IMLebanon

عن الحق بالمقاومة… أوكرانيا مثالاً! (بقلم طوني أبي نجم)

بعيداً عن أي موقف سياسي، وبعيداً عن الاصطفاف بين محور الغرب الداعم لأوكرانيا ومحور روسيا- الصين، رغم أن كاتب هذه السطور ينتمي قلباً وقالباً إلى المحور الغربي ثقافة وكأسلوب حياة، إلا أن الموقف من مقاومة الشعب الأوكراني يجب أن يسمو على كل الاعتبارات والاصطفافات السياسية.

من بديهيات الأمور ومبادئ حقوق الانسان حق كل انسان بالدفاع عن النفس، فكيف إذاً حين تتعرّض دولة بكيانها ومؤسساتها وشعبها إلى عملية غزو من دولة كبرى تفوقها عديداً وعتاداً وتسلحاً، ولم يشهد العالم مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية؟

ولعلّ أجمل ما في المقاومة الأوكرانية أنها مقاومة تجمع الجيش والشعب بقيادة رئيس البلاد الذي يُشرف على عمليات المقاومة العسكرية كما على المفاوضات والاتصالات السياسية ويتولّى عملية التعبئة والحشد من خلال إصراره على استعمال كل وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي من أجل التأكيد على الثبات في المقاومة حتى الانتصار.

والمفارقة تكمن في أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، المتهم بالتبعية للغرب، رفض كل العروض لتأمين خروجه الآمن من كييف ومن أوكرانيا ككل، وأصرّ على طلب السلاح والذخيرة لتأمين الصمود والمقاومة عوض عرض الرحلات إلى الخارج، وأثبت أنه يقود عمليات المقاومة العسكرية من الميدان وليس من غرفة عمليات بعيدة عن أرض الواقع.

لكل انسان الحق في أن يختلف مع السياسة الأوكرانية ومع ممارسات رئيس أوكرانيا. لكل انسان الحق في أن يكون معجباً بروسيا وقيصرها أو رافضاً لأداء الولايات المتحدة ودول الغرب وسياساتها وانتهاكاتها في أكثر من دولة، كما حدث في العراق على سبيل المثال لا الحصر. لكن لا يحق لأحد حرمان الشعب الأوكراني من حقه بالمقاومة التي يستبسل بها منذ 5 أيام، رئيساً وحكومة وجيشاً وشعباً، صغاراً وكباراً، عسكريين ومدنيين، مؤكدين حقهم بوطنهم وأرضهم وسيادتهم.

إن المقاومة الأوكرانية تعطي في هذه الأيام مثالاً يُحتذى به تجاه العالم، بعيداً عن أي اعتبار سياسي. هي مقاومة ألزمت على سبيل المثال السويد المحايدة كدولة بأن تمدها بالسلاح. هي مقاومة أجبرت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على طلب المفاوضات والقبول بها من دون قيد أو شرط مع وفد الرئيس الأوكراني زيلنسكي الذي كان بوتين يسعى إلى الإطاحة به.

بغض النظر عمّا يمكن أن تؤول إليه نتائج المعركة العسكرية، فإن الانتصار حققه الأوكران بعزيمتهم وصمودهم ومقاومتهم البطولية حتى اليوم. لا أحد يُنكر أن باستطاعة الرئيس بوتين إحراق أوكرانيا بمن فيها، إنما سياسة الأرض المحروقة لم تعد تنفع في القرن الحادي والعشرين حيث يشهد العالم أجمع على جرائم ضد الانسانية يتم ارتكابها.

لكن شتّان ما بين المقاومة الأوكرانية بقيادة الدولة والجيش والرئيس، وبين بعض مدّعي المقاومة في لبنان وهم يعملون بقيادة الولي الفقيه في طهران وبإشراف الحرس الثوري الإيراني، في حين عملوا لتهديم أسس الدولة اللبنانية ومؤسساتها ولم يترددوا في ضرب جيشها وتوجيه أبشع الاتهامات له، من اغتيال ضباط الجيش وآخرهم النقيب الشهيد سامر حنا وصولاً إلى اتهام قائد الجيش وقيادته بالتبعية للولايات المتحدة.

نعم، المقاومة الأوكرانية تعمل وفق أجندة أوكرانية صرف، وهدفها الوقوف بوجه الغزو الروسي وتحرير أرضها من الاحتلال الروسي، وستعيد تسليم السلاح إلى الدولة والجيش فور انسحاب الاحتلال ليعود المواطنون إلى ممارسة أعمالهم المعتادة ولن يرفعوا شعار الاحتفاظ بالسلاح طالما الروسي موجودا على حدودهم ولديه أطماع في ارضهم، وذلك رغم معرفتهم بقدرات جيشهم المحدودة مقارنة بجيش بوتين.

هل نتابع المقارنات؟ لا حاجة لأن الفرق شاسع بين مقاومة وطنية وبين منتحلي صفة المقاومة في حين أنهم ليسوا أكثر من ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني!