IMLebanon

الشتاء ونشاطاته

كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

حتى لو أنّ فصل الشتاء يتميّز بالبرد والصقيع، ولكن هذا لا يعني أنّ لا يمكن للعائلة أن تستمتع بمختلف النشاطات الشتوية. للوالدين، دور أساس في تنظيم النشاطات في الجبل او حتى في البيت. ويتململ بعض الأطفال ويشعرون بالملل إذا لم يكن وقتهم مسلياً خصوصاً خلال زيارة الثلج. والكثير من الأهالي لا يعرفون كيف يساعدون اطفالهم في إختيار النشاط الشتوي. فكيف يمكن للوالدين أن ينظّما «عطلة فصل الشتاء»؟ وما هي النشاطات التي يمكن أن تكون محفّزةً للنمو الفكري للطفل؟ وكيف يمكنهما أن يشاركا في هذه النشاطات المهمّة للطفل على صعيد نموه النفسي والجسدي؟

معظم الأطفال يحبون النشاطات في فصل الشتاء. فيزور الاطفال المواقع المخصّصة للزائر الأبيض مع أهلهم، ويقومون بممارسة رياضتهم المفضلة وهي التزلج أو التراشق بكرات الثلج. كما جميعنا نحب الرحلات إلى مواقع النشاطات الثلجية، والتنزه مع العائلة هو أحد أهم وسائل الترفية لدى الطفل، وتعزز من قدراته التواصلية ومهاراته الاجتماعية.

فوائد النشاطات الشتوية:

أولاً، التخفيف من القلق الذي يعيشه الطفل ومن ضغوطه النفسية. فتأتي النشاطات كأفضل علاج له وتنشطه. وصناعة «رجل الثلج» مع الوالد هي من أهم النشاطات الجميلة التي يتشارك فيها أحد الوالدين مع أطفالهما.

ثانياً، من خلال مشاركة الأهل النشاطات، سيشعر الطفل بروح الإنتماء إلى عائلته وستتعزز ثقته بنفسه. كما تقوّي لديه روح المغامرة والإبتكار والتواصل الإجتماعي.

ثالثاً، تخفف النشاطات من الشعور بالملل عند الطفل، وتدفعه الى التصرف بمسؤولية تجاه نفسه وتجاه إخوته وأخواته. وأخيراً، تساعد النشاطات الشتوية في الإبتكار والخيال عند الطفل.

النشاطات وتنمية الثقة بالنفس

خلال النشاطات الشتوية، تُنمّى الثقة بالنفس عند أطفالنا. وهذه ميزة مهمة جداً، تساعد الطفل في التقدّم من خلال تشجيعه وتهنئته، حتى لو كان نشاطه بسيطاً وصغيراً. كما يجب على الاهل أن يستبدلوا جملة: «لا تستطيع أن تقوم بذلك!» بجملة أخرى وهي: «حاول!». كما يجب معرفة الطفل جيداً، ما الذي يحبه وما لا يحبه، وبذلك نستطيع مساعدته من خلال تقليل نوبات الغضب عنده. فبعض الأطفال يردّدون: «لا أريد»، وكلنا نعرف بأنّ هذه طريقة يستعملها الطفل فقط للفت نظرنا.

وتأتي ردّة فعل الأهل التي يمكن أن تكون عنيفة وقاسية، لأنّهم يعتبرون انّ هذا التصرف هو تصرف خاطئ. وبعض الأحيان تكون ردة فعل الاهل غير مبالية، فيعتبرون أنّ الطفل لن يتجاوب مع ملاحظاتهم، فيعطونه ما يريد وتبتعد لبعض الوقت الصراعات معه، ثم ما تلبث لتعود لاحقاً. والواقع هو أنّ الأهل لا يعرفون أنّ الولد يستعمل العديد من الحيل فقط لتثبيت وجوده، وكأنّه يقول لهم: «أنا موجود». في هذه الحال، يجب التكلم مع الطفل حول الموضوع الذي يزعجه، أو يمكن أن يقترح أحد الأهل نشاطاً يحبه الطفل لمدة تتراوح ما بين 10 و15 دقيقة. خلال النشاط يجب التكلم حول موضوع «المشكلة» التي تنتاب الطفل ومحاولة حلّها. كما إستعمال أخطاء وهفوات الطفل كقواعد تعليمية. فمهمّة الأم (أو الاب) في هذا الخصوص، هو التفسير بطريقة مبسطة وهادئة ومنطقية للطفل، لكي يفهم نتيجة تصرّفه العشوائي. فمثلاً، إذا أوقع طفلك كوب الشاي الخاص به على الأرض، يجب أن تفسّر الأم لطفلها بأنّه لو تروى ومشى بهدوء ودون إستعجال، ما حَصَلَ ما حَصَلْ. ويجب على الام أن تطلب من ولدها تنظيف المكان المتسخ. بهذه الطريقة، تكون الأم قد علّمته الهدوء في تصرفاته وتنظيف المكان المتسخ.

كما يجب تشجيع الطفل على إصلاح أخطائه ويعني ذلك، في حال كسر لعبة أو مزّق ورقة أو كتب على جدار الحائط، يجب أن يقوم بتعويض عن كل هذا التصرف الغير لائق، ويقوم بتصليح ما أفسده.. كما يجب التشديد معه بعدم تكرار فعلته وإلّا سيعاقب. وهنا يجب على الأم أن تساعد الطفل في إيجاد حلول لتصرفه الغير مقبول، فتسأله: «بمَ سننظف الحائط؟»… فإيجاد حلول للمشكلة هي مهارة إجتماعية يكتسبها الطفل في بيته وفي الحضانة ثم في مدرسته.

تحضير النشاطات الشتوية

هناك نشاطات شتوية خارج البيت، وأهمها التزلج واللعب في الطبيعة… ولكن هناك أيضاً نشاطات تُقام داخل البيت ومنها الالعاب الإجتماعية وتشجيع الطفل للمشاركة فيها. كما يمكن للطفل أن يساعدنا في الأعمال المنزلية. بهذه الطريقة نسلّي الطفل كما نعلّمه مبدأ التعاون. ويمكن ان تكون هذه الطلبات بسيطة ومناسبة لعمر الطفل، كتنظيف غرفته او صناعة قالب حلوى أو تحضير سلطة…. أما في المنازل التي توجد فيها خادمة، يُطبّق ايضاً عليها هذا المبدأ بتعليم الولد عملاً مناسباً لعمره لمساعدة الخادمة وأفراد عائلته.

تختلف تحضيرات النشاطات الثلجية بإختلاف المدة الزمنية. فطبعاً، تختلف «الزيارة السريعة» إلى الثلج، عن «القضاء عدة أيام» في السفوح الجبلية والتمتع بالمناظر الجميلة. ومهما كانت نوعية أو مدة هذه الزيارة، لها رونقها الممتع وتتطلب بعض التجهيزات:

أولاً، تجهيز الثياب المخصّصة للطقس البارد والثياب المخصّصة لرياضة التزلج. أما بالنسبة لأطفالنا الصغار الذين لم يتخطّوا عمر السنة، فمن المهم جلب لوازمهم الأساسية وثياب يمكن أن تُستبدل بعدما أن تبتل بسبب الثلج. ويجب أن يبقى الطفل جافاً كي لا يمرض. ثانياً، إحضار أدوات للحماية من الشمس وأشعتها. فلا يجب أن ننسى إستعمال المراهم للوقاية من الشمس، ووضع النظارات الشمسية… ويمكن تشجيع الطفل في إرتداء النظارات الشمسية من خلال إختياره لها، وأن تكون بالألوان التي يحبها.

ثالثاً، بالنسبة لأطفالنا الصغار، لا يجب أن ننسى النقاط التالية: وضع القبعات الصوفية ولبس الكفوف والشال وإجبار الطفل على شرب الماء وتناول الطعام، لأنّ بعض الأطفال ينسون تناول الطعام أمام الزائر الأبيض.

رابعاً، خلال رحلة الثلج، يكون البرد قارساً والهواء بارداً جداً، لذا من المستحسن عدم الإنتقال من مكان ساخن أو معتدل الحرارة إلى مكان بارد، حيث يمكن أن يؤثر على حرارة الجسم ويجعل الشخص أكثر عرضة للزكام…

خامساً، جلب بعض الألعاب المناسبة للثلج.

سادساً، عدم أكل الثلج، بالرغم من إنّ منظره جميل، خصوصاً عندما يتساقط من السماء، لذا يحاول بعض الأطفال تذوقه واكتشاف طعمه. وهذا ما قد يشكّل خطورة على صحة الطفل، لأنّ الثلج قد يحتوي على مواد سامة، كما قد يعرّضه للإصابة المرضية أو مشاكل في رئتيه.

سابعاً، إحضار حقيبة إسعافات أولية.

ثامناً، إحضار بعض الأطعمة الخفيفة: إذا كانت العائلة تنوي قضاء بعض الساعات في الثلج، طبعاً ستحتاج لبعض الأطعمة الخفيفة والمشروبات: الفواكه والخضروات وزجاجات المياه كما السندويشات.

تاسعاً، اختيار مكان مناسب لممارسة نشاطات الثلج، أي لا يكون مكاناً خطراً أو مكاناً مزدحماً. كما يمكن الجلوس بجوار عائلات أخرى حتى يلعب الأطفال معاً.