IMLebanon

عن سقوط أسطورة الرئيس القوي!

بدلا من لعب دور العراب، المتفهم لمواقف ابنائه والساعي الى استيعابها، خصوصاً وانها أتت كلها شبه منسجمة لجهة رفض توجهاته هو، في إجماع يفترض ان يدفعه الى مراجعة حساباته، ذهب رئيس الجمهورية ميشال عون امس، في الاتجاه المعاكس تماما! فبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هو قرر من جديد اعتماد سياسة “التحدي”، مصرا على المضي قدما في دعوته الى عقد طاولة للحوار، ستطرح مواضيع ليست فقط خلافية بامتياز وتفتّق النسيجَ اللبناني، بل هي بعيدة كل البعد عن هموم الناس ومأساتهم المعيشية.

اهل بيت عون قبل معارضيه، لم تقنعهم هذه الدعوة، لكنهم فضلوا، لعدم إحراجه وللوقوف عند خاطره، الاعلان عن انهم سيلبونها، لكن حتى رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه كسر موقف ٨ آذار هذا وشذ عنه، منضما بذلك الى تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذين رفضوا الحوار الآن لانه متأخر، معتبرين ان الاولوية يجب ان تكون لتفعيل عمل مجلس الوزراء ليسيّر بالحد الادنى شؤون البلاد والعباد.

لكن مقابل هذا الرأي المنطقي والسليم مضمونا ومقابل الجبهة العريضة “شكلا” الرافضة الدعوة الرئاسية الآن، ماذا فعلت بعبدا؟ هي اصدرت بيانا امس هاجمت فيه معارضي الدعوة واتهمتهم بتعطيل عملية الانقاذ، علما ان هذه المهمة وظيفة الحكومة التي يشلها حليف عون، حزب الله، لا وظيفة طاولة الحوار، خاصة اننا لسنا الآن في فترة شغور حكومي او في ظل حكومة تصريف اعمال. ولم تكتف بهذا التصعيد، بل قالت: الرئيس عون، اذ يأمل أن يغلب الحس الوطني للمقاطعين على أي مصالح أخرى، يدعوهم الى وقف المكابرة والنظر الى ما يعانيه الشعب اللبناني، والموافقة في اقرب وقت على إجراء حوار صريح، لنقرّر مستقبلنا بأيدينا استناداً الى إرادة وطنية، ولكي لا يُفرض علينا مستقبلاً نقيض ما نتمناه لوطننا”.

وهنا، تسأل المصادر، اذا ما راجعنا السجل السياسي للقوى السياسية، مَن هو الذي يكابر ويرفض التنازل والتراجع ولو لمرة حتى ولو كلف ذلك البلاد خسائر بمليارات الدولارات ومئات آلاف المهاجرين؟ أمَن يتمسك بدعوة حوارية يرفضها الجميع ويعطل تأليف حكومات لعيون الصهر ويمنع الانتخابات الرئاسية على مدى عامين ونصف العام إن لم تكن ستوصله هو الى القصر؟ او مَن ارتضى انتخاب خصمه رئيسا للجمهورية، ومَن اعطاه في كل مرة الوزارات التي يريد والاحجام التي يريد، لان هذا التنازل كان الخيار الوحيد للتخفيف من معاناة لبنان وشعبه؟!

ويبقى ان الرئيس عون، سواء قرن قراره بالفعل ووجه دعوة الى الحوار، ام لم يقرنه، فقد بات اكيدا انه سيكون اشبه بمونولوج بين اهل الفريق الواحد، وانه سيكون بلا نتائج، وجل ما قد يقدمه هو خدمة لحزب الله، فيظهر على انه ايجابي ويسعى للتهدئة وللحلول، بينما هو يأسر مجلس الوزراء… والاكيد ايضا ان الرئيس عون كرس صورته كطرف لا حكم ولا كبيّ الكل، وأن مقاطعته من قِبل معظم القوى السياسية، وضعت حدا لاسطورة “الرئيس القوي” تختم المصادر.