IMLebanon

اللبنانيون بـ”عراء” الصقيع الأوكراني والسخونة الانتخابية تتصاعد

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية: 

بلهيبها وجليدها تلْفح الجبهةُ الروسية – الأوكرانية لبنان الذي وقع في قبضة موجة صقيع قطبي فيما هو يصارع للحدّ من التشظيات «الحارقة» للحرب في قلب أوروبا التي يُخشى أن تتحوّل «رصاصة قاتلة» للوطن الذي تستنزفه الأزمات والانهيارات.

فمن روسيا وأوكرانيا (وتركيا) تهبّ على لبنان عاصفة محمّلة برياح جليدية أَطْبَقَتْ على أبناء «بلاد الأرز» فيما غالبيتهم الساحقة «تتجمّد» خلف جدران بيوتات هجرها الضوء والدفء في ظلّ الاستعصاء المتمادي لأزمة الكهرباء التي بالكاد تتوافر 3 ساعات يومياً (عبر مؤسسة كهرباء لبنان) ووقوع مولدات الأحياء أسرى الارتفاع الكبير عالمياً في أسعار المحروقات نتيجة الحرب على أوكرانيا، ما فَرَض على أصحابها اعتمادَ تقنينٍ باتت تقتصر معه ساعاتُ التغذيةِ على ما بين 8 و10 ساعات، وسط تلويحٍ بإطفائها بحلول الغد ما لم تجد الحكومة حلولاً لتوفير المازوت بسعرٍ وآليةٍ تجعل المواطنينَ قادرين على تَحَمُّل أكلافها التي زادتْ في الأسبوعيْن الأخيريْن بنحو 40 في المئة و«الحبل عالجرّار».

وفي حين يحاول لبنان التخفيفَ من وطأةِ المفاعيل المتدحرجة لاجتياح أوكرانيا والتي أصابتْه في «خاصرته الرخوة» الاجتماعية – المعيشية ووضعت البلد «المفلس» أمام تحدي مواجهة الخطر المحدق بأمنه الغذائي والذي يشي بتداعياتٍ على واقعه الأمني واستقراره الهشّ، فإن برودةَ الطقس التي كشفتْ عمق الحفرة التي زُج فيها اللبنانيون، المتروكون في «عراء» كامل و«لقمة سائغة» للجوع والمرض والصقيع، لم تحجب الأنظار عن بدء تصاعُد الحماوة على جبهة الانتخابات النيابية المقرَّرة في 15 أيار المقبل.

فعشية قفْل باب الترشيحات للانتخابات منتصف ليل الثلاثاء تمهيداً لتسجيل اللوائح التي تنتهي مهلتها في 4 نيسان المقبل، انطلق قطار إعلان الأحزاب الكبرى مرشحيها والشعارات التي ستخوض على أساسها استحقاقاً بات الجميع يعدّون العدّة له على أنه حاصل في موعده، رغم عدم إسقاط الخشية من مكيدةٍ ما قد تُدبَّر للإطاحة به، ما لم تسبق الاضطرابات الاجتماعية الجميع وتُدخل البلاد في نفق الفوضى الشاملة، وذلك لواحد من اعتباريْن:

إما داخلي، وهو ما «تغذّيه» اتهاماتٌ متبادلة على طريقة تقاذُف المسؤولية بين أكثر من طرف بالرغبة في «الهروب» من امتحان الصناديق بتداعياتها التي ستصيب خصوصاً الانتخابات الرئاسية (خريف 2022).

وإما إقليمي في ضوء المسار الذي قد تتخذه الحرب على أوكرانيا التي تم «وصْلها» من موسكو بمفاوضاتِ النووي الإيراني التي «هبّ» عليها أمس أيضاً استهدافُ محيطِ القنصلية الأميركية في اربيل بصواريخ بالستية «من خارج الحدود» وهي العملية التي تَبَنّاها الحرس الثوري الإيراني وأعلن أنها طالت «مركزاً إستراتيجياً للتآمر والشر» وذلك «رداً على جرائم الكيان الصهيوني» في إشارة ضمنية لمقتل اثنين من ضباطه في الغارة الإسرائيلية قرب دمشق فجر الاثنين الماضي.

وفي انتظار تبيان الخيط الأبيض من الأسود في ما خص الانفجار الأوكراني والملفات الكبرى في المنطقة، فإن الانتخابات بدأت تفرض نفسها بقوة على المشهد الداخلي في ضوء «شحذ السكاكين» السياسية بين أطراف المكاسرة الانتخابية التي ستتركّز على جبهتين: الاولى في الساحة المسيحية خصوصاً بين «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) وحزب «القوات اللبنانية» اللذين يخوضان عبر استحقاق 15 أيار معركتيْن: نيابية ورئاسية.

والثانية بين «حزب الله» وخصومه (من محتلف الطوائف) الذين يسعون لانتزاع الغالبية النيابية منه في الوقت الذي «يقاتل» هو للاحتفاظ بها وإن كان هدفه الرئيسي يبقى منْع خرق الحصة الشيعية في البرلمان (يتقاسمها مع الرئيس نبيه بري) بأي نائبٍ من خارج الثنائي، وضمان إمساكه مع الحلفاء الخلص بالثلث المعطّل الذي يضمن التحكّم عَدَدياً بمصير استحقاقاتٍ مفصلية مثل انتخابات الرئاسة، وسط اقتناعٍ بأن أي إفلات للغالبية من يده لن يعني انتقالها إلى أكثرية «واحدة» متجانسة.

وعشية إعلان بري اليوم، مرشحيه للانتخابات وإطلاق حزب «القوات» حملتَه الانتخابية، أطل رئيس «التيار الحر» جبران باسيل أمس مطلقاً هجوماً نارياً طال أكثر من فريق خصوصاً «القوات» ورئيسها سمير جعجع من دون تسميتهما من دون أن يوفّر ضمناً تيار «المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري)، ومعلناً «حرب تحرير اقتصاد لبنان وودائع اللبنانيين»، مستحضراً تاريخ 14 آذار 1989 حين «أطلق الجنرال (ميشال عون) معركة تحرير السيادة (ضد سورية)».