IMLebanon

“الميغاسنتر”… اصرار التيار ومفاجأة من العيار الثقيل

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

فجّرت قضية «الميغاسنتر» الخلاف السياسي الانتخابي القائم والثابت بين مختلف الاطراف، والذي يبدو انّ الاستحقاق النيابي فاقَمه على اشد المستويات بحيث اصبحت «الميغاسنتر» قضية الساعة عوض ان تكون أزمة المحروقات هي القضية الملهبة. غير أن «الميغاسنتر» سيحدد بوصلة اتجاه الاستحقاق النيابي في ضوء جلسة مجلس الوزاء اليوم، في وقت علمت «الجمهورية» من ان عدم تصويت الاكثرية الوزارية مؤيدة لإمرار «الميغاسنتر» سيقابله فريق العهد بمفاجأة من العيار الثقيل إن لم تكن طعناً مدروساً فقد يكون قراراً سياسياً مفاجئاً.

واللافت، وفق مصادر متابعة لـ«الميغاسنتر»، هو ازدواجية القرار بين افرقاء داخل اللجنة الوزارية التي تشكلت للبت في إمكان إمرار «الميغاسنتر» من دون تعديل لقانون الانتخاب في المجلس النيابي، وهذا ما يعتبره العهد المعركة الكبرى بعد رد طعونه في المجلس الدستوري. وفي وقت يصرّ «التيار الوطني الحر» على اقرار الميغاسنتر، تكشف مصادر قريبة منه ان اتفاقاً تمّ قبيل انعقاد جلسات اللجنة الوزارية المختصة بين ممثلين عنه وعن رئيس الجمهورية وعن الثنائي الشيعي افضى الى موافقة الثنائي على السير بـ«الميغاسنتر» مع وعد بعدم عرقلة وزراء الثنائي في اللجنة للتوضيح القانوني الذي سيفتي بإمرار الميغاسنتر وينفي ضرورة احالتها الى مجلس النواب للتعديل وذلك لعدم تعارضها مع مواد قانون الانتخاب.

وتوضح مصادر قريبة من فريق العهد أن المادة 85 من قانون الانتخاب لا تتعارض مع السير بالميغاسنتر، الا ان معارضة بعض الوزراء من داخل اللجنة فاجأ الوزراء المحسوبين على العهد، بحيث بَدا هذا الاعتراض، وفق المصادر نفسها، منسّقاً مع وزير الداخلية بسام مولوي الذي قدّم دراسة حول اعتماد آلية مراكز الاقتراع الكبرى في الانتخابات النيابية للعام 2022 والتي تفضي الى ضرورة إحالة ملف الميغاسنتر الى المجلس النيابي، في حين صوّب الفريق الآخر ان الدراسة تفتقد الى الدقة، وان المفاجأة، بحسب المصادر، كانت الايحاءات والمناقشات التي أظهرت ان هذه الدراسة قد أعدّها احد القضاة الوزراء، بالتنسيق مع مدير مكتب وزير الداخلية ولم يعدها مكتب الوزير نفسه بل بالتنسيق مع الفريق المحسوب على الثنائي الشيعي، وهنا كانت المفاجأة بالنسبة الى وزراء العهد اذ اتضحت لهم الصورة خلال اجتماع اللجنة الوزارية وبعده، لتشير الى انّ لدى «الثنائي» نية للتعطيل وعدم السير «بالميغاسنتر» بعكس ما وعد، وأنّ هذه النية تكتنفها غايات سياسية بحتة.

وتقول الاوساط القريبة من «التيار الوطني الحر» أنه «ربما يكون هناك توزيع ادوار، او ربما يكون أحد فريقي الثنائي يفضّل عدم السير في «الميغاسنتر» فيما يبقي الفريق الآخر، وتحديداً «حزب الله»، على وعده بعدم معارضة وزراء العهد في جلسة مجلس الوزراء اليوم. في وقت تشير المعلومات الى بروز اقتراحات اخرى على جدول البحث تتحدث عن امكانية تخصيص الدولة باصات على نفقتها لنقل الناخبين من مناطقهم الى مراكز الاقتراع، الامر الذي يسهّل تفكيك عقدة الميغاسنتر…

الا انّ الاوساط القريبة من فريق العهد تصرّ على «ان القانون واضح وان الميغاسنتر لا يخالف قانون الانتخاب وبخاصة المادة 85 منه وهي واضحة وتسمح بالسير به من دون حاجة الى تعديل، وهذه المادة تنص صراحة على ان تحديد مراكز الاقتراع يتم بقرار يتخذه وزير الداخلية بمفرده، لأنّ النص يقول ان الدائرة الانتخابية تقسم بقرار من وزير الداخلية، مذكّرة بالفقرة الاخيرة من المادة 118 من القانون التي تقول: «تطبّق على عملية الاقتراع للمواطن اللبناني غير المقيم على الاراضي اللبنانية الاحكام العامة التي تسمح باقتراع اللبنانيين المقيمين في لبنان والتي لا تتعارض مع احكام هذا القانون».

عن الاسباب الموجبة

وتحدثت المصادر المويدة للميغاسنتر عن كواليس اجتماع اللجنة الوزارية، وقالت انه «عندما تقرر تعليق العمل بالبطاقة الممغنطة لم يتم التعديل والتصويت على التعديل في المجلس فلماذا فصل اعتماد البطاقة الممغنطة عن الميغاسنتر؟ ولفتت الى ان الدائرة الانتخابية تقسّم بقرار وزير الداخلية الى عدد من مراكز الاقتراع، اي ان القرار في يد الوزير، اما الدائرة الانتخابية، فهي التي يلزمها تعديل قانون، وليس مراكز الاقتراع والاقلام التي يحددها فقط وزير الداخلية».

فيما سأل احد الوزراء المشاركين في اللجنة عن النص في الدستور الذي يقول ان مركز الاقتراع او القلم يجب ان يكون ضمن الدائرة الانتخابية.

كذلك ذكّرت المصادر بالمادة 118 من قانون الانتخاب في الخارج التي تقضي بأن يجري الاقتراع على اساس النظام النسبي وضمن دائرة انتخابية لجميع المواطنين وطرحت السؤال: لماذا تسير في الخارج وفي الداخل هناك تعديل وزواريب؟ بدليل ان مرسوماً بهذا الخصوص رقم 2675 صدر في 4 نيسان 2018 بناء على اقتراح وزير الداخلية والبلديات بعد التنسيق مع وزير الخارجية والمغتربين وبموافقة رئيس الحكومة وجميع الوزراء باعتماد 116 مركز اقتراع في الخارج تشمل 232 قلماً على ان يشمل كل مركز عدداً من الاقلام وكل قلم يشمل اما جميع الدوائر الانتخابية او بعضها بحسب اللوائح الانتخابية وتوزيع الدوائر الانتخابية بحسب الاقلام الأمر الذي يتم نقضه في الداخل وهو ما يخالف الفقرة الاخيرة من المادة 118 المشار اليها اعلاه.

مفاجآت في جلسة اليوم؟

لم تعرف حتى الساعة الاجراءات التي سيتخذها العهد في حال لم يتم الاخذ «بالميغاسنتر» واذا كان من الممكن دستورياً تقديم اي طعون تتعلق بهذا الموضوع، في وقت تكشف المصادر المعارضة انّ الموضوع سيطرح للمناقشة وللتصويت في جلسة اليوم. وفي المعلومات ان وزراء حركة «امل» لن يصوتوا مؤيدين وكذلك الوزير عباس الحلبي المحسوب على فريق رئيس الحزب التنقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

ومن المتوقع ان ينال الميغاسنتر تأييد الاكثرية الوزارية في الجلسة اليوم في حال ابقى «الحزب» على الوعد الذي قطعه أمس وفق المصادر نفسها، فعندها سيسير بقرار لمجلس الوزراء من دون الاحالة الى مجلس النواب، اللهم إلا اذا كانت هناك مفاجآت في الجلسة الحكومية او في الجلسة النيابية في حال تمّت احالة التعديل الى مجلس النواب، وهو الامر الذي يسعى اليه البعض وتحديداً الرئيس نبيه بري لأن المجلس ملعبه ويريد أن يحسم الموضوع هناك. وفي حال تم التصويت عليه في المجلس بالاكثرية فإنّ تداعيات تأجيل الانتخابيات ستنسب حكماً الى فريق العهد ويتنصل الباقون.

الغاية من عدم السير بالميغاسنتر؟

في المقابل قالت مصادر حقوقية انه من المفترض برئيس الحكومة ووزير الداخلية تسهيل العملية الانتخابية على المواطن وليس تعقيدها في ظل هذه الازمة المتفاقمة والمتسارعة، فإذا أرادا فعلاً الانتخابات وبنسبة مرتفعة من المفترض بهما تسهيل الامر للمواطن من خلال السير بـ«الميغاسنتر» الذي سيرفع نسبة الاقتراع وهذا حق من حقوق المواطنين ويشكل معيار الديموقراطية في العالم، كما لا يجوز ان تمتنع الدولة عن حمل الاعباء المادية ولا يجوز القول هناك انتخابات غالية وهناك أخرى رخيصة، فعمل الدولة هو التسهيل لمواطنين لكي يقترعوا في انتخابات نزيهة حرة وليس تحميلهم أعباءها من جيوبهم خصوصا في هذه الظروف المعيشية الصعبة.

كواليس مناقشات اللجنة

في الموازاة تكشف المصادر القريبة من فريق العهد عن بعض المناقشات التي دارت في الجلستين للجنة الوزارية المتابعة لملف الميغاسنتر، والتي اظهرت ان هناك فريقين لا يريدان حصول الانتخابات بعكس ما يتم الترويج له من ان العهد يريد نسفها، وهما فريق رئيس مجلس النواب وفريق «اللقاء الديمقراطي» لأن اللاعب الاساسي في نظر هؤلاء اليوم في الجمهورية هو رئيس مجلس النواب الذي يعتبر نفسه اللاعب الاكبر في الاستحقاق الرئاسي المقبل، خصوصاً انّ تيار «المستقبل» (20 نائبا)، هم اليوم الى جانبه، بالاضافة الى «اللقاء الديموقراطي» (11 نائبا)، بالاضافة الى كتلة «القوات اللبنانية» (14 نائبا). ويبقى في المقابل بحسب تحليل المصادر نفسها كتلة سليمان فرنجية (نائبان) وتكتل «لبنان القوي» وكتلة «الوفاء للمقاومة» وكتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي الذين لا يشكلون الاكثرية… ولذلك تستنتج تلك المصادر من انه بالنسبة الى رئيس المجلس اذا حصلت الانتخابات طارَ «المستقبل» من يده ودخل نصف عدد نوابه مع «حزب الله» وكذلك نصف عدد نواب جنبلاط اي 4 نواب، كذلك الامر بالنسبة الى الحزب القومي الذي سيصبح في كنف الحزب بالاضافة الى سليمان فرنجية الذي لوحِظ في اطلالته الاخيرة تخفيفه هجومه على التيار… وبالتالي لا يريد رئيس المجلس ان يخسر ورقة رئاسة الجمهورية ايضاً من يده اليوم لأن الانتخابات تُفقده الاكثرية المنضوية في المرحلة الحالية تحت كنفه. بينما الانتخابات المقبلة في حال حصولها ستنتج أكثرية تحت كنف «حزب الله».