IMLebanon

الراعي وعون وواقع لبنان: صورتان وخطابان متناقضان؟!

صحيح ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اجرى السبت اتصالاً هاتفياً بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الموجود في القاهرة، خصص للتداول في عدد من المواضيع ولا سيما الزيارة التي سيقوم بها الرئيس عون ابتداء من الاحد (امس) الى الفاتيكان وروما، حيث التقى اليوم قداسة البابا فرنسيس وامين سر الدولة البابوية الكاردينال بييترو بارولين، ووزير الخارجية المونسنيور جان بول غالاغر.. غير ان هذا الاتصال لم يفض على ما يبدو الى توحيد او تنسيق للمواقف بين المركزين الاعلى مسيحيا في الداخل، روحيا وسياسيا، اذ تحدث كل منهما عن الوضع اللبناني، بلسانه وتعابيره الخاصة..

فلدى وصوله الى الكرسي الرسولي، قال عون امس: المسيحية في لبنان ليست في خطر، على ما يصر البعض على تصويره، مضيفا “إني أتطلع الى هذه الزيارة كبارقة امل لنؤكد من خلالها ان لبنان ليس بزائل، وهو سيبقى على الرغم من كافة الصعاب، وهي جسام، نموذجا للعيش معا، وفق ما يصر عليه جميع اللبنانيين. وما من احد في لبنان قاتل الآخر بهدف تغيير مذهبه الديني أو ايمانه. من هنا ما زلنا نعتبر اليوم لبنان مركزا للتلاقي في العالم بين المسيحية والاسلام بكافة طوائفهما، وكذلك ملتقى لمختلف الحضارات”.

غير ان هذا الكلام المفعم بالامل الذي اطلقه رئيس الجمهورية، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، يصرف النظر عن حقائق موجعة ومؤلمة عن واقع اللبنانيين عموما والمسيحيين ضمنا. فبالارقام ووفق الدراسات، الشعب بات في معظمه تحت خط الفقر والشباب والعائلات تهاجر بعشرات الآلاف حتى ما عاد الامن العام قادرا على تلبية طلبات الناس لجوازات السفر، كما ان احدث التقارير اظهر ان الشعب اللبناني ثاني أتعس شعب في العالم لهذا العام بعد شعب افغانستان…

وأشارت المصادر إلى أنه على الارجح، حديث عون في حاضرة الفاتيكان، سيبقى في هذا الاطار العريض حيث سيكتفي بعناوين عامة فضفاضة عن ان الانقاذ آت وعن انه مصر على الاصلاح، قبل ان يدعو الحبر الاعظم الى زيارة بيروت، علّ هذه الزيارة إن حصلت تساهم بعض الشيء في رفع أسهم العهد ومعنويات الشارع المسيحي المحبط من تجربة “الرئيس القوي”.

لكن في المقابل، كان البطريرك الراعي يضع من القاهرة الاصبع على الجرح، ويسمي الامور بأسمائها، متحدثا مع الرئيس عبدالفتاح السيسي عن ان لبنان ليس على ما يرام، ومشددا على اولوية الحياد كمدخل الى انقاذ البلاد من جحيم الازمات التي تتخبط بها، ومتطرقا بوضوح الى مشكلة سلاح حزب الله، بما انه احد ابرز مسببي العزلة الدولية والعربية للبنان، حيث توقف عند ضرورة ان يتعاون الخارج معنا في ايجاد حل لهذه المعضلة الاقليمية ولاعلان لبنان دولة حياد ايجابي ايضا… على اي حال، ليست المرة الاولى التي يحمل فيها الراعي هذه العناوين الى الخارج، رافعا لواءها ومطالبا بتطبيقها “لان لا خلاص من دونها”.

فبين مواقف سيد بكركي وكلام الرئيس عون، اي منهما يعكس اكثر الحقيقة والواقع الذي يعيشه اللبنانيون؟ الجواب واضح، ويكفي القاء نظرة سريعة على ما يحصل في المستشفيات والافران ومحطات المحروقات وفي قصور العدل حيث التهديدات بـ”قبع” هذا وذاك، لمعرفته، تختم المصادر.