IMLebanon

الـ”NFT” إستثمار جيّد ولكن!

كتبت شانتال عاصي في “الجمهورية”:

تتطور التكنولوجيا مع تغيّر عقارب الساعة، وخاصةً تكنولوجيا العملات الرقمية والـ«blockchain»، إذ بات من الضروري التعرّف إليها وبدء الغوص في خباياها. وها نحن اليوم نسمع كثيراً عن الـ «NFT» أو الأصول غير القابلة للإستبدال، حيث بات يظهر في الآونة الأخيرة خبراً عن بيع لوحة أو مقطع موسيقي أو حتى تغريدة على موقع «تويتر» بمبالغ هائلة تصل إلى ملايين الدولارات. ولكن، ما زال مصطلح «NFT» غير واضح بالنسبة لأكثرية الناس، ومن يملك فكرة خجولة عنها، يربطها بالعملة الرقمية.

تعتبر «NFT» اختصارا لكلمة «Non Fungible Tokens» أو الأصول غير القابلة للإستبدال، تتميّز بفرادتها لأن لا يمكن استبدالها بشيء آخر بعكس العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم وغيرها الكثير. فعلى سبيل المثال، يمكن استبدال عملة البيتكوين بعملة أخرى لها القيمة نفسها، أمّا الـ«NFT» فلكلّ منها قيمة مختلفة لا يمكن إستبدالها، مثل رسم، مقطع موسيقي، مقالات رقمية، ألعاب وغيرها من الرموز.

جَني الأموال بسرعة

أشار الخبير في التحول الرقمي د. بول سمعان إلى أن كل شخص يمكنه أن يقوم بالـ «NFT» الخاصة به، مع الإشارة إلى أنّ كل شخص يمكنه معرفة مالكها السابق، ولو حتى تم بيعها عدّة مرات، وذلك لأنها مسجّلة على تقنية البلوكتشين. وأبرز الأشخاص الذين يقومون بالـ«NFT» هم من الفنانين الذين يكتسبون شهرة واسعة، ولهذا السبب يجنون أموالاً طائلة بسرعة، لأنه من السهل الوصول إلى شريحة كبيرة من الناس لبيعهم تلك الرموز غير القابلة للإستبدال. أمّا عن مبدأ الـ«Royalty»، ففي كلّ مرة يباع فيها الـ«NFT» يحصل مالكها الرئيسي على نسبة من أرباح المبيعات.

عمليات احتيال

إلى ذلك، تعتبر منصّة «Open Sea» واحدة من أكبر أسواق الـ«NFT» في العالم وأكثرها مصداقية ودقّة، لكن رغم ذلك تعرّضت في الآونة الأخيرة إلى اختراق كبير. أما إحدى عمليات الاحتيال التي تطال فنّاني ومتداولي الـ«NFT» فتتمثّل بنسخ الملف أو العمل الفنّي، وتعديله، وصَكّه، باعتباره «NFT» جديداً على منصّة مختلفة. أمّا عن الأصول التي يمكن تحويلها إلى «NFT» فهي تغريدات أو منشورات على مواقع التواصل الإجتماعي، مقاطع موسيقية، ألعاب، بطاقات التداول الرقمية، المقالات الرقمية والأصول الافتراضية كالـ«أفاتار».

كيفية إنشاء «NFT»

إنّ أبرز المواقع التي تمكّننا من إنشاء حساب «NFT» هي: «rarible» و«Open Sea»، حيث يجب إنشاء «محفظة رقمية»، على سبيل المثال «Metamask» ليتمكن الشخص من تحميل الصور والمقاطع الصوتية أو الفيديوهات.

سوق يتوسع يومياً

إن سوق الـ«NFT» يتوسّع يومياً أكثر فأكثر ويتطوّر، بحيث بات هناك برامج بإمكانها أن تخلق تلقائياً من 5000 إلى 10000 صورة أو فيديو، يتم نشرها فوراً على منصّة «Open Sea»، ممّا يسهّل على الشخص عملية تحميل تلك الرموز ويختصر وقته. أمّا عن مصطلح «Utility Token NFT»، فيعني أنه يتم إنشاء مجموعة من الـ«NFT»، تمكّن كل شخص من الإستفادة من هذه الرموز. على سبيل المثال من الممكن أن يحصل على خصم يمكّنه من حضور محاضرات أو اجتماعات معيّنة، أو الحصول على عضويّة في أحد النوادي.

مشاهير الـ«NFT»

من المشاهير الذين باتوا يستثمرون في الـ«NFT» ميلانيا ترامب زوجة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، و «Gary Vaynerchuk» الذي أنشأ «V Friends NFT»، ما يتيح لكل من اشتروا الـ»NFT» الخاص به الإستفادة من خصائص مميزة كالتي أتينا على ذكرها سابقاً.

إحذروا المخادعين!

في سياق آخر، حذّر خبير التحول الرقمي من الخدع التي قد يتعرّض لها مستخدمي الـ «NFT» وبخاصّة أولئك الذين لا اطّلاع لديهم حول الموضوع ويظنّون أنها أفضل وسيلة لجني الأموال الطائلة. فشدّد على ضرورة إجراء البحث الدقيق حول الـ«NFT» الذين يودّون شراءه والتأكّد من أنّه رمز حقيقي له قيمة وليس خدعة. كما يقوم بعض «المخادعين» بتسويق الـ»NFT» للإيقاع بأكبر عدد ممكن من الضحايا، ويلجأون للمؤثرين على مواقع التواصل الإجتماعي لينشروا على صفحاتهم الـ«NFT»، حتى أنهم يقومون بإنشاء موقع رسمي ليتمكّنوا من الإيقاع بأكبر عدد ممكن من الأشخاص.

لذلك، على الأشخاص التأكّد من هوية القيّمين على الـ«NFT» من خلال منصّات مواقع التواصل الإجتماعي مثل «Linkedin»، كي لا يقعوا ضحية الخدع ويخسروا أموالهم، لأنه عند شراء الـ«NFT» يراهن الشخص على ارتفاع سعرها مع الوقت.

عوامل مؤثرة بأسعار الـ«NFT»

إن أهم منصّات البلوكتشين التي يتم خلق الـ«NFT» عليها هي: الإيثيريوم، سولانا، بوليغون. أمّا كلفة عملية التبادل على بلوكتشين الإيثيريوم فتكون مرتفعة نسبةً لغيرها، لذلك هناك توجّه اليوم للّجوء إلى البوليغون، حيث الكلفة أقل بكثير من كلفة الإيثيريوم. وفيما يخصّ تأثّر أسعار الـ«NFT» بالعملات الرقمية كالتي نشهدها في الآونة الأخيرة، هناك عدّة عوامل أهمها الحروب وخوف الناس من تدهور الأوضاع الإقتصادية، عمليات التصيّد الإلكتروني، وبالتالي اللجوء للبيع الـ«NFT». في السياق عينه، عند تداول الأخبار السيئة أو نشر تغريدة سلبية مثلاً لـ«Elon musk»، تتأثر أسعار العملات الرقمية والـ«NFT» سلباً وتنخفض الأسعار، وفي حال ورود أخبار إيجابية تُعاود الإرتفاع، لذلك يرتبط سوق العملات الرقمية بمصطلح «volatile» أي متقلّب، بحيث يتأثّر كما ذكرنا بالأخبار المحيطة.

أخيراً، على الرغم من الضجّة التي أثارتها الـ«NFT»، إلّا أنه لا يزال البعض يظنّ أنّها فقّاعة أو موضة ستزول قريباً، إنّما الحقيقة هي أنها ثورة في عالم التسوق الإلكتروني سيتفاعل معها الملايين من المستخدمين. فهل يفهم الناس قريباً معنى الـ«NFT» ويغوصون في عالمها الشيّق؟