IMLebanon

بري يتعاون مع باسيل “على القطعة”

 كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط”:

قال مصدر بارز في حركة «أمل» إن رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه قطع شوطاً على طريق جوجلة أسماء المرشحين أكانوا من «الحركيين» أو المستقلين لخوض الانتخابات النيابية على لوائح كتلة «التنمية والتحرير» المتحالفة مع «حزب الله». وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن التغيير يشمل أربعة نواب حاليين، هم ياسين جابر الذي كان السباق وزميله في الكتلة أنور الخليل في إبلاغهما بري عزوفهما عن الترشح، وعلي بزي الذي سيحل مكانه أشرف بيضون، ومحمد نصر الله الذي استبدل بواسطة الرئيس السابق لمجلس الجنوب قبلان قبلان.

ولفت إلى أن مرشحي كتلة «التنمية والتحرير» وعددهم 17 مرشحاً هم، إضافة إلى الرئيس بري الذي تقدم بترشحه عن دائرة الزهراني – صور: علي عسيران، عناية عز الدين، علي خريس، أيوب حميد، أشرف بيضون (الذي حل مكان بزي)، علي حسين خليل، قاسم هاشم (ينتمي إلى حزب البعث الموالي للنظام السوري)، الوزير السابق مروان خير الدين (استبدل بواسطة أنور الخليل)، ناصر جابر (حل مكان قريبه ياسين جابر)، هاني قبيسي، إبراهيم عازار، فادي علامة، محمد خواجة، غازي زعيتر وقبلان قبلان.

وأكد أن بري يواصل مشاوراته مع العائلات المسيحية في قرى قضاء صيدا – الزهراني لاختيار المرشح الكاثوليكي الذي يستكمل به لوائح كتلة «التنمية والتحرير»، وإن كانت الأرجحية تصب لمصلحة تجديد التعاون مع الوزير السابق النائب الحالي ميشال موسى. وقال إنه لم يعد من عائق أمامه للإعلان عن أسماء المرشحين على لوائحه بالتلازم مع اقتراب إقفال باب الترشح في 15 مارس (آذار) الجاري.

وفي هذا السياق، كشف مصدر نيابي بارز أن الرئيس بري ضد تأجيل إجراء الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل ولو لدقيقة واحدة، وقال إنه يشكل رأس حربة ضد ترحيلها إلى موعد لاحق لقطع الطريق على من يراهن على التمديد للبرلمان، لينسحب لاحقاً على التمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لأن التمديد سيقف حاجزاً في وجه الانتقال السلمي للسلطة، وسيترتب عليه محاصرة لبنان من قبل المجتمع الدولي الذي يصر على إجراء الانتخابات في موعدها.

وحذّر المصدر النيابي من أن يكون إصرار الرئيس عون ولو متأخراً بالتناغم مع فريقه السياسي على استحداث مراكز لـلـ«ميغاسنتر» تتيح للناخبين الاقتراع في أماكن سكنهم بدلاً من الانتقال إلى بلداتهم وقراهم، وسأل لـ«الشرق الأوسط»: لماذا لم يبادر عون للإصرار على استحداثها منذ أشهر عدة؟ وما هي الأسباب الكامنة وراء صمته طوال هذه الفترة ليبق البحصة أخيراً؟ ومن أوحى له بأنه يمكن إقامة هذه المراكز في غضون أسابيع، بخلاف ما كان أعلنه وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي بوجود صعوبات في استحداث هذه المراكز لتكون جاهزة قبل إجراء الانتخابات لاستقبال الناخبين؟

كما سأل المصدر نفسه عن الدوافع التي أملت على الفريق السياسي الملحق برئيس الجمهورية بإعداد دراسة لا تمت بصلة إلى الواقع السياسي الذي يمر فيه البلد، وأوردت فيها بأن لا مشكلة في إنشاء مراكز للـ«ميغاسنتر»، ودعا إلى عدم المغامرة بإنجاز الاستحقاق النيابي في موعده الذي يأخذ البلد إلى فراغ قاتل، كل ذلك من أجل المزايدات الشعبوية لدغدغة مشاعر السواد الأعظم من اللبنانيين، مع أنها لن تُصرف ميدانياً، ولن تقدم أو تؤخر على طريق إتمام الاستعدادات لإجراء الانتخابات في موعدها.

وأكد أن لا مبرر لتشكيل اللجنة الوزارية التي طُلب منها إعداد دراسة حول إنشاء مراكز للـ«ميغاسنتر» على أن تُطرح للنقاش في جلسة مجلس الوزراء هذا الخميس. وأوضح أن الرئيس بري أوعز إلى عدد من الوزراء ومن بينهم الوزراء المنتمون إلى الثنائي الشيعي بتفكيك الألغام التي تعيق إجراء الانتخابات، وقال إنه لا اعتراض على إنشاء هذه المراكز، وهل يمكن تحضيرها كما يجب قبل حوالي شهرين من موعدها؟ أم أن هناك من يريد استدراج العروض لتأجيلها بإقحام مجلس الوزراء في مشكلة هو في غنى عنها.

غيوم سوداء

لكن مصادر سياسية تسأل في المقابل ما إذا كانت الغيوم السوداء التي في المنطقة والناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا ستمتد إلى لبنان وتفعل فعلها في تأزيم الوضع الاجتماعي والمعيشي في ضوء عودة طوابير السيارات للازدحام أمام محطات المحروقات، والمخاوف من فقدان مادتي الطحين والزيوت من السوق المحلية لوجود صعوبة في استيرادها من أوكرانيا وإيجاد البدائل، وهذا ما سيؤدي إلى ارتفاع منسوب التأزم واحتمال انعكاسه على الوضع الأمني لانعدام تأمين الحد الأدنى من مقومات الأمن الغذائي بما يؤثر على إجراء الانتخابات في موعدها.

وبالعودة إلى تعاون «أمل» الانتخابي من خارج تحالفها مع «حزب الله»، كشفت المصادر السياسية أن الرئيس بري لا يحبذ ضم أي مرشح درزي على لائحة الثنائي الشيعي في دائرة بيروت الثانية؛ لأنه يشكل تحدياً لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وتعزو السبب إلى أن ضم مروان خير الدين كمرشح عن المقعد الدرزي في قضاء مرجعيون – حاصبيا على لائحة تحالف «أمل» – «حزب الله» لم يكن ليحصل بسهولة لو لم يبادر جنبلاط إلى إعطاء الضوء الأخضر، مع أنه له صلة قربى بالنائب طلال أرسلان.

وأضافت أن الرئيس بري وبالنيابة عن «حزب الله» رعى تأمين التوافق بين جنبلاط وأرسلان على ترشيح خير الدين، وهذا ما يتيح له التدخل لدى حليفه بعدم ضم أي مرشح درزي على لائحتهما في بيروت إفساحاً في المجال أمام إعطاء فرصة لمرشح «التقدمي» النائب الحالي فيصل الصايغ للفوز بالمقعد، وقالت إن الحزب سيضطر إلى مراعاة حليفه الاستراتيجي، برغم أنه على خلاف مع جنبلاط حول خياراتهما الاستراتيجية.

ورأت المصادر نفسها أن الرئيس بري وحليفه يتبادلان المراعاة وهذا ما يظهر جلياً من خلال تدخل الحزب في دائرة البقاع الغربي – راشيا لتذليل اعتراض بري على ضم مرشح «التيار الوطني الحر» شربل مارون عن المقعد الماروني في هذه الدائرة، شرط أن يسحب اعتراضه على ترشح نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي على نفس اللائحة المدعومة من تحالف الوزير السابق حسن مراد مع «أمل»، باعتبار أنه أحد الخطوط الحمر الممنوع على «التيار الوطني» تجاوزها، خصوصا أن الأخير أقل حضوراً من الفرزلي الذي فك ارتباطه بالنائب جبران باسيل وانفصل عن عون، برغم أنه كان في طليعة الفريق الذي تولى التحضير لانتخابه رئيساً للجمهورية.

الحلقة الأضعف

لذلك لم يعد من خيار أمام باسيل – كما تقول المصادر – سوى الالتحاق بلا شروط باللائحة لأن مرشحه يُعتبر الحلقة الأضعف فيها، وبالتالي يفتقد للقدرة التي تسمح له بتصفية حسابه مع الفرزلي على خلفية المواقف النارية التي صدرت عنه، وبلغت ذروتها بدعمه للرئيس سعد الحريري حتى بعد اعتذاره عن تشكيل الحكومة.

وعليه، فإن باسيل وإن كان يستقوي بـ«حزب الله» لتعويم نفسه انتخابياً، فإن تعاونه الانتخابي مع بري يبقى على القطعة، وتحديداً في بعبدا – المتن الجنوبي والبقاع الغربي – راشيا، شرط أن يكف باسيل «شره» عن الفرزلي، فيما التعاون في دائرة جزين – صيدا يبقى عالقاً ولن يرى النور بسهولة ما لم يحسم باسيل أمره لمصلحة ترشيحه للنائب السابق أمل أبو زيد ليخوض الانتخابات بالتعاون مع مرشح كتلة «التنمية والتحرير» النائب إبراهيم عازار.

ويبقى السؤال: هل يفعلها باسيل ويتخلى عن ترشيح النائب زياد أسود لأن «التيار الوطني» يواجه صعوبة في تأمين أكثر من حاصل انتخابي، باعتبار الحاصل الثاني سيكون حكماً من حصة عازار الذي يُعتبر الأقوى بلا أي منازع، خصوصا أن «التيار الوطني» سيواجه مشكلة إذا ما قرر خوض المعركة منفرداً في تأمين المرشح السني عن صيدا للتعاون معه، لأن الرئيس السابق لبلدية صيدا عبد الرحمن البزري سيضطر للتعاون مع عازار لأن لا مصلحة له بإقحام نفسه في معركة ليست مضمونة النتائج إذا ما تعاون مع أسود الذي لا يمكن تسويقه في الشارع الصيداوي، برغم أنه يتمتع بحضور في جزين، ويمكن أن يشكل وجع رأس لباسيل في حال قرر استبعاده.

وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أن لوائح الثنائي الشيعي تكاد تكون محصورة بالتمثيل الذكوري لو لم يخرقه بري بترشيح الوزيرة السابقة النائب عز الدين، فيما لم يسبق لـ«حزب الله» أن دعم ترشح المرأة للانتخابات البلدية والنيابية أو لتوليها حقيبة وزارية أو منصب إداري بخلاف «أمل»، وهذا ما يعرضه باستمرار إلى انتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.