IMLebanon

لبنان دولتان بحكم الأمر الواقع …الحل تقسيمي؟

جاء في المركزية:

لا كلام يعلو اليوم داخل الدوائر السياسية السيادية المحلية والعربية والدولية عن فشل النظام الحالي في لبنان. الكلام الذي يتردد متشعب لكنه يدور حول ارجحية انعقاد مؤتمر دولي يخرج منه المجتمعون بصيغة نظام جديد قد لا يكون على مستوى آمال وطموحات السياديين ولا يشبه صورة لبنان الكبير، خصوصا إذا ما صحت قراءات البعض من أن التسوية المرتقبة ستكون على حساب لبنان، وبالتالي فإن المقرر أن يخرج من نتائج المؤتمر الدولي غير المعلن حتى اللحظة نظام المثالثة… كل هذا يبقى في إطار “الوشوشات السياسية” إلا أن المعلن والثابت أن لبنان دولة فاشلة بشهادة المجتمعين العربي والدولي.

أبعد من أصداء خروج الرئيس سعد الحريري من المشهد السياسي اللبناني ودخول شقيقه على خط “المستقبل”، وأبعد من مشهدية المعارك الإنتخابية التي بدأت تستعر في ظل الإرباك الحاصل من عدم حصول الإنتخابات النيابية في موعدها المحدد في 15 أيار، يبرز الكلام عن مسودات أعدتها مجموعات لبنانية في الخارج وسيتم عرضها على مجلس الأمن كمرحلة انتقالية، بانتظار اجراء انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني المقبل.

وتتضمن هذه المسودة مجموعة أفكار تقضي بالبدء بطريقة ما بتنفيذ القرار الدولي 1559، عبر تقسيم لبنان إلى منطقتين أمنيتين، الأولى في الجنوب والضاحية باتجاه البقاع شرقا، وهي تحت سيطرة حزب الله، والثانية بعهدة القوى الدولية والقوى الشرعية اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي. وبحسب أوساط لبنانية تعمل على خط الإدارة الأميركية فإن الكونغرس الأميركي سيدرس خطة أمنية، اعدتها المجموعات تنشأ من بيروت الإدارية إلى الشمال في عكار، من زاوية ان هذا المشروع أمني، بحت، وبداية لتطبيق القرار 1559. على ان تضغط مجموعات المجتمع المدني والقوى السياسية “السيادية الرافضة لسياسات حزب الله” لتنفيذ الخطة، وذلك كشرط للمساعدات الدولية والعربية للبنان”.

الكلام عن تقسيم لبنان ليس بجديد وفق مدير مركز المشرق للشؤون الإستراتيجية سامي نادر “لكنه لا يندرج في إطار سياسة واشنطن”. ويشير عبر “المركزية” الى أن “الواقع على الأرض يثبت أن هناك منطقة تقع تحت سيطرة حزب الله بشكل كامل والدولة غائبة عنها تماما بقرار من قوى الأمر الواقع وكذلك عن القرارات الدولية 1559 و1701″ لافتا إلى أن الرد على المبادرة الكويتية وهي بمعنى أصح مبادرة دولية، ردٌ تبريري أكثر ولا يمكن الإتكال عليه. وإذا ما استمر هذا الفرز القائم بحكم الأمر الواقع فهذا سيؤدي حكما إلى تقسيم لبنان”.

كل التقارير الدولية وحتى الإقليمية تتحدث عن لبنان بصفة “دولة فاشلة” إنطلاقا من سيطرة حزب الله على قرار الدولة ومؤسساتها  “هذا عدا قدرة الدولة على تنفيذ الحد الأدنى من سلطتها أقله في السياسة. وهذا الأمر الواقع واضح للمجتمع الدولي. إلا أن الولايات المتحدة لا تدخل في عملية التقسيم المفروضة وهي كما سواها من الدول تتعامل مع هذا الواقع وفق استراتيجيات معينة وإلا كيف نفسر مثلا قرار الإدارة الأميركية نقل موقع مقر السفارة الأميركية الجديدة من منطقة الشويفات إلى عوكر”؟

وتعليقا على الكلام الذي يتردد حول عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان تنتج عنه ولادة نظام جديد يقول نادر: “نظامنا الحالي منهار ولا يمكن إعادة بنائه من دون وجود نية أو حتى أوراق على طاولة القرار الدولي. ولبنان ليس أولوية لدى الإدارة الأميركية، حتى الملف الإيراني لم يعد متداولا بالحماسة نفسها مع تبدل موازين القوى في المنطقة، ومن يقل العكس فهو حتما لا يقرأ في الإتجاه الصحيح أو لا يريد الإعتراف بذلك لأن أولويات الولايات المتحدة اليوم موجهة نحو الصين وكيفية مواجهتها والصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا”.

السؤال الذي يطرح كيف سيتعامل لبنان مع صندوق النقد الدولي والمساعدات الدولية والعربية المقررة في ظل وجود منطقتي نفوذ ضمن دولة واحدة؟ وهل ستتمكن القوى الأمنية والجيش اللبناني من السيطرة أمنيا على منطقة النفوذ الخارجة عن هيمنة حزب الله في حال عدم اقتناع المجتمع الدولي بقدرة الدولة اللبنانية على الخروج من هيمنة حزب الله على مؤسساتها وتنفيذها القرارات الدولية وأبرزها 1559 و1701؟ يجيب نادر: “لا مساعدات دولية ولا حوار مع صندوق النقد الدولي في غياب الحد الأدنى بالسياسة. حتى الكلام عن النأي بالنفس لم يعد يقنع أحدا لأن المطلوب افعالا وليس أقوالا وكلاما على المنابر”.

ازدواجية الدولة أو ما بات يعرف في المفهوم الدولي بالدولة التبريرية ما عادت مقنعة “وهذا هو الفرق بين مبادرة ماكرون والمبادرة الكويتية التي كانت واضحة في أهدافها… إما التخلي عن هيمنة دويلة حزب الله على قرارات الدولة التنفيذية والتقيد بسياسة النأي بالنفس فعلا لا قولا، وإلا… ما تحلموا بالمساعدات”. يختم نادر.