IMLebanon

ميشال الياس المر: يدي ممدودة لكل من يؤمن بمشروع الدولة

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

تزوره في مكتبه في «العمارة»، فتغمرك حفاوته وحسن استقباله.. شاب في مقتبل العمر قرر دخول المعترك السياسي من باب الانتخابات النيابية، وحدوده تنطلق من المتن الى كل لبنان، وكل شيء فيه ينبض حيويّة وحماسة ورغبة جامحة لتأدية أمانة غالية عُهِدت إليه. عندما تجالس ميشال الياس المر، تجد أن مدرسة آل المر أودعته نضوجاً مبكراً، محيطاً بكل الصورة اللبنانية بشكل عام والمتنية بشكل خاص.. عندما تجالسه، ترى فيه تواضعَ وصراحةَ وعفوية «ابو الياس» جده الراحل ميشال المر، وكياسة والده الياس المر وهيبته، وهدوءه. يحب ان يسمع، يشاور، ليس متكلفا، ولا متصنّعا، تعجبك لباقة حديثه واتزانه، لا يتحامل على احد، ولا يجرّح بأحد ولا يذم بأحد، وتجذبك صراحته، فما في قلبه ينطق به لسانه. عن المتن، كلام لا ينتهي وينبض إخلاصاً ووفاء لهذه المنطقة ولما هو واجب عليه تجاهها، واما عن لبنان فينبض حبا وتوقا وطموحا بأن يعيش في وطن معافى مستقبله زاهر، لا هدر فيه ولا صفقات ولا قهر للناس ولا تهجير للشباب بل صَون حقوق الانسان وكرامته بالفعل لا بالقول والشعارات. «الجمهورية» التقت ميشال الياس المر، وكان هذا الحوار:

• لماذا قررت ان تترشح للانتخابات النيابية؟

قبل ان اجيب عن هذا السؤال، أود ان اتذكر جدي ابو الياس في ذكراه السنوية التي تصادف في هذه الايام، لأقول إنني افتقده، وأحنّ الى طيبته وانسانيته، وعاطفته الـ بلاحدود التي لم يحطنا بها وحدنا كعائلة، بل شمل فيها كل المتن كعائلة، وهذا تاريخ مشهود له في هذه المنطقة التي أحبها وأحبته، ووفاؤه ايضا مشهود له لأبناء المتن الأوفياء. وهذا نهج أرساه ابو الياس، وانا ثابت على هذا النهج وسأكمله بكل ارادة وفخر. وفي ذكراه اقول له انك معنا، في قلبنا وعقلنا، وفي كلّ يومياتنا، فلروحك الطيبة السلام.

اود أن اذكر هنا، ان جدي ابو الياس كثيرا ما كان يصحبني معه الى الكثير من المناسبات التي كانت تجمعه مع ابناء المتن، وكان له الفضل في أن أرى عن قرب صحّة النّهج الذي رسمه وقَرّبه من الناس، كنت ارى تواضعه، وبساطته وتفاعله بصدر مفتوح معهم. كنت ارى سعادته وهو يسمع للناس ويلبي حاجاتهم. كل ذلك بنى بينه وبينهم رابطاً وثيقاً جوهره الوفاء. وأعاهد المتنيين الذين أحبّوه وبادلوه الوفاء بأن أحافظ على هذه الامانة.

اليوم أرى البلد ينهار، والناس تعاني الأمرّين من سياسات عشوائية أدت الى تجويع اللبنانيين وافقارهم واذلالهم ومصادرة حقوقهم، أرى ظلماً ما بعده ظلم، ولا أخلاقية سياسية وسلطوية في عدم تحمل المسؤوليات، ومن هنا منبع قراري في أن أترشّح للانتخابات، كإبن بيت وطني لا احد يستطيع ان ينكر تاريخه، وكإبن بيت متني، لا يريد ان يترشح لرغبة بتولّي منصب او موقع، لكن التزاماً بالوفاء لأهالي المتن الاوفياء والوقوف الى جانبهم كما وقفوا دائماً الى جانبنا. ما تعلّمتُ من والدي الياس المر، الذي دفع من دمه دفاعاً عن سيادة لبنان، أن أقف متفرجاً على الاجرام والظلم والقهر والاهمال وكل الآفات التي يحاصرون بها أهلنا وأحباءنا.

• هناك من يُدرج ترشيحك في سياق التوريث؟

اسمع كثيرين يتحدّثون عن التوريث، مع احترامي لكلّ رأي، فكلمة توريث لا تتوافق مع الديمقراطية، لأن الناس هي صاحبة الحق في قول كلمتها في صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية، الناس حرة في التصويت لاختيار من تريد ان يمثلها ويحمل همومها ويسعى الى تحقيق مطالبها بصدق وأمانة ونزاهة، وأن يدافع عنها ويخدمها بلا تردد. انا أحمل امانة، وواجبي أن اؤديها بكلّ اندفاع، وفاء للنّهج الذي درجنا عليه، خاصة في هذه الظروف المأسوية.

• ما تطرحه هو عناوين كبرى، ومسؤولية كبيرة، هل تملك ما يمكنك من ترجمتها، فيما انت في مقتبل العمر، ولم تعجنك الحياة بعد لا في السياسة ولا في غيرها؟

تقولين ذلك وكأنّني مهاجر وفي غربة عن لبنان. كوني شاباً لا يعني انني لست متابعاً أو مطلاً على الشأن العام في لبنان، او غائبا عن متطلبات منطقتي في كل المجالات، وهنا مع الأسف أقول إنّ وضع المتن مثل كثير من المناطق اللبنانية محزن ومحبِط، والناس في ضائقة لا تُحتمل، وأنا بالتعاون مع مجموعات من الشابات والشبّان أعمل على مجموعة مبادرات خدماتية وانمائية وصحية في منطقة المتن بعدما اطلعتُ على الأوضاع خلال سلسلة لقاءات وجولات قمت بها وما زلت، وكل لقاء او جولة يحفّزني اكثر ويمنحني قوة دفع اضافية لأن أكون الى جانبهم مُلبّياً لما يَسد حاجاتهم، ويوفر فرصاً حقيقية لإنماء منطقة المتن لتبقى كما نعرفها عروس جبل لبنان.

• أفهم من كلامك انّ برنامجك الانتخابي قد أنجِز؟

برنامجي الانتخابي هو امتداد لتاريخنا الطويل، لديّ أكثر من ملف وأفكار مدروسة ولو كانت متواضعة لكنها قابلة للتطبيق في مجالات الصحة والتعليم والامن الاجتماعي. لن نترك أهلنا واصدقاءنا في هذه الظروف المؤلمة وحدهم. برنامجي هو رفع الصوت على كل مجرم وظالم ومحتكر، هو رفع الصوت والعمل لحماية حقوق الناس وكراماتهم وجنى اعمارهم، لمحاربة إذلالهم على ابواب المستشفيات والمدارس وغياب أي تقديمات اجتماعية، برنامجي هو العمل لتفعيل عمل البلديات لتكون قادرة على خدمة أفضل، ويبقى الاساس هو العمل مع كل الشرفاء من أجل بناء دولة حديثة عصرية لا الاستسلام للدويلات والمحاصصات وأشلاء دولة.

– ماذا عن الجانب السياسي في برنامجك الانتخابي؟

برنامجي يبدأ أولاً بالانفتاح على الجميع وتحديداً في المجتمع المسيحي والتواصل مع الحلفاء وغير الحلفاء لأن البلد لم يعد يحتمل سجالات ومبارزات بل ان الناس بحاجة الى مشروع سياسي قابل للحياة، وليس الى شعارات سياسية هدفها استهلاك الرأي العام. أما عناويني الاساسية فألخصها كما يلي:

1 – الانفتاح الكامل على كل الاحزاب السياسية والمستقلين ورجال الدين والروحيين الذين يؤمنون بمشروع الدولة العادلة القوية، ومشروع الجيش وسلاح الشرعية.

2 – العالم يتطور وعلينا في لبنان أن نواكب التطور بمشاريع قوانين تحصّن الدولة بدل تفكيكها وتعيد لبنان الى دوره ورسالته وحماية حقوق أبنائه.

3 – الحوار في مفهومي هو الحل الاول والاخير، لا لغة التهديد والوعيد، ولا التحدي واستفزاز الشارع واستعمال الناس كوقود لتحقيق غايات سياسية.

4 – أؤمن ببلد خال من المذهبية، يحافظ على تنوعه الديني والفكري لأنه يشكل ثروة للبنان. أما استعمال الطوائف والرأي العام داخل هذه الطوائف متاريس سياسية، فهذا ليس ضمن قناعاتي للعمل السياسي.

• كيف توصّف وضع البلد حاليّاً؟

عن أي بلد تتكلمين؟ هل ترك لنا بلد ام تركت لنا مزارع لنعيش فيها تحت شريعة الغاب؟ تحول البلد الى مزرعة كبيرة مقسّمة الى مزارع طائفية وسياسية لا قيمة للانسان فيها ولا كرامة بل فقر واذلال للناس. من هنا كنت امام خيارين: إما ان احمل حقيبتي واترك بلدي ومنطقتي وأهلي واصدقائي، وإما أن أحزم أمري وأضع يدي بأيدي من يؤمن مثلي بمشروع الدولة وتطوير القوانين وانقاذ البلد وخدمة الناس.

وبكل صراحة، لم ولن أفكر لحظة في الهجرة أو التخلي عن بلدي وأهلي وعن تاريخنا مع عائلات وقرى المتن بجميع مكوناته السياسية والاجتماعية. وقد أخذت عهداً على نفسي أن أقول باسم الناس اذا منحوني ثقتهم، لا للمزارع ولا لدولة المزرعة وإنما لدولة حقيقية عنوانها بسيط هو العيش الكريم لكل شرائح المجتمع وانا جزء منها.

• يبدو انك تطلب المستحيل؟

أبداً، إنني أطلب ان يعود بلدي كما كان قبل هذه المرحلة من الانهيار والانحدار، وأن يكون بلداً طبيعياً كجميع بلدان العالم، ببساطة يراعي كرامات الناس وحقوقهم، وان يكون لدينا طبقة سياسية تعمل للناس وليس لمصالحها الخاصة. قد يكون هذا الامر شاقاً ومُضنياً لكنه ليس مستحيلاً.

• هل انتهيت إلى شعار لحملتك الإنتخابية؟

شعارنا الدائم هو الوفاء.