IMLebanon

هل حانت لحظة تغيير وجه لبنان؟

جاء في “المركزية”:

“بيروت حرة حرة… إيران طلعي برا”، بهذه العبارة صرخ الشاب اللبناني شفيق بدر ضاربا بيده على لوحة كبيرة تحمل صورة القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية قرب مطار بغداد في كانون الثاني 2020.

الصورة علقتها إحدى دور النشر المقربة سياسيا من حزب الله وإيران في معرض بيروت الدولي للكتاب في البيال”. المشهد فاقع ومستفز. سبق ذلك بليلة واحدة  توتر كاد أن يتطور إلى إشكال مماثل وذلك خلال إقامة فرقة “بيكار” الموسيقية حفلا من تنظيم معرض بيروت نفسه، إلا أن الحفل وصوت الأغاني أثار حفيظة عدد من دور النشر(الممانعة) فأسكتوا صوت الموسيقى التي كانت تنشد أغنية ست الدنيا بيروت للفنانة ماجدة الرومي بالقوة، وأبقوا على صورة سليماني. هل دقت ساعة “تغيير وجه لبنان”؟

هي ليست المرة الأولى التي يقفز فيها حزب الله فوق الدولة ويصدر أحكاما لا تتلاءم ووجه معتقداته. ففي العام 2009 أصدرحزب الله حكما بمنع مجيء الفنان المغربي الأصل غاد المالح الذي دعته لجنة مهرجانات بيت الدين لإحياء حفلات متهمة إياه بالعميل الإسرائيلي. يومها حاولوا تصوير الحملة كأنها وطنية وبريئة! المهم أن رسالة إرهاب الثقافة وصلت إلى المالح مباشرة فألغى حفلاته حرصا على حياته. لكن الرسالة وصلت أيضا إلى كل فنان أجنبي كان يفكر بالمجيء إلى لبنان… وكذلك الحملة المضادة على البطريرك الراحل مار نصرالله صفير الذي حذر عشية انتخابات 2009 ممن يريدون تغيير وجه لبنان، كما تدار اليوم حملة مماثلة من داخل قاعات معرض الكتاب في البيال. فالإرهاب واحد والتوقيع نفسه.

الكاتب السياسي فايز قزي الذي كان يستعد لتوقيع كتابه الأخير في إحدى دور النشر في المعرض، أعلن عن انسحابه من المعرض وطلب من دار النشر سحب كتابيه اللذين يتم عرضهما أو انسحاب الدار من المعرض. ويقول عبر “المركزية”: “في وقت كانت الغالبية  تعتبر حزب الله مقاومة كنت أسميه الإحتلال البديل. وبعدما جرب ونجح في قطع كل أوصال الوطن وسيطرعلى مقوماته السياحية والإقتصادية والمالية وعلى مؤسساته الشرعية والقضائية ها هو اليوم يقطع شريان الفكر ويقضي على معقل الثقافة التي ميزت وجه لبنان ضمن محيطه العربي والغربي”.

بالنسبة إلى قزي “ليس الإستفزاز في وجود دور نشر تعرض كتبا دينية إنما في رفع صورة قاسم سليماني وإسكات صوت الموسيقى التي كانت تصدح بإسم ست الدنيا بيروت. بالنسبة إليهم إيران ست الدنيا وليست بيروت والطرب في عقيدتهم الدينية ممنوع”. وفي تفسير لهذه “الإستفزازات العلنية” يلفت إلى وثيقة المستضعفين الصادرة عام 1985 التي تعتبر بمثابة وثيقة تأسيسية للحزب ومما ورد فيها: “سنطرح للإستفتاء على اللبنانيين نظامنا الإسلامي بالتفصيل ولن يختاروا سواه لأنه الأفضل والأقرب إلى طبيعة الإنسان اللبناني”.

يضيف قزي: “لدي شعور بأن الحزب وصل إلى قناعة بأن خطة تغيير وجه لبنان نضجت بالكامل وحان الوقت لتطبيق بنود هذه الوثيقة بعدما أطبق على كل مقومات الوطن العسكرية والأمنية والسياسية والإقتصادية والقضائية وأيضا على السلطتين التشريعية والتنفيذية وموقع رئاسة الجمهورية. تبقى أمامه عقبة الحصول على الأكثرية المطلقة في مجلس النواب من خلال الإنتخابات النيابية. وإذا لم يتحقق ذلك يكون البديل انتظار الضوء الأخضر الذي ستحصل عليه إيران من الولايات المتحدة التي يبدو أن موقفها سيكون ضعيفا بسبب الحرب الدائرة على جبهة أوكرانيا في حين تفاوض إيران من عليائها. وهذا يحتم على الولايات المتحدة تقديم حل أكبر وهدية دسمة للإيرانيين. ولبنان هو الهدية في المرحلة الأولى وستليه العراق واليمن”.

قد يفسر هذا الفائض من القوة إلى حد ما رد فعل المعتدين على الناشط شفيق بدر وتحت أنظار القوى الأمنية التي لم تجرؤ حتى على التدخل لإنقاذه فتركوه لينال نصيبه من الضرب قبل أن يلقوا به إلى خارج بوابة المعرض “وخلينا نشوف أيا بيروت حرة”!

نسكت؟ نهاجر بحثا عن وطن يشبه هوية وطننا لبنان؟ نقاوم بالحبر والكلمة في وجه جحافل إرهاب الفكر والثقافة؟ يقول قزي “المقاومة تحتاج إلى قائد ثورة وربما الى مار شربل ومار مارون بالمعنى السياسي لا الديني. وما حصل في معرض الكتاب كان نافرا وقد يكون آخر معرض للكتاب في لبنان لأنهم يستعجلون تطبيق الدستور الإيراني الذي ورد في مقدمته: “ليست مهمة القوى العسكرية الإيرانية حفظ نظام الثورة الإسلامية في إيران بل نشرها في العالم. وأعتقد أن لبنان كان دولة ديمقراطية واليوم صار وطن المقاومة”. ويختم: “وداعاً لوجه لبنان الحضاري والثقافي إلا أنني سأبقى مقيماً فيه وسأدفن مع وجه لبنان القديم”.