IMLebanon

الخليج “دقّ الباب” اللبناني ويدرس “الجواب” والعيْن على الخطوة المقبلة

 

بين «ديبلوماسية قمنا بما علينا»، و«ديبلوماسية قمنا بالممكن»، مساران لا يلتقيان عبّرتْ عنهما المبادرة الكويتية – الخليجية – العربية – الدولية حيال لبنان، وجواب بيروت الذي وُضع في عهدة الكويت التي كان وزير خارجيتها الشيخ أحمد الناصر، حَمَلَ ورقة البنود الـ 12 إلى «بلاد الأرز» حول مرتكزات إنهاء الأزمة معها.

وفي حين كان جواب بيروت محور لقاء أحمد الناصر مع وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، وأيضاً في اجتماعات الأخير مع عدد من نظرائه على هامش الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي استضافته الكويت، أمس، فإنّ أوساطاً سياسية لم تؤخذ بالمناخات التي أشيعت في العاصمة اللبنانية عن «أجواء ممتازة» وتَفَهُّم كويتي خصوصاً للردّ الذي صيغ بما يشبه «المناورة الكلامية» التي تُمَيِّز بين احترام قرارات الشرعية الدولية وبين «تنفيذها» الذي وُضع «وجهاً لوجه» مع السلم الأهلي.

 

وإذ بدا واضحاً، وفق هذه الأوساط، أن المبادرة الكويتية «حشرتْ» لبنان الرسمي في زاوية عدم إمكان «الهروب» من استحقاقٍ ديبلوماسي – سياسي شكّلته مذكرة المطالب الأقرب الى الشروط الخليجية خصوصاً لمعاودة وضع لبنان على «رادار» الاهتمام ومدّه بالمساعدة المالية على قاعدة أن أي «منصةِ دعمٍ» للدولة لا يمكن أن تكون قبل وقف تحويل «بلاد الأرز» عبر «حزب الله» منصةَ «عدوان لفظي وفعلي» على دول مجلس التعاون الخليجي، فإنها اعتبرت أن بيروت حاولت تحويل هذه الاندفاعة التي لا يمكن فصْلها عن رفْع الحوثيين منسوب التهديد والاعتداءات على السعودية والإمارات، «فرصةً» لفتْح حوار مع الخليج العربي وكسْب الوقت عبر اقتراح تأليف لجنة مشتركة لمناقشة ومتابعة البحث في بنود الورقة.

ورأت أن الساعات المقبلة ستكون كفيلة بتظهير الوقع الذي تركتْه مذكرة الردّ اللبنانية لدى الدول المعنية بالمبادرة والتي سيُرفع إليها جواب بيروت الذي بات «قيد الدرس لمعرفة ما هي الخطوة القادمة مع لبنان»، وفق ما عبّر أحمد الناصر، أمس، وسط اقتناعٍ بأن خلفيات الحِراك الذي قادتْه الكويت بتفاهُم مع دول الخليج العربي الأخرى، ولا سيما السعودية والإمارات وبغطاء عربي ودولي، تحت عنوان «إجراءت بناء الثقة»، يصعب تَصَوُّر أن تكون على طريقة «رفْع العتَب»، بمقدار ما أنها جاءت أقرب إلى «الإنذار الأخير» لبيروت بأن «الصبر نَفَد»، وإن لم يكن ممكناً بعد تَلَمُّس كيف سيكون الردّ على استسهال لبنان تكرار مفاضلةٍ باتت واقعياً اليوم بين «أمن لبنان وأمن الدول الخليجية».

وتسأل الأوساط نفسها، هل تكتفي هذه البلدان بالإبقاء على الأزمة بمستوياتها الحالية (سحب سفراء وإجراءات اقتصادية) على قاعدة «لا تطلبوا منا ما هو أكثر من المساعدة الانسانية»، بعدما جرى «توثيق» ما يشبه «إعلان العجز» من الدولة اللبنانية عن الاضطلاع بمهماتها في بسط سيطرتها على كامل أراضيها ومنع وجود تنظيمات مسلحة خارج الشرعية، وبالحدّ الأدنى وقف انخراط «حزب الله» في ساحات المنطقة، أم أن الأزمة مع دول الخليج ستنتقل إلى مستوى آخر بإجراءات أخرى أكثر تشدُّداً باعتبار أن «فترة السماح انتهتْ».

وفي موازاة الترقُّب الكبير لما بعد تَسَلُّم الكويت الجواب اللبناني، يَمْضي الوضع الداخلي مأخوذاً بقرع طبول الانتخابات النيابية في 15 مايو والتي تشي بـ «معارك ضارية» متعددة الجبهة، بين القوى السياسية التي ستخوض منازلاتٍ بعناوين سياديّة بوجه «حزب الله» (مثل «القوات اللبنانية» وآخّرين)، أو بحساباتِ الحدّ من أضرار الاستنزاف الشعبي للإبقاء على «أفضلية» في السباق الرئاسي المقرر خريف 2022 (مثل رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل)، كما بين هذه القوى ومجموعات من المجتمع المدني تشكّل امتداداً لانتفاضة 17 اكتوبر 2019 وعناوينها «الثائرة» على عموم الطبقة السياسية.

وإذ شكّل الانسحاب الصاعق للرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري من العمل السياسي، ولو مرحلياً، عنصرَ إرباكٍ للمشهد السياسي كما الانتخابي، وسط محاولاتٍ لسدّ هذه «الفجوة» الكبيرة من قبل القيادة الروحية للمكوّن السني مع بعض قادته السياسيين بما يمنع أن تترك ندوباً عميقة على وزن هذا المكوّن ودوره في التوازن اللبناني ببُعديْه المحلي والاقليمي، فإن «الساحة الانتخابية» شهدت أمس «تحمية» كبيرة على جبهة «حزب الله» – «القوات اللبنانية» التي تنهمك في الوقت نفسه بمكاسرة مع «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) تُستخدم فيها كل «الأسلحة» بالتوازي مع «تسابُق» على اجتذاب الصوت السني أو أقله «تحييده» وعدم تحوُّله «ثأراً في الصناديق» من ممارساتٍ ساهمت في دفْع الحريري لاتخاذ الخيار الصعب.

وبعدما كانت «القوات» اعتبرت أن عنوان انتخابات 2022 هو المواجهة مع «حزب الله» ومشروعه الذي «ورّط لبنان في ساحات المنطقة»، ردّ الحزب بعنف عبر نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، معتبراً «أن القوات جماعة لهم تاريخ مليء بالإجرام والقتل لأبناء طائفتهم ووطنهم، وهم إلغائيون لا يصلحون لأن يكونوا ممثلين لحال شعبية يمكن أن تبني وطناً»، ولافتاً إلى «ان جماعة السفارة الأميركية والقوات يشكلون خطرا على مستقبل لبنان، وعلينا أن نحمي هذا المستقبل بصوتنا وحضورنا وموقفنا السياسي»، وداعياً لعدم الرهان على نتائج الانتخابات «لأنها ستكون قريبة (من البرلمان الحالي) مع بعض التغييرات»، ومعلناً «لا يرسمن أحد أنه سيغيّر الأكثرية وستأتي مكانها أكثرية أخرى وما شابه، فهذا البلد يحكم بأوسع درجة من التوافق، وبالتالي لا يقمن أحد بمراهنات ليست في محلها».

https://www.alraimedia.com/article/1574206/خارجيات/الخليج-دق-الباب-اللبناني-ويدرس-الجواب-والعين-على-الخطوة-المقبلة