IMLebanon

ماذا وراء عزوف “رؤساء الحكومات” انتخابياً؟

على مسافة ثلاثة ايام من إقفال باب الترشيحات الى دورة الانتخابات النيابية المقبلة في 15 أيار المقبل، توالت البيانات والمواقف التي تكشف عن الترشيحات النيابية. وبانتظار ان يعلن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن لائحة مرشحيه في الساعات المقبلة والرئيس نبيه بري بصفته رئيسا لحركة امل عن كامل ترشيحاته عصر يوم الاثنين المقبل بالجملة بقيت الساحة السنية متأرجحة بين المواقف النهائية لعضوي نادي رؤساء الحكومات السابقين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة غامضة بانتظار الكشف عن موقفهما الحاسم في الساعات القليلة المقبلة بعدما سبقهما الى العزوف والاعتكاف كل من الرئيسين سعد الحريري ومن قبله تمام سلام.

وكل ذلك يجري بعدما اعلن “حزب الله” عن كامل ترشيحاته دفعة واحدة، وقالت القوات اللبنانية كلمتها بمعظم مرشحيها العائدين الى الندوة البرلمانية او الجدد منهم وتستعد الكتائب اللبنانية الى استكمال ترشيحاتها ومعها الحلفاء من القوى التغييرية بعدما لم ترشح رسميا بعد سوى النائب الثاني لرئيس الحزب سليم الصايغ في دائرة كسروان – جبيل والسيدة غيتا عجيل في دائرة البقاع الغربي – راشيا. وكل ذلك يجري على وقع إبعاد ثلاثة من نواب كتلة التنمية والتحرير وعزوف الرابع من حلفائها انور الخليل كما بالنسبة الى الاعلانات المنفردة لمعظم نواب تيار المستقبل الذين يتبارون في الإعلان عن وفائهم لرئيس التيار الأزرق في اعتكافه من دون قناعة عند التفكير بالنتائج التي ترتبت على هذه الخطوة .

وانطلاقا من هذه الصورة البانورامية، لم تحمل معظم الترشيحات اي مفاجآت غير محسوبة حتى ان التشتت الحاصل في صفوف المعارضة والقوى التغييرية جرى كما كانت محسوبة بدقة قياسا على حجم الدوائر الانتخابية كافة بعدما خاضها البعض بتواضع غير مسبوق يعد رهانا خاطئا على إمكان توحيد الصفوف قبل ان تنتج حركتهم الانتخابية صراعا بين اطرافها فاق الصراع المعلن في مواجهة من يسمونهم “اهل المنظومة” وأركان السلطة بعدما لعب البعض منهم أدوارا فاضت عن دور أكثر من “حصان طروادة”.

وان عاد المراقبون الى البحث عن خلفيات ما يجري على الساحة السنية التي تتحكم بأكثر من نصف الدوائر الانتخابية يبدو الوضع مثيرا للقلق. ففي مواجهة انسحاب الحريري وتياره الاكثر تمثيلا لم تنتج الحركة السياسية التي جرت اي قوة بديلة لإدارة هذا الشارع ومنع تحوله معبرا الى متغيرات نيابية خطيرة ستتحكم بهوية وتركيبة المجلس النيابي المقبل، وربما ستنعكس على مصير البلد وهويته. فكل التوقعات التي بنيت على احتمال التفاهم بين الشارع السني مع ممثلي انتفاضة 17 تشرين، بعد مغادرة الحريري لساحات المواجهة سقطت بالتدرج. فمن راهن على ان يكون الى جانب الشارع الثائر خاب رهانه. واذا به يستنسخ مرة أخرى “التجربة المسيحية” التي شهدتها دورة انتخابات العام 1992 مع التوقع بان تنتهي “التجربة السنية” الى ما انتهت إليه من خلل وطني لم يتمكن أحد من تجاوزه بعد.

وعليه، بالرغم مما شهدناه حتى اليوم بنيت الرهانات على امكان سد الثغرات المخيفة التي رصدت على مواقف عدد من نادي رؤساء الحكومات السابقين بعدما تضخم دوره في الفترة الاخيرة على قاعدة ان يكون البديل من الرئيس الحريري ويكون راعيا لخطوات الرئيس ميقاتي الذي يبدو انه على الطريق التي سيسلكها السنيورة بعد سلام والحريري ولكن لأهداف مختلفة تحكمت بمواقف الآخرين من زملائه.

وفي الوقت الذي جرى فيه تطويق حركة السنيورة التي لم تلاق اي دعم خارجي او داخلي فقد تبين ان ميقاتي فهو يريد قيادة العملية الانتخابية ان جرت في موعدها من موقع الرئيس “الوسطي” و”المستقل”. على امل ان يكون مؤهلا لقيادة المرحلة المقبلة بتسوية سياسية تجدد “تسوية العام “2016 أيا كانت نتائجها من دون احتساب التكلفة التي دفعها الحريري من قبله.