IMLebanon

عن مهمة فؤاد السنيورة… الوطنية! (بقلم طوني أبي نجم)

أسهل قرار كان يمكن للرئيس فؤاد السنيورة أن يتّخذه هو الالتزام بما قرّره الرئيس سعد الحريري والنأي بنفسه عن الساحة السياسية والوطنية والانتخابية والتفرّج من شرفته على واقع بلد يقع بالكامل تحت الهيمنة الإيرانية بفعل نفوذ “حزب الله” فتكتمل معالم انهياره العظيم في مئويته الأولى.

ففؤاد السنيورة كان اتخذ قراره قبل فترة باعتزال العمل السياسي والتفرّغ للكتابة وقد أنجز مؤخراً كتابيه “الدين العام اللبناني: التراكم والتأثيرات السلبية” و”المالية العامة للدولة بين التسييس والتضليل”، بالإضافة إلى المثابرة على العمل الوطني إنطلاقاً من دوره المحوري ضمن مجموعة رؤساء الحكومات السابقين.

لكن قرار الرئيس سعد الحريري باعتزال العمل السياسي والدعوة التي وجّهها إلى نواب وكوادر ومناصري وجمهور تيار المستقبل إلى مقاطعة الانتخابات النيابية ترّشحاً واقتراعاً في أخطر مرحلة يمرّ فيها لبنان، ما يؤدي حكماً إلى إخلاء الساحة السنيّة لـ”حزب الله” وحلفائه، دفع بالرئيس السنيورة مرغماً إلى تحمّل المسؤولية من جديد، ليس نكاية بالحريري طبعاً، بل لعدم السماح لـ”حزب الله” وإيران بالسيطرة الكاملة على لبنان وتأكيداً على الدور المحوري الذي تلعبه الساحة السنيّة دفاعاً عن السيادة اللبنانية وتأكيداً على انتماء لبنان العربي ورفضاً لانغماسه في محور إيران واستعداء العرب.

هكذا يخوض فؤاد السنيورة اليوم أشرف معركة في أخطر مرحلة وأكثرها حساسية. ليس سهلاً على الإطلاق انتشال الشارع السنّي من الإحباط الذي أصابه نتيجة التراكمات التي مرّ فيها من “الطحشة” الإيرانية إلى التخلّي العربي، مروراً بكل الأخطاء في الأداء السياسي ليس فقط للقيادات السنية وتيار المستقبل إنما لكل القيادات الـ14 آذارية.

يحمل السنيورة على عاتقه مهمة رفع عنوان المعركة الانتخابية الوطنية تماماً كما رفع المعنويات الوطنية لأهل السنّة في لبنان والتأكيد بأنهم وإن خسروا جولة بالانسحاب المؤقت للرئيس الحريري لكنهم لم يخسروا الحرب لتحقيق الاستقلال الثالث. كما يعمل السنيورة جاهداً على مستويين: الأول الحرص على تأمين أفضل التوافقات الممكنة لتشكيل لوائح قادرة على مواجهة “حزب الله” في كل مناطق الثقل السني، والثاني يتمثّل في استنهاض الشارع السني لخوض غمار المعركة الانتخابية وطنياً بمعزل عن كل الحساسيات الناتجة عن المرحلة السابقة.

مهمة السنيورة ليست سهلة على الإطلاق، فهو يسير في حقل ألغام يتوزّع ما بين محاولات أهل الداخل وبعض رفاق الدرب “تخوينه” من بوابة رفضه الامتثال لرغبة الرئيس الحريري، وصولاً إلى تجاوز المطبات الهائلة في نسج التفاهمات المطلوبة لتشكيل لوائح قادرة من دون إثارة الحساسيات.

لكن من يعرف فؤاد السنيورة وطنياً يُدرك أنه لم يهب التحديات يوماً ولم يتخاذل قط في المواجهات الكبرى، وثباته في السراي كرئيس حكومة محاصر من “حزب الله” لا يزال مثالاً على صلابته ورفضه المساومات.

الأنظار مصوبة على فؤاد السنيورة السنّي الوطني، والرهان على نجاحه أساس لإعادة التوازن إلى المعركة الانتخابية وطنياً… والساعات والأيام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بتوضيح كل الصورة.