حركة أمل» و«حزب الله» و«المردة» و«الوسط المستقل» ومستقلين آخرين، سيوقعون على العريضة، ما يجعل رئيس الجمهورية ملزماً بتوقيع مرسومها في حال كان يرفض افتتاح العقد الاستثنائي، علماً بأنه لم يصدر أي موقف بعد عن الرئيس ميشال عون لجهة افتتاح عقد استثنائي، بموازاة مطالبة «التيار الوطني الحر» بعقد جلسة نيابية لمساءلة الحكومة، كما قال «التيار» في الأسبوع الماضي.