IMLebanon

الثنائي… بالجرم المشهود! (بقلم رولا حداد)

أقل ما يمكن أن يُقال في الثنائي الشيعي “حزب الله” وحركة “أمل”، بعد البيان الصادر عنهما والذي أعلنا فيه العودة إلى المشاركة في جلسات الحكومة، أن اللبنانيين تمكنوا من ضبطهما بالجرم المشهود.

من السخافة بمكان أن يورد الثنائي في بينهما أنهما حريصان على ألا يُتهما بالتعطيل، وذلك بعد أكثر من 3 أشهر على تعطيلهما جلسات مجلس الوزراء في خضم أسوأ انهيار يعاني منه اللبنانيون الذي باتوا من دون خدمات ولا دواء ولا استشفاء ولا انترنت ولا كهربا ولا تدفئة… وقسم منهم من دون طعام!

المفارقة المذهلة أن قرار العودة إلى حضور جلسات الحكومة اقترن بالإشارة إلى جلسات حدد الثنائي جدول أعمالها: الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي، في انتهاك فاضح للدستور ولصلاحيات رئيس الحكومة، بعد انتهاك الدستور ولقمة عيش اللبنانيين بالانتهاك المتمادي من خلال التعطيل.

لكن اللبنانيين يدركون أن “حزب الله” تحديداً لم يكن يوماً حريصاً لا على الموازنة ولا على الأوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية ولا على أي ما يمسّ باللبنانيين، وبالتالي فإن العودة إلى المشاركة في جلسات محددة للحكومة لا يمكن أن تكون بقرار داخلي لـ”حزب الله” إنما بموجب أوامر إيرانية صريحة يلتزم بها الحزب من دون نقاش ويكتفي بالبحث عن الإخراج المناسب.

وفي القراءة السياسية العميقة للقرار الإيراني يجب البحث عن خفايا عودة المبعوث الأميركي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين في مطلع شباط المقبل، وذلك بعد إتمام الصفقة المنتظرة للترسيم، والتي خضع بموجبها لبنان الرسمي بقيادة “حزب الله” للمطالب الأميركية- الإسرائيلية متنازلا عن كل حقوقه بموجب المرسوم 6433 الذي أعده الجيش اللبناني ورفض رئيس الجمهورية توقيعه رغم توقيع الوزراء المعنيين في الحكومة السابقة ورئيس تلك الحكومة حسان دياب عليه. وبموجب صفقة الترسيم تم تلزيم حقل قانا إلى شركة أميركية جديدة ما يعني إعطاء الأمرة على الغاز اللبناني جنوباً للأميركي، وذلك بعد قبول لبنان بقيادة “حزب الله” على استجرار الغاز الإسرائيلي لمعامل الكهرباء اللبنانية مهما حاولت وزارة الطاقة أن تنفي، ما يعني رضوخ الحزب لأكثر من منطق التطبيع مع إسرائيل، ما قد يمهّد لتسوية كبرى في المنطقة قد نكون نشهد بداياتها من خرق حتمل في مفاوضات فيينا مرورا بالإنكسار الحوثي الإيراني في اليمن وباحتمال الإفراج عن حكومة عراقية جديدة وصولاً إلى التباشير التي انطلقت من لبنان بإطلاق سراح الحكومة التي كانت أسيرة في معتقلات “حزب الله” منذ 12 تشرين الأول الماضي.

بناء عليه يتضح بما لا يقبل أي شك بأن “حزب الله” فصيل إيراني ليس أكثر يأتمر بأوامر طهران بعكس المصالح اللبنانية، ولا تهمه أوجاع اللبنانيين ومعاناتهم ولا الانهيار المالي والاقتصادي ولا أي تفصيل داخلي، بل يكتفي بتنفيذ الأجندة الإيرانية في حين أن اللبنانيين هم من يدفعون الثمن.

وإنطلاقاً مما سبق لا يجوز التعويل كثيراً على الانفراجات المؤقتة، لأن الأساس سيكون تقديم بعض الأوراق ليس أكثر لناحية إقرار الاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية جنوباً أولاً، ومن ثم إقرار الموازنة وخطة التعافي لاستكمال المناقشات مع صندوق النقد الدولي، كشروط أميركية محددة لمنع الانهيار الاجتماعي الشامل. أما ملف الانتخابات والمؤسسات والنظام و”الطائف” فقد تبقى عالقة ولا يجب الإفراط في التفاؤل بشأنها نظراً إلى ما يضمره “حزب الله” وفريق العهد الحالي، ويكفي أن نسمع التحذيرات الأسبوعية للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من مغبة تطيير الانتخابات لندرك أن ثمة ما يُحاك في بعض الغرف المغلقة مما لا يُبشر بالخير الكثير لوطننا المنهك!