IMLebanon

باسيل أصرّ… ونصرالله تدخّل شخصيًّا!

كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط”:

كشفت مصادر سياسية مقرّبة من قوى 8 آذار عن أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تدخّل شخصياً بناءً على إصرار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لدى حليفيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري والوزير السابق حسن عبد الرحيم مراد لإقناعهما بضم مرشّح «التيار» عن المقعد الماروني في دائرة البقاع الغربي – راشيا، شربل مارون، إلى لائحتهما. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنهما استجابا لرغبته، مع أن «التيار» يتمتع بحضور متواضع في هذه الدائرة ذات الثقل السنّي وتتمثّل بـ6 مقاعد نيابية: 2 للسنة وواحد لكل من الشيعة والدروز والموارنة والأرثوذكس.

ولفتت المصادر السياسية إلى أن التعاون الانتخابي بين حركة «أمل» و«التيار الوطني»، حليفي حزب الله اللدودين، يقتصر على دائرة البقاع الغربي بخلاف الدوائر الانتخابية التي تتسع لتحالفهما برعاية «حزب الله»، وتحديداً في دائرتي بعبدا – المتن الجنوبي في جبل لبنان وبعلبك الهرمل، وقالت إن تعاونهما في هاتين الدائرتين يأتي في سياق تعاون الضرورة، رغم أن باسيل كان قد غمز بطريقة غير مباشرة من قناة حركة «أمل» بقوله في اللقاء الذي خُصّص لتسمية مرشّحي التيار إن هناك تحالفات لا تشبهه، وهي على نقيض مع تحالفه الاستراتيجي مع «حزب الله»، وإن كان يقوم من وجهة نظره على تبادل الخدمات السياسية.

وقالت المصادر نفسها إن «حزب الله» لم يوفَّق في جمع «أمل» و«التيار الوطني» في لائحة واحدة لخوضهما الانتخابات عن دائرة جزين – صيدا، وأكدت أن الحليفين اللدودين قررا الدخول في مبارزة انتخابية يغلب عليها طابع المنافسة الساخنة، وتحديداً حول التمثيل المسيحي في جزين لشغل ثلاثة مقاعد نيابية: اثنين للموارنة وواحد للكاثوليك.

ورأت أن العائق الذي حال دون تعاونهما الانتخابي في جزين يكمن في أن باسيل مضطر لمراعاة النائب زياد أسود وعدم التخلّي عنه لمصلحة النائب السابق أمل أبو زيد كشرط من «أمل» لتحالفه مع عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب إبراهيم عازار، على أن يكون المرشح الثالث على اللائحة النائب سليم الخوري المنتمي إلى «التيار الوطني»، وقالت إن استغناءه عن أسود سيُرتّب عليه مواجهة مشكلة، لما يتمتع به من حضور فاعل في جزين يفوق حضور زميله أبو زيد.

وأكدت المصادر نفسها أن باسيل سيواجَه بإصراره على تشكيل لائحة جزينية مشكّلة تتعلق بافتقاده إلى حليفين سُنّيين من صيدا، وقد يضطر إلى التعاون مع مرشحين متواضعين لا يؤمّنان له الحاصل المطلوب لزيادة حصّته في التمثيل النيابي، خصوصاً أن أسود وأبو زيد سيدخلان في مواجهة لكسب الأصوات التفضيلية، وقالت إن اللائحة المدعومة من بري وكتلة «التنمية» باتت جاهزة وتضم الماروني عازار والكاثوليكي جوزف حنا سكاف والسنّي نبيل الزعتري.

وفي المقابل يستمر التواصل بين رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» النائب أسامة سعد والرئيس السابق لبلدية صيدا لخوض معركتهما الانتخابية على لائحة واحدة على أن ينضم إليهما عن جزين كميل سرحال، وشربل مسعد، والعميد المتقاعد جميل داغر، فيما تنصرف الجماعة الإسلامية من خلال بسام حمود لترتيب أوضاعها تمهيداً لإيجاد الحليف الجزّيني، والأمر نفسه ينسحب على المرشَّحَيْن يوسف النقيب وحسن شمس الدين، وأيضاً على حزب «القوات اللبنانية» لضم مرشحين صيداويين على لائحته، إضافةً إلى الحراك المدني الذي ترشّح باسمه عدد من المرشحين الذين يواجهون مشكلة في توحيد صفوفهم بدءاً من عاصمة الجنوب.

وبالعودة إلى دائرة البقاع الغربي، فإن مراد حسم أمره بالتحالف مع القيادي في حركة «أمل» قبلان قبلان، ونائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، وطارق الداود، وشقيق النائب السابق فيصل الداود، إضافةً إلى مارون، فيما يبدو وبالتوافق مع حلفائه يميل إلى الإبقاء على المقعد السنّي الثاني شاغراً، إلا إذا حصلت تطوّرات قبل تسجيل اللائحة بصورة رسمية استدعت استكمالها بضم مرشح سنّي إليها.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة في البقاع الغربي أن «حزب الله» وإن كان من حيث المبدأ مضطراً لتجيير أصواته لحليفه الاستراتيجي قبلان فإنه ينزل بكل ثقله لتعويم مرشح «التيار الوطني» انتخابياً، وهذا ما يؤثر على الفرزلي.

وسألت المصادر السياسية إذا كان «حزب الله» سيوزّع أصواته فوق الطاولة بتأييده قبلان ومن تحت الطاولة بتأييده مارون والداود، خصوصاً أنه أعاد تشغيل ماكينته الانتخابية في هذه الدائرة لمصلحة الداود بالتنسيق مع «سرايا المقاومة» لعله يتيح له فرصة الفوز على منافسه عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور.

وكشفت عن أن النظام السوري استناداً إلى ما توافر من معطيات للحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي ينتمي إليه أبو فاعور أنشأ خليّة سياسية بالتعاون مع «حزب الله» لدعم الداود في مواجهة أبو فاعور، الذي يحظى بتأييد درزي يفوق التأييد الذي يتمتع به منافسه.

ورأت أن النظام السوري يستعين بـ«حزب الله» بالتعاون مع سرايا المقاومة كرأس حربة لمحاصرة أبو فاعور لتمرير رسالة إلى رئيس «التقدمي» وليد جنبلاط، ليثأر منه سياسياً على خلفية مواقفه المناوئة في آن معاً لهذا النظام ولمحور الممانعة بتحميله مسؤولية التصدّع الذي أصاب علاقات لبنان بدول الخليج العربي، لكنها استبعدت إمكانية توفير الشروط التي تتيح الفوز للداود ليكون في وسعه التعويض عن الخسائر التي مُني بها شقيقه النائب السابق في منافسته للنائب أبو فاعور.

أما على المقلب الآخر المتعلق بتشكيل اللائحة المنافسة للائحة مراد، فإن الاتصالات، كما تقول المصادر المواكبة، قائمة لتركيب لائحة مكتملة تتشكّل نواتها من النائب محمد القرعاوي وأبو فاعور على أن تُبصر النور قريباً، وهي تراهن على تأييد محازبي تيار «المستقبل» وجمهوره، خصوصاً أن القرعاوي ينتمي إلى كتلة «المستقبل» وليس عضواً في التيار الأزرق.

ورأت أن جمهور «المستقبل» يشكّل بيضة القبّان من وجهة نظر القرعاوي وأبو فاعور، وأن هناك إمكانية لاستيعابه لأنهما يخوضان معركة سياسية بامتياز تُعد واحدة من أهم المعارك الانتخابية، لأنها تتجاوز مَن هم في الداخل إلى النظام السوري، وهذا يستدعي تعبئة الناخبين ببرنامج سياسي متكامل لا مراعاة فيه للفريق الآخر لأن الأولوية يجب أن تُعطى لتعزيز مشروع الدولة على أي مشروع يتعارض وسيادتها على كامل أراضيها وحصر قرار السلم والحرب بيدها.

وكشفت عن أن النظام السوري يضع كل ما لديه من إمكانيات في خدمة بعض المرشحين على اللائحة المناوئة للائحة التي يرعى القرعاوي تشكيلها، حتى إنه بادر في اليومين الأخيرين إلى التغاضي عن إعادة فتح المعابر غير الشرعية لتهريب البضائع في المنطقة الحدودية بين البلدين في محاولة لتقديم رشى انتخابية للمهرّبين لحثهم على الاقتراع لمصلحة اللائحة المدعومة منه، وهذا ما يضع الحكومة أمام مسؤوليتها في إقفال معابر التهريب التي تحظى برعاية من لديهم نفوذ على الأرض في الداخل.