IMLebanon

هل تستعيد “الرابطة المارونية” مجدًا انقضى؟

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

هَلّل الموارنة في 21 آب عام 1959 لتأسيس الرابطة المارونية التي تشكلت من نخبة من رجال الفكر والاختصاص… ناضَل البعض من هؤلاء فيما يئس البعض منهم وهاجر البعض الآخر، إلا أن التقاعس اصاب بالشلل غالبية من أبقى على انتسابه الى الرابطة، فاقتصر عمل هؤلاء على الشكل فقط إنما عملياً لم يترجم الى أفعال فيما ضرب «بخار الزعامة المارونية» الرؤوس الطامحة للرئاسة والوزارة والنيابة وعوض ان تتوحّد صفوفها للعمل على تحقيق الاهداف التي أُنشئت الرابطة من اجلها، بالكاد يلتقي اليوم العشرات منهم في بعض المناسبات التقليدية أو في ذكرى شفيعهم مارون فيما فشلت الرابطة التي تضم 1200 عضو في جَمعهم للمشاركة في الانتخابات واجتماعات مجالس الرابطة العمومية، إذ غالباً ما تَعمّد غالبية هؤلاء الى اعادة النظر في حساباتهم الرئاسية والوزارية والنيابية والمارونية قبل حزم امرهم واتخاذ القرارات الحاسمة، وسقطت الرابطة المارونية في فخ الحسابات الرئاسية السياسية التقليدية التي لم تستفق بعد من عقدة «الزعامة لي» ولم تفطن حتى الساعة الى أهمية النعمة التي مَيّزتها فحوّلتها «نقمة».

وعلى قاب قوسين من انتخابات الرابطة المارونية في آذار المقبل، لعلّ أبرز الاسماء التي بادرت الى اعلان ترشيحها لرئاستها المحامي بول كنعان الناشط مارونياً واكليريكياً على الصعيدين الاجتماعي والروحي. اما بقية الاسماء فلم تحسم حتى الساعة ترشّحها، فيما يتم التداول بترشيح السفير خليل كرم الذي يدعمه الرئيس الحالي للرابطة نعمة الله ابي نصر إلا أنه لم يعلن ترشيحه رسمياً.

عن سبب ترشحه يقول كنعان: «ترشحتُ بعد اقتناع شخصي وايمان بأني استطيع التغيير، وبعد نصيحة من مجموعة من الاصدقاء والطاقات المارونية المنتسبة للرابطة لا سيما الذين ما زال لديهم حضور فيها بعد ان أقرّينا بالاجماع أن الرابطة فقدت حضورها الحقيقي، وليس بنية التقليل من قيمة احد، إلا أن التجربة جعلتنا نعترف بأن الرابطة فقدت وهجها والهدف من وجودها الحقيقي وارتأينا المبادرة الى إنعاشها، ونثق بأن لدينا القدرة لإحداث الفارق».

وعن نشاطه، لفت كنعان الى انه عمل منذ سنين مع المجموعة لوضع برامج متجددة لنهضة الرابطة المارونية التي تحتضر وانتشالها من القعر واستنهاض الوضع الماروني الذي يتراجع منذ اكثر من 15 سنة وفي كل المؤسسات المارونية في لبنان، ونحن قررنا إنعاشها من خلال ترشيحنا.

اما هدفنا فهو «تحفيز الطاقات المنتسبة الى الرابطة والمنسيّة للانتقال من فكرة التخطيط الى الاقدام على الفعل، إذ لا يمكن طرح الشعارات وعدم المتابعة». ويضيف: «لا انكر أن الرابطة طرحت مواضيع مهمة وكثيرة إلا أنه لم تكن هناك حماسة وشغف للمتابعة فتوقفت، ويعلم الجميع ان كل ملف نتوقف عن متابعته يذوب وتتم لفلفته او ضَبضبته في الجوارير مثل ملفات التجنيس والعمالة الفلسطينية وملف النزوح وملف الاراضي التي هلّلت لها الرابطة من خلال شعارات رنّانة. الا انها اصبحت منسية اليوم بفعل عدم الملاحقة وغياب التحفيز، فالرئاسة لا تبادر في وقت يجب على الرئاسة ان تكون «المحرك». وفي وقت تفتقد الرابطة روح الشباب والنشاط والمبادرة والاصرار والجلد على السهر والمتابعة والملاحقة، قررنا التقدم بمشاريع لنكون جاهزين امام الازمات الآتية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والوطني وخصوصا ملف الاراضي وبيعها وموضوع الميثاقية».

بكركي الغطاء

ينطلق كنعان من مباركة البطريركية الذي يعتبرها الغطاء الاساس للرابطة وتحركها، كاشفاً انه قصد راعيها لأخذ بركاته قبل ترشحه. امّا عن الحملة التي تتهم البطريركية خصوصا في الآونة الأخيرة بأنها تنشط سياسياً بنحوٍ فاضح، فقد دافع كنعان محذّراً من خطورة التصويب على مقام البطريركية ومؤكدا في الوقت نفسه «انّ البطريركية سياستنا وهي المؤسسة للبنان»، مذكّراً بالمجلس البطريركي عام 1943 الذي أسّس لبنان ولذلك لا يمكنها عدم التدخل، لأنه، وبعدم تدخّلها، ينهار لبنان، مذكّراً اللبنانيين بفترة الوصاية حيث كانت بكركي المركز الوحيد لحماية المضطهدين. ومطالِباً التوقف عن اطلاق الاتهامات والتعرض لبكركي «لأنّ تعاطي السياسة ليست تهمة وبكركي هي ام السياسة وهي المؤسس، وهي المستمرة منذ الازل والموارنة يعملون لأجل لبنان ولهذا أطلقنا على جمعيتنا اسم «موارنة من اجل لبنان». فالمارونية السياسية هي التي صنعت كيان لبنان وحضوره في الشرق وهذه ليست تهمة بل مفخرة، وهي وسام نعلّقه على صدورنا في يوم ترشّحنا لرئاسة الرابطة المارونية وسنعمل لإعادة وهج هذا الوسام».

وذكّر كنعان: «عندما أعلنت الحرب على المارونية السياسية في الطائف انتهى لبنان وما زال، ولذلك قررنا استعادته وسيكون شعارنا «معاً من اجل لبنان». واضاف: «لا نريد بعد الآن رئيس رابطة يضع في رأسه احتمال ان يكون رئيساً للجمهورية فيتوقف تفكيره هناك ويتوقف الزمن بالنسبة اليه فيبدأ بالمُسايرة. لا يجب ان تكون هناك مسايرة في خطاب الرابطة المارونية بعد الآن او مستقبلاً، بل على دورها ان يكون فاصلاً وجامعاً للاخوة المسيحيين ووطنياً لجميع البنانيين. المرشح لرئاستها يجب ان يؤمن بأن موقعه اهم من الوزارة والرئاسة، وعليه ان يتمتع بصفات القائد ويؤمن بأنه يمتلك تلك الشخصية اذ ليس مقبولاً بعد اليوم ان تكون شخصية رئيس الرابطة شخصية تسووية ورمادية بل عليه ان يكون قائداً».

وعن الذي يميز شخصيته يقول كنعان: «علاقتي جيدة مع الجميع وتاريخي معروف، منفتح على الجميع إنما لدي خطوطي الحمر التي لا أزيح عنها».

يوجّه كنعان تحية لرئيس «حركة الارض» طلال الدويهي الذي سيطلق معه مؤتمرا مشتركا قريبا بعد ان منعت ظروف الوباء عَقده. مؤكدا ان جميعته تضع كل امكاناتها في تصرف «حركة الارض» لإنجاح هذا المؤتمر الذي سيخرج عنه بالتأكيد ميثاق وطني فاعل للتحرك داخلياً وخارجياً».

ويذكّر كنعان الجميع بأنه يعلم بقوة الضغط التي يمكن ان يحدثها الانتشار اللبناني في الخارج «الذي ملّ من طروحات القيادات المسيحية التقليدية في طريقة طلب المساعدات، والتي اصبحت في حاجة الى تحديث والى اساليب متطورة تحترم الطاقات الشبابية المارونية القادرة على تبادل الخبرات».

سيرة ذاتية

ويقول: «إسمي يُخبر عنّي ولا داعي لتقديم سيرتي الذاتية لأحد، فأنا لست مرشحاً للانتخابات ومدرستي لديها مبادئ ثابتة في عمل الشأن العام ولا يمون علينا احد مهما علا شأنه، لأن مدرستنا هي مدرسة يوسف كنعان الوالد ومدرسة الكبير ريمون إدة، لذلك أعلن أنني شخص ملتزم بالكنيسة مُفعم بالطاقة والطاعة، الا ان احدا لا يستطيع الضغط عليّ فلا احد يمون عليّ غير قناعاتي. أنا مستمر ولن انسحب من الخدمة فهذا قرار شخصي ونهائي لأنني انسان حر».

ويختم: «إنتهى زمن عدم تحمّل المسؤولية فلنحمل ملفاتنا ونذهب للمواجهة والعمل، فعند المفاصل الاساسية تتحرك الكتل السياسية في المجلس النيابي وعلى الرابطة المارونية مساندتها»، كاشفاً «انّ جمعية «معاََ من اجل لبنان» كانت المبادرة لتحفيز الفاتيكان للتدخل في ملف لبنان منذ سنين إن على الصعيد الشخصي او على صعيد مجموعة من الطاقات التي تعمل بصمت بعِلم البطريرك، وأثمرَ عملهم مع سواهم بالطبع، وهو اليوم يترجم عملياً».

البرنامج

كنعان كشف لـ«الجمهورية» عن مجموعة «ملتقى التفكير الماروني» التي يعمل عليها، وهي مجموعة تجمع طاقات مارونية من كل الاختصاصات لنقلها الى الرابطة والاستفادة من طاقاتها. مشترطاً عليها شرطا وحيدا «عدم التفكير بالتوزير او النيابة».

ويعتبر كنعان انه «ممثّل نيابياً خير تمثيل»، ولذلك لم يترشح للانتخابات النيابية، اما بالنسبة الى ترشحه عن الرابطة فيقول: «نَمتهن في العائلة عمل المصالحة»، غامِزاً من قناة شقيقه النائب ابراهيم كنعان، ولذلك قرر الترشح لرئاسة الرابطة «التي سيكون من اهم ادوارها التقريب بين الأفرقاء المسيحيين، وتحديداً المتخاصمين».

ويؤكد كنعان أنه مستمر في العمل ولن يوقفه فوزه بالمركز او عدمه لأنه لا يركض خلف المراكز، بل هو مستمر في العمل. ويؤكد انّ انتسَب الى الرابطة «لأنني اعتبرها المؤسسة الأم الجامعة، علماً ان جمعيته «موارنة من اجل لبنان» عمرها 6 سنوات، إلا انني قررت الانتساب الى المؤسسة الام التي تضم طاقات مارونية ولم أترشّح لمنافسة احد ولا لمحاربة احد، ولم أقدّم سيرتي الذاتية الى الاقطاب السياسيين لانني اعتبر مركز الرئاسة المارونية اكبر من هؤلاء جميعاً وعلى هؤلاء جميعاً أخذ رضاها. وبالنسبة الى مشاريعنا وَضعنا البطريرك الراعي في جَوّها وسنحققها سواء وصلنا ام لم نصل، لدينا مشاريع مع المجموعة، ونذكر انه عندما كان التضامن يسود الاحزاب المسيحية كانوا يحققون المكاسب في الوظائف وغيرها وعند اختلافهم أعطوا الاعذار لغيرهم للإنقضاض على مراكزهم وادوارهم».

ويضيف: «هدفنا توحيد الاحزاب المسيحية وطرح الافكار الوطنية التي تجعلهم يكسبون، ودورنا جَمعهم وسأوظّف علاقاتي مع الجميع، فمنزلنا مرتبط بفكرة المصالحات. اما في مناسبة عيد مار مارون فأتمنى ان يكون قداس الغد (اليوم) جامعاً للموارنة انطلاقاً من شعار راعيهم «الشراكة والمحبة».

وغمزَ كنعان من قناة اقطاب الموارنة، خاتِماً: «أيّ خلاف بين مقام رئاسة الجمهورية ومقام البطريركية مرفوض مهما كان السبب.. وهنا تكمن أهمية دور الرابطة المارونية».