أعلن السفير الإيراني لدى العراق، إيرج مسجدي، أن جولة خامسة من المباحثات بين الجمهورية الإسلامية والسعودية ستجري في بغداد قريبا، مشيرا الى إحراز “تقدم جيد” في الجولات الأربع السابقة من المباحثات، مضيفا أن الجولة الخامسة “ستعقد في القريب العاجل إن شاء الله”، مشددا على أن لدى طهران والرياض “إرادة سياسية لحل المشاكل المشتركة القائمة بينهما”، مضيفا أن أجندة المباحثات تتركز على أن تكون الدولتان قادرتين بشكل أساسي على إزالة الجمود المستمر منذ عدة سنوات في علاقاتهما الثنائية وإعادتها إلى طبيعتها تدريجا.
وأقر الدبلوماسي الايراني بأن هذه العملية قد تستغرق بعض الوقت، غير أن كلا الطرفين مهتمان بحل المشاكل القائمة بينهما، مضيفاً: “كان هناك الكثير من النقاش في هذه الجولات الأربع من المحادثات، وأعتقد أن المقترحات التي قدمناها قد تمت مراجعتها من قبل الجانب السعودي، وفي الجولة الخامسة من الممكن اتخاذ قرارات جيدة، يبدو أن القرارات والتوافقات قد تحتاج إلى وضع اللمسات الأخيرة عليها وبعد ذلك سنعلن للشعب عن نتائج المحادثات إن شاء الله”. فما الذي يمكن توقعه من الجلسة المقبلة؟
مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر يقول لـ”المركزية”: “الامر الوحيد الايجابي الممكن توقعه هو ان توقف ايران التصعيد في المناطق التي أصبحت تحت نفوذها بدءا من اليمن مرورا بالعراق وسوريا وصولا الى لبنان”، مشيرا الى ان “بالنسبة للسعودية الهدف الاول هو تخفيض التصعيد، وقد شهدنا في المرحلة الاخيرة تصعيدا ضد السعودية واستهدافا للامارات. فعندما تطال الصواريخ الحوثية العمق الاماراتي، فهذا ليس تفصيلا وحدثا عابرا. في الوقت نفسه من الممكن ان تكون مناورة ايرانية لأن المحادثات مع الاميركيين، والذين هم حلفاء السعودية، لم تُحدث الخروقات المتوقعة، ودخلت نوعا ما مسارا بطيئا، والانفراج الذي كان متوقعا والتوقع بالوصول الى اتفاق نهاية شهر كانون الثاني الماضي لم تحصل، وبالتالي هناك خطر بأن تكون هذه المحادثات مناورة من قبل ايران لإحداث شرخ في صف الحلفاء. فعندما يكون هناك تفاوض مع الحلفاء على القطعة يمكن ان تكون بمثابة مناورة. لكن كي تجني هذه المحادثات ثمارها، يجب ان تترافق مع خطوات عملية، أفعال لا أقوال من قبل الايرانيين، على الساحات الموجودة فيها بدءا من اليمن”.
ويؤكد نادر ان “في حال لم تترافق المباحثات مع خطوات، كوقف اطلاق النار وعودة الحوثيين للجلوس الى طاولة للتوصل الى حل، خاصة وأن إطار الحل موجود، وبقيت عملية التصعيد قائمة فقد يعني ذلك ان ايران تفعّل الدبلوماسية من اجل الدبلوماسية، ومن أجل كسب الوقت او في إطار المناورة واستمرار المواجهة، لأن المثل يقول بأن الدبلوماسية هي تكملة الحرب بوسائل أخرى. فإذا بقيت ايران في هذا الاطار فلا إمكانية اليوم لأي تسوية”.
ولفت نادر الى ان “محادثات فيينا صعبة لأن الاميركيين باتوا غير مستعجلين جدا على الاتفاق، فهم لا يريدون العودة فقط الى الاتفاق النووي بل أيضا التوسع ليشمل الصواريخ الباليستية وأذرع ايران وتدخلها في المنطقة، لأن الاتفاق النووي شارف على نهايته. فما النفع من العودة الى اتفاق وقع عام 2015؟ ما الذي بقي منه؟ بقي منه خمس سنوات، آخر بنوده تنتهي عام 2030 والبعض منها ينتهي مفعوله عام 2025، لأن الاتفاق غير مفتوح زمنيا. لذلك نجد ان الطرف الاميركي غير متحمس جدا للعودة اليه. الطرف الايراني بدأ يعمل على ايجاد البدائل بالانفتاح شرقا وبدائل على العقوبات. هناك مصلحة للطرفين بإنجاز اتفاق ولكن هذه المصلحة لم تعد كبيرة كما كانت في السابق حتى يتوصل الطرفان لاتفاق بكل الوسائل”.
وعن تأثر لبنان، يجيب: “لبنان سيبقى ساحة مواجهة وضغط، اذا حصلت انفراجة سيتأثر لبنان بها، تماما كما حصل عند توقيع الاتفاق، عندما بدأوا بالمفاوضات عام 2011، يومها تشكلت حكومة في لبنان بعد قطيعة سنة وجاءت حكومة الرئيس تمام سلام وأعلن عنها وزير الخارجية الايراني السابق جواد ظريف في دافوس. طالما لبنان ساحة مفتوحة وطالما أبناء وأهل النظام في لبنان راضين على أن يكونوا أدوات للخارج في الداخل وبالدخول في هذه اللعبة ، فمن أين سيأتي الانفراج؟ عندما تنفرج في الاقليم، حتما سينعكس الامر على لبنان. لكن، في حال اتجهت الامور على مستوى الاقليم نحو المواجهة، فإن لبنان يتجه الى تصعيد وانكماش وانسداد. لطالما نادينا بالتوجه نحو الحياد وتشكيل حكومة مستقلين كي نسيّر امورنا لكن لا من يسمع”.