IMLebanon

هل تنفع الانتخابات في مواجهة “الحزب”؟ (بقلم رولا حداد)

بدأت كل القوى السياسية استعداداتها لخوض معركة الانتخابات النيابية التي دُعيت الهيئات الناخبة إليها في 15 أيار المقبل. ولكن يبقى السؤال المحوري هو: هل يمكن لانتخابات الـ2022 إذا حصلت في موعدها أن تكون مختلفة عن انتخابات الـ2005 والـ2009 والـ2018؟

بالعودة قليلاً إلى شعارات الانتخابات منذ الانسحاب السوري، وفي كل ما يتعلق بسلاح “حزب الله”، فقد توزّعت بين محاولات “لبننة حزب الله”، وبين محاولات الفصل بين السلاح وبين الاقتصاد وبين اعتبار السلاح مشكلة إقليمية يجب ترك معالجتها إلى الخارج والالتفات إلى أوضاعنا الداخلية.

وحتى فيما يتعلق بنتائج الانتخابات فقد تغيّرت الأكثريات من دون أن تتمكن أي أكثرية من مواجهة ملف السلاح. ففي مجلسي الـ2005 والـ2009 كانت الأكثرية مع قوى 14 آذار التي فشلت في مقاربة ملف السلاح، لا بل تخاذلت أمامه وصولاً إلى رضوخها أمام إصرار “حزب الله” فانتخبت كأكثرية مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون في الـ2016.

وبالتالي عن أي انتخابات نتحدث اليوم؟ وماذا يمكن أن تغيّر في الواقع السياسي في ظل سيطرة “حزب الله” على كل مفاصل الدولة والمؤسسات؟ ولماذا تصوير الانتخابات النيابية المقبلة على أنها “أم المعارك”؟ وأي أكثرية يمكن أن تنتج الانتخابات المقبلة؟ في حسابات بسيطة فإن ما يُسمّى بمجموعات الثورة يمكن أن تدخل إلى مجلس النواب بعدد محدود جدا من المقاعد لا يتخطى الـ15 مقعداً بحسب أكثر السيناريوهات المتفائلة. وبطبيعة الحال فإن هذه المقاعد ستبقى من ضمن الحصص المسيحية والسنية والدرزية ولن تتمكن من اختراق الساحة الشيعية. وإذا تمكنت “القوات اللبنانية” من الاستفادة من الموجة الشعبية فإنها ستصل في أفضل السيناريوهات إلى كتلة من 20 نائباً، وهو ما ليس مؤكداً على الإطلاق. في المقابل سيحافظ الحزب التقدمي الاشتراكي على كتلته وستتراجع كتلة المستقبل حتماً بفعل انكفاء التيار الأزرق.

في المحصّلة أقصى طموح الكتلة الصلبة بوجه “حزب الله” هو في أن تتخطى مجتمعة ما بين “القوات” وجميع السياديين الرافضين لسلاح الحزب الـ42 نائباً، أي الثلث زائداً واحداً في المجلس المقبل. وبالتالي كيف يمكن الرهان على مجلس النواب الجديد؟ وهل يمكن الرهان على كتل نيابية وشخصيات كانت موجودة في المجالس السابقة وتأقلمت مع سلاح “حزب الله” ولم تتمكن من إنجاز أي تغيير، لا بل سمحت للحزب بالتمدد والسيطرة والتعطيل على كل المستويات، مثل تعطيل المؤسسات الدستورية مثل مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ومؤخرا تعطيل الحكومة لعرقلة التحقيقات القضائية في ملف تفجير مرفأ بيروت، وصولاً حتى إلى الملفات الاقتصادية والمالية، ومن بينها تعطيل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي!

في اختصار إن تصوير معركة الانتخابات النيابية على أنها “معركة مصيرية” لا يبدو أكثر من عملية تضليل جديدة تُمارس بحق اللبنانيين الذين سيتعرضون لخيبة أمل جديدة في اليوم الثاني للانتخابات في 16 أيار. المعركة المصيرية الوحيدة التي يجب خوضها قبل كل المعارك هي معركة الاستقلال الثالث، معركة التحرّر من الاحتلال الإيراني وهيمنة سلاح “حزب الله”، لتكون بعدها لأي انتخابات ولأي لعبة ديمقراطية مفاعيلها الإيجابية على مستوى الحياة السياسية والوطنية.

قبل إنجاز “الاستقلال الثالث” لا تحدثونا عن انتخابات وعن أكثريات نيابية ولا حتى عن انتخابات رئاسية، لأنه أيا تكن نتيجة الانتخابات النيابية سيبقى “حزب الله” يسيطر على طريق قصر بعبدا سواء بسلاح الأكثرية أو بسلاح التعطيل الناتجين عن وهج سلاحه.

رحم الله ألبرت أينشتاين الذي قال “إن الغباء هو فعل الشيء نفسه مرتين بالأسلوب نفسه وانتظار نتائج مختلفة”… فما بالكم بالذين يذهبون إلى الانتخابات نفسها في ظل السلاح نفسه بالشعارات نفسها للمرة الرابعة على التوالي ويعدوننا بنتائج مختلفة!